أنا زلاتان(14)..المراوغة التي ذهبت بمدافع ليفربول لشراء الهوت دوغ!

20 اغسطس 2015
+ الخط -


يستكمل"العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل سويّاً إلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.

أن أكون لوحدي، فهذا ليس بالشيء الكبير، فأنا نشأت لوحدي وتعلمت أن أعتني بنفسي منذ صغري، ولا زلت رغم ذلك أشعر بأنني الفتى الأروع في أوروبا كلها. لقد أصبحت محترفا، وتمت عملية بيعي بقيمة كبيرة جدا. لكن رغم ذلك، منزلي الجديد كان فارغا، لم يكن فيه أي شيء يشعرني بأنني في منزلي، بدأت أشعر بالغربة، وبدأت الأموال تقل معي ولم أعد حتى أملك ما يكفي لشراء الطعام.

في ذلك الوقت، فكرت بذلك الفتى البرازيلي الجديد الذي قابلته في المطار. كنّا مجموعة من اللاعبين الجدد في الفريق، أنا وميدو وهذا الفتى ماكسويل. لقد كنت أتسكع معهم، لكن فقط لأننا جدد في الفريق، فأنا أفضّل دائما البقاء بقرب السمر ولاعبي أميركا الجنوبية. لا أعلم، اعتقدت أنهم أكثر مرحا، أكثر هدوئا وأقل غيرة، كما كنت أعتقد حينها. الهولنديون في الفريق لم يريدوا سوى أن يخرجوا من فريقهم في أسرع وقت حينها والانتقال إما لإنجلترا أو لإيطاليا، كانوا يفكرون في الأمر دائما، فيما كان الأفارقة والبرازيليون سعداء لوجودهم في هذا المكان. وبمرور الوقت بدأ الشعور بالغربة في الزوال.

ماكسويل لم يكن مثل بقية البرازيليين، لم يكن ذلك الفتى المتهور الذي يحب الحفلات كثيرا، بل على العكس، لقد كان حساسا للغاية، رجل يهتم لأمر عائلته كثيرا، ويتصل بهم في كل الأوقات، كان مختلفا جدا عنهم، لكنه كان رجلاً متعاطفاً وطيباً، ظننت أنهُ يجب عليّ أن أحدّثه عن الأمر.

ـ "ماكسويل، أنا في أزمة، لا يوجد لديّ حتى الكورن فليكس في المنزل، هل يمكنني أن أتي للعيش معك؟".

- "بالتأكيد، تعال إلى هُنا فورا".

ماكسويل كان يعيش في أوديركيرك، محافظة بسيطة يقطنها حوالي 7 إلى 8 آلاف، ذهبت فورا إلى هُناك لأعيش معه، وأصبحت أنام على الأرض لمدة ثلاثة أسابيع تقريبا حتى استلمت أول دفعة من حصتي من مبلغ الانتقال، وفي الحقيقة لم يكن وقتا سيئا، كنت أنا وماكسويل نطبخ سويّا ونتحدث عن التدريبات وعن اللاعبين، وأيضا عن حياتنا القديمة في السويد والبرازيل. ماكسويل يجيد الإنجليزية ويتحدثها بطلاقة، لقد أخبرني عن عائلته وعن أخويه المقربين له كثيرا، أتذكر هذا لأنهُ بعد فترة بسيطة توفي أحد هذين الأخوين في حادث سيارة، كان أمرا حزينا جدا، لكنني فعلا أحببت ماكسويل. في منزله في البداية كنت أضع بعض الخطوط الحمراء أمامي، لكن بعد ذلك الأمور أصبحت رائعة واسترجعت ذلك الشعور الجيد، حتى أنني انطلقت بشكل مميز في تحضيرات الموسم، وسجلت العديد من الأهداف في المباريات التي لعبناها، وقمت بالكثير من المهارات، كما كنت أظن بأنني سأفعل.

أياكس كان فريقا مشهورا باللعب الممتع، لعب فني بحت، والصحف بدأت تكتب حينها: يبدو بأن هذا الفتى يستحق ما دفع فيه، في ذلك الوقت في الحقيقة شعرت بأن كور أدريانز كان صعبا في تعامله معي، لكنني اعتقدت أن هذه هي طريقة تعامله وشخصيته، فلقد سمعت الكثير عنه، كان بعد كل مباراة يضع لكل منّا تقييماً خاصاً من 10، أتذكر بعد إحدى المباريات التي سجلت فيها العديد من الأهداف قال لي "أنت سجلت 5 أهداف، لكنك أضعت عدة كرات، لهذا أعطيك 5". كنت أتقبّل الأمر وأستمر، وأنا متأكد بأنهُ لا يوجد أي شيء بإمكانه أن يوقفني، أتذكر أنني ألتقيت فتى لم يكن يعرفني.

- "هل أنت لاعب جيد؟".

ـ "ماذا؟ لست أنا من يجب عليه أن يجيب عليك".

ـ "هل تقوم جماهير الخصم بالتصفير ضدك".

ـ "كثيرا".

ـ "حسنا، إذا أنت لاعب عظيم".

لقد قال لي هذا الأمر ولم أنسَه فعلا. أولئك اللاعبون المميزون هم من يستقبلون صافرات الاستهجان والكلام البذيء، هكذا تسير الأمور. مع نهاية شهر يوليو/ تموز، بدأت دورة أمستردام الدولية، وهي دورة كلاسيكية شهيرة تشارك فيها فرق بمستوى رفيع، وفي ذلك الموسم، كنا نشارك مع ميلان، فالنسيا وليفربول، وهذا الأمر كان يبدو رائعا بالنسبة لي، كانت تلك هي فرصتي لأظهر نفسي لكافة أوروبا. لاحظت منذ ذلك الحين الفرق بين تجربتي الجديدة وبين السابقة في الدوري السويدي، في مالمو، كنت أتابع الكرة في كافة أنحاء العالم، الآن العالم كله سوف يتابعني، الأمور حدثت بسرعة لا تصدق.

في المباراة الأولى كنا سنواجه ميلان، الذي كان يعيش أوقاتا صعبة بعض الشيء في ذلك الوقت، لكنهم الفريق الذي سيطر على أوروبا في التسعينات، لقد كنت أحاول أن لا أكترث لحقيقة أن لديهم مدافعين مثل مالديني، لهذا لعبت بحماس كبير، قاتلت وحصلت على بعض الكرات الثابتة وقمت ببعض الحركات الجيدة، وحصلت على بعض التصفيق، لكن المباراة كانت صعبة للغاية، لهذا خسرنا بهدف دون مقابل أمام الميلان.

في المباراة التالية، واجهنا ليفربول الذي حصل في تلك السنة على ثلاث كؤوس، كان لديه أفضل دفاع في الدوري الإنجليزي بوجود ستيفان هينشوز وسامي هيبيا وهينشوز لم يكن يقدم موسما جيدا فحسب، بل إن الجميع كان يتحدث عن أنهُ أصبح مدافعا كبيرا وقادما، أتذكر أنهُ في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي قام بصد كرة من على خط المرمى بيده، وتلك حيلة لم يرها الحكم، ساعدت ليفربول على الفوز في النهاية، في تلك المباراة كان يراقبني هو وهيبيا، لكن مع مرور الوقت أخذت الكرة من زاوية الملعب، وانطلقت بها إلى منطقة جزاء ليفربول، واجهني هينشوز وقام بإغلاق المساحة امامي، كنت مضغوطا لكن كانت لديّ عدة خيارات، إما أن أعيد الكرة للاعبي الوسط، أو أن أحاول الانطلاق للمرمى، لهذا فكرت سريعا بأن أنطلق للمرمى بحركة أنفذها بقدم واحدة، حركة رائعة كنت قد تعلّمتها من متابعتي لرونالدو روماريو على الإنترنت، حركة "الثعبان".

بالتأكيد ليست حركة سهلة، يجب عليك أن يكون خارج قدمك خلف الكرة، كان يجب عليك أن تدفع بسرعة إلى اليمين، ومن ثم فجأة تقلب الاتجاه إلى اليسار، نفذتها ونجحت في الأمر، ومن ثم تم الأمر بكل سرعة، لقد قمت بتنفيذها مسبقا في مالمو وفي الدرجة الثانية في السويد، لكن أمام واحد من أفضل مدافعي العالم، هذا هو الأمر الكبير، كنت قد حاولت تجربتها أمام الميلان، لكن لم تتم بهذه الطريقة، كان من الممتع أن تقوم بهذه الحركة أمام مدافع مثل سانشوز، قمت بها، وهينشوز ذهب إلى اليمين ولم يتمكن من إبطالها، انطلقت وتركتهُ خلفي، كانت حركة أوقفت حتى جميع لاعبي الميلان الذين كانوا خارج الملعب يتابعون المباراة، ملعب الأرينا كان كلهُ يصرخ ويصفّق.

كان عرضا مميّزا، وبعد المباراة عندما أحاط بي الصحافيون وسألوني عن تلك الحركة، قلت هذه الكلمات، وأؤكد لكم بأنني لم أخطط لما قلته أبدا ولم أفكر فيه، فقط هي كلمات خرجت مني بسرعة، قلت لهم "أولا ذهبت إلى اليسار وذهب معي ثم ذهبت إلى اليمين وذهب معي، ثم ذهبت إلى اليسار مرة أخرى، وهو ذهب ليشتري هوت دوغ (نقانق)"، هذه الكلمات أحدثت صدى كبيراً حينها في الإعلام، والجميع كان يقتبسها. لقد كنت في أفضل حالاتي، وأتذكر أن هناك أخباراً ظهرت عن اهتمام الميلان بي حينها. كان الجميع يدعوني فان باستن الجديد، وكنت أشعر بشعور رائع في تلك اللحظات، يا إلهي، أنا رائع بالفعل. مع كل هذه الأمور، كان يجب أن تكون بداية الموسم عظيمة جدا لي.

في أياكس كانوا يلعبون بثلاثة مهاجمين، بعيدا عن خطة المهاجمين التي اعتدت عليها، كان يجب عليّ أن أكون في الوسط، وأن أترك الأجنحة للاعبي الأطراف، كان يجب أن أكون رأس الحربة الذي يلتقط الكرات ويسجل الأهداف خصوصا، في تلك الأيام كنت أتساءل عمّا إذا كانت المتعة هي ما يبحث عنهُ الهولنديون الآن. شعرت بأنهم بدأوا يتجهون لتقليد أسلوب اللعب الأوروبي المعتاد، وبالطبع كانت هناك إشارات لم أفهمها منذ البداية، كانت هناك العديد من الأشياء الجديدة عليّ. لم أفهم اللغة، ولا ثقافة المجتمع، كما أن المدرب لم يكن يتحدث معي، لم يكن يتحدث مع أي شخص في الحقيقة، كان يجلس بوجهه وعينيه تُشيران دائما إلى أن هُناك شيئاً ما ليس على ما يرام، لهذا بدأت أخسر مستواي بعض الشيء.

توقفت عن التسجيل، ولم أستفد من البداية العظيمة للموسم التي كانت في صالحي، بل إن جميع تلك العناوين الصحافية والمقارنات بفان باستن، انقلبت ضدي في ذلك الوقت. كانوا يرون بأنني أصبحت خيبة أمل، وصفقة سيئة، ولهذا تم استبدالي في الهجوم بنيكوس ماشلاس، مهاجم يوناني كنت أتسكع معه كثيرا. في ذلك الوقت عندما خسرت مستوياتي، بدأ الجنون يدب بداخلي، ما الذي فعلتهُ بشكل خاطئ؟ كيف يمكن أن أخرج من هذا؟ هذا أنا، وهذي هي طريقتي، لست ذلك الرجل الذي يتمشى بارتياح ويقول: أنا زلاتان، بل على العكس، أنا أشبه بذلك الفيلم الذي في كل لقطة يسأل فيها الممثل هل أفعل هذا أم لا؟ ثم أقوم بمراقبة الناس حولي. من هو الذي بإمكاني أن أتعلّم منه؟ ما هي الأشياء التي تنقصني عنه؟

أفكر بالأشياء الإيجابية والسلبية دائما، ما الذي يمكنني أن أفعله بشكل أفضل؟ كنت دائما أعود للبيت ببعض الأشياء التي تعلّمتها من التدريبات ومن المباريات، وهذا أمر صعب بكل وضوح، لأنني لم أشعر أبدا بالراحة، حتى عندما كان ينبغي عليّ الشعور بذلك، لكن هذا في النهاية ساعدني لتطوير نفسي. كان الأمر هو كالتالي: في أياكس علقت بهذه المفاهيم الجديدة، ولم يكن لديّ أحد أتكلّم معه، لا أحد.

اقرأ أيضاً:

أنا زلاتان(1)... غوارديولا اشترى فيراري واستعملها كـ"فيات"!
أنا زلاتان(2)...عندما صرخت بوجه غوارديولا "أنت تخاف من مورينيو"!
أنا زلاتان (3).. سرقة الدراجات والطفولة القاسية
أنا زلاتان(4)..بدون الكرة لكنت مجرماً..وعندما قررت تقليد محمد علي
أنا زلاتان (5)...عندما صرخت "كلكم حمقى، وكرة القدم حماقة"
أنا زلاتان (6)... عندما تعلمت تقليد مهارات البرازيليين
أنا زلاتان (7).. رحلة الصعود للفريق الأول مع مالمو
أنا زلاتان (8).. ما الذي حدث في هذه الحياة؟
أنا زلاتان (9)... الدرجة الثانية ونقطة التحوّل
أنا زلاتان(10)...الهدف الذي أذهل أياكس لدفع 85 مليون كراون!
أنا زلاتان(11).. مواصلة التألق قبل الرحيل لأياكس
أنا زلاتان(12).. البداية مع السويد ومواصلة رحلة التمرد
أنا زلاتان (13).. نهاية رحلة مالمو ووداع بطريقة سيئة

المساهمون