ترقبٌ يشهده العالم قبل الموسم الكروي الجديد. الجميع ينتظر ما ستسفر عنه المعركة في الدوري الإنكليزي الممتاز، هناك حيث صراع المدربين سيكون مشتعلاً على أعلى مستوى.
جوسيب غوارديولا يريد الحفاظ على اللقب مع مانشستر سيتي، وجوزيه مورينيو يسعى للرد مع مانشستر يونايتد، أما ليفربول فيتابع دعم صفوفه بلاعبين مميزين تحت قيادة الألماني يورغن كلوب، فيما يتطلع أرسنال مع مدربه الجديد أوناي إيمري إلى إسعاد جماهير ملعب الإمارات، وهذا الأمر ينطبق على ماوريسيو بوتشيتينو، مدرب نادي توتنهام هوتسبر، لكن ماذا عن تشلسي الفريق اللندني ومدربه الجديد ماوريسيو ساري؟
لمحة سريعة
في حي فيليني فالدرنو بفلورنسا، نشأ ساري. قسّم وقته كلاعب كرة قدم هاوٍ وعامل في مصرف "بانكا مونتي دي باشي دي سيينا" في توسكانا.
كان ساري يعمل في الصباح بالمصرف، ثم يذهب لتدريبات كرة القدم بعد الظهر والمساء. في عام 1999 وبسنّ الأربعين عاماً انتقل ساري إلى عالم التدريب نهائياً، بعدما كان يحاول التوفيق بين الرياضة وحياته الاعتيادية، حين عمل مع أندية سيتا وفايلتزي وكافريا وأنتيلا.
في ذلك العام، حصل ساري على فرصته مع نادي تيغوليتو. صحيحٌ أن الفريق الذي تسلّمه يومها كان صغيراً ومحدود القدرات، لكنه قرر المخاطرة وتكريس حياته حصرياً لمسيرته التدريبية بترك عمله في المصرف.
بدأ ساري في تطوير نفسه، فتسلّم عدة مهامٍ، بداية من نادي سانسفينو مروراً بفريق سانيوفانيزي، إلى أن تسلّم بيسكارا في عام 2005، ليعمل بعدها مع أريتزو ثم أفيلينو وهيلاس فيرونا وبيروجيا وأليسندريا ومن ثم سورينتو وإمبولي وبعدها نابولي.
الوصول إلى نابولي ومن ثم تشلسي
في نابولي، عرف ساري "الحب"، وبرز كاسمٍ عاشقٍ للتكتيك، امتلك أسلوباً مختلفاً عن الكرة الإيطالية المتحفظة، لكنه كان يشبه المدينة التي جاء إليها، كان يشبه الفن الذي قدمه الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا. مع مرور الوقت، أرسى ساري أسسه في "البارتينوبي"، أعاد الأمل للجميع في الكثير من الأوقات، لكن الحلم كان يضيع في الأمتار الأخيرة، ليصل في نهاية الأمر إلى طريق مسدود مع رئيس النادي أوريليو دي لاورنتس.
بعد مفاوضات مع تشلسي الإنكليزي، وصل ساري إلى لندن. خرج للمرة الأولى ابن الـ59 عاماً من بلاده متجهاً إلى مهد كرة القدم والدوري الأسرع والأقوى على صعيد المنافسة المحلية.
في إنكلترا، الأسلوب مختلف، كل شيء مغايرٌ للكرة الإيطالية: اللاعبون، الإعلام، حتى الملاعب وصخبها، وطريقة المدربين وتكتيكهم والسرعة، لكن من يعرف ساري جيداً ومن تابعه يعلم أنه قادرٌ على مجاراتهم، حتى بيب غوارديولا اعترف، في وقت سابق، حين واجه ساري في دوري أبطال أوروبا بأن لقاءهما كان الأصعب في مسيرته.
يقول البعض إن ساري يمتلك فلسفة خاصة في اللعب، وهذا صحيح، حتى إنه يُذكرنا ربما بأريغو ساكي، المدرب الإيطالي السابق لنادي ميلان ومنتخب إيطاليا.
يتطلع رومان أبراموفيتش للاستفادة من ساري وقدرته على إخراج وإبراز روح المجموعة وعدم الاعتماد على نجم واحد في الفريق، أو حتى إبرام صفقات رنانة كما في السابق.
ويعلم الجميع ما حصل في الفترة الماضية مع رئيس نادي البلوز حين مُنع من دخول إنكلترا، وبالتالي فإن الصحافة العالمية تتحدث عن تراجع رغبته في دفع مبالغ خيالية لضم اللاعبين.
من المرجح أن يخسر ساري، منذ البداية وقبل انطلاق المنافسات، حارسه المميز تيبو كورتوا المرشح انتقاله إلى ريال مدريد بنسبة كبيرة، إضافة إلى الحديث الدائر عن البلجيكي الآخر إيدين هازارد الذي قد يرحل هو الآخر إلى الميرنغي، وبالتالي فإن المدرب الإيطالي خسر منذ البداية لاعبين مهمين في التشكيلة الأساسية.
ساري في تصريحات قبل أيام أكد أن الأخطاء التي حصلت في الماضي لا تعنيه، هو سيفكر في المستقبل وعملية بناء الفريق.
في الوقت الحالي، يمتلك ساري مهاجمين في الخط الأمامي، وهما الإسباني ألبارو موراتا والفرنسي أوليفييه جيرود. اسمان قد ضمهما المدرب السابق أنطونيو كونتي، ولا أحد يعلم حتى اللحظة نسب بقائهما، أقلّه الأول الذي من المفترض أن يكون هداف الفريق، في حين أن الثاني يلعب في معظم الأوقات دور الرجل البديل.
صحيحٌ أن ساري لم يحقق الألقاب في نابولي، لكن قدرته على توظيف المجموعة في تشلسي قد تهديه بطولة هذا الموسم في إنكلترا، فالأسماء التي يمتلكها لا يمكن الاستهانة بها في كافة المراكز، وتحديداً سيكون العمل كبيراً في وسط الملعب بالنسبة للمدرب الإيطالي، فهو يمتلك نغولو كانتي والصفقة الجديدة التي أتت معه من نابولي إلى لندن، وتحديداً جورجينيو، اللاعب الإيطالي الشاب، والذي يرى البعض أنه سيصبح أحد أفضل اللاعبين في مركزه، إضافة إلى الخبير فابريغاس.
تعلم جماهير ستامفورد بريدج أن طريق ساري مختلفة كلياً عن كونتي، الأخير له فلسفة خاصة في اللعب في التبديلات، وحتى تعاطيه مع المناصرين، الاحتفال الجنوني والجري نحوهم، معانقتهم والرقص إلى جانبهم بجنون، لكن الأمر مع ماوريسيو يختلف بشكلٍ كبير، وهو رجلٌ هادئ ومتزن، يفرح ضمن المعقول، أحياناً نراه في حالة نشوة زائدة، إلا أنه لن يكرر ما قام به كونتي أبداً.
تشير أرقام ساري مع نابولي إلى أن الهجوم دائماً هو السلاح الأول، فقد تفوق الفريق على يوفنتوس في العديد من الأوقات، إضافة إلى أنه نافس الأندية الأوروبية في الدوريات الخمسة الكبرى في هذه الناحية.
في الختام، أرقام فوز ساري مرتفعة للغاية، فخلال 147 مباراة مع نابولي فاز 97 مرة وخسر في 25 مناسبة وتعادل في مثلها، وبلغت نسبة الانتصار 65.9%، فكيف سيكون الحال مع البلوز؟
لماذا زولا؟
سيعمل جيافرانكو زولا في الموسم المقبل مساعداً لمارويسيو ساري في تدريب نادي تشلسي الإنكليزي، وهنا يتساءل البعض عن السبب. في البداية لا يجيد ساري الإنكليزية بطلاقة، ووجود مواطنه الإيطالي زولا إلى جانبه سيساعده كثيراً خاصة أن الأخير لعب في السابق في الدوري الإنكليزي وبقميص تشلسي، ثم عمل مدرباً لويستهام يونايتد لعامين، وكذلك واتفورد وبيرمنغهام سيتي لموسمٍ واحد، وبالتالي يعرف الأجواء جيداً ويتكلم الإنكليزية بطلاقة.