وكانت الهتافات العنصرية تجاه لاعب يوفنتوس، مويز كين، خلال مباراة فريقه أمام كالياري، يوم الثلاثاء، قد لاقت انتقادات كبيرة في مختلف أنحاء العالم، إذ عاش زميلاه في السيدة العجوز، الفرنسي بليز ماتويدي والبرازيلي أليكس ساندرو، الموقف عينه، نظراً لبشرتهما السوداء.
جماهير كالياري أطلقت هتافات تُشبه أصوات القردة تجاه كين وزملائه، وهي ليست الحادثة الأولى في إيطاليا ولا حتى في أوروبا، التي تشهد العديد من الحالات، في إنكلترا على سبيل المثال وكذلك روسيا.
قضية مويز انتشرت بشكلٍ أكبر، بعد تعامل المدرب ماسمليانو أليغري والمدافع ليوناردو بونوتشي مع الأمر، حينما أكد الاثنان أن عليه التعلم والتصرف بشكل مختلف "أعتقد أن الخطأ مشترك 50-50 على كلّ طرف"، ليعود مدافع ميلان السابق إلى إطلاق تصريحٍ جديد، محاولاً تبرئة ساحته بعد الانتقادات اللاذعة: "بعد 24 ساعة، أرغب في توضيح الأمور، ما قلته فُهم بشكلٍ خاطئ، ربما تسرعت في طريقة التعبير، ساعات وأعوام لن تكفي للحديث عن هذا الموضوع، أنا أدين بشدة كلّ أشكال العنصرية والتمييز".
تعليقات
الهتافات العنصرية التي تعرّض لها كين، البالغ من العمر 19 عاماً، دفعت العديد من اللاعبين إلى دعمه، أو حتى انتقاد ما قاله بونوتشي وأليغري وحتى موقف يوفنتوس. وخرج الإنكليزي رحيم ستيرلينغ، الذي عانى كثيراً من العنصرية، آخرها في مباراة إنكلترا أمام مونتينيغرو في تصفيات يورو 2020 الشهر الماضي، ليرد على تصريحات بونوتشي بالقول: "كلّ ما يُمكن القيام به حالياً هو الضحك".
من جانبٍ آخر، علق ماريو بالوتيلي على الصورة التي وضعها كين على حسابه في إنستغرام: "برافو! وأخبر بونوتشي أنه محظوظ لأنني لم أكن هناك، بدلاً من الدفاع عنك فعل ذلك؟ يا إلهي، لقد صُدمت صدقاً. أنا أحبك يا أخي".
في المقابل، شجب الإيفواري ياياه توريه ما حصل بالقول: "صدمت عندما رأيتُ ما حصل، والمدرب يقول إن كين لم يكن عليه أن يفعل ما فعله، أريد أن أرى ردّة فعل الاتحاد الإيطالي". بدوره، دعم رئيس الاتحاد الفرنسي نويل لو غريت، في بيان رسمي، كين وماتويدي بالقول: "هذه الإهانات العنصرية مرفوضة".
تاريخٌ مع المعاناة
تعرّض العديد من لاعبي كرة القدم ذوي البشرة السوداء في إيطاليا لمضايقات عنصرية منذ سنواتٍ طويلة؛ ففي موسم 1992-1993 عاش اللاعبان الهولنديان، رود خوليت وأرون وينتر، هذا الموقف، ما دفع العديد من الأطراف إلى دعمهما من أجل محاربة هذه الآفة، فرفعت يافطات في الملاعب، يوم 13 ديسمبر/ كانون الأول 1992، كتب عليها "No Al Razzimo"، بما يعني "لا للعنصرية"، وكان ذلك في جميع مباريات الدرجتين الثانية والأولى. واشتكى الإنكليزي بول آينس من الانتهاكات العنصرية العلنية خلال فترة وجوده في صفوف فريق إنتر ميلان بين عامي 1995 و1997.
ولا تقتصر الهتافات العنصرية المؤذية على اللاعبين ذوي البشرة السوداء، ففي يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2005، حاول ماركو زورو إيقاف مباراة فريقه ميسينا أمام إنتر بنفسه، عن طريق الخروج من الملعب حاملاً الكرة، بعد انتهاكات من قبل المؤيدين لنادي إنتر. عاد حينها زورو إلى أرضية الملعب بعدما أقنعه العديد من اللاعبين بذلك، لا سيما البرازيلي أدريانو. لتلقى هذه الحادثة يومها إدانات جماعية في كلّ أقطار عالم كرة القدم وداخل إيطاليا، فتمّ تأخير مدّة المباريات في الأسبوع التالي بالدوري 5 دقائق، احتجاجاً على ما حصل ومناهضة للعنصرية.
نصل بعدها إلى شهر إبريل/نيسان 2009، حين تعرّض ماريو بالوتيلي، لاعب إنتر يومها، لهتافات عنصرية من قبل مشجعي يوفنتوس، على الرغم من أنه إيطالي من أصول غانية، ليتم حرمان الفريق من جماهيره لمباراة واحدة. وفي يورو 2012، عاش اللاعب الموقف عينه، حين وقع ضحية هتافات "أصوات القرود" ضد إسبانيا، وبعد انتقاله من ميلانو إلى ليفربول في أغسطس/ آب 2014، كان هدفاً لأكثر من 8000 تعليق عنصري مسيء على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي 3 يناير/كانون الثاني 2013، خرج لاعب خط وسط ميلان آنذاك كيفن برينس بواتينغ، وكذلك بقية زملائه في ميلان من الملعب، في وقتٍ مُبكر من مباراة ودية أمام فريق مغمور في البلاد يُدعى "بات بوريا"، بسبب تعرّضه للإساءة من مشجعي الأخير.
ويوم 11 مايو/ أيار 2014، تم إلقاء الموز على كيفين كونستانت، لاعب نادي ميلان، وزميله الهولندي نايجل دي يونغ، من قبل مشجعي أتلانتا بعد تجرّعهم مرارة الهزيمة في سان سيرو بهدفين لواحد. وتم تغريم أتلانتا، في وقتٍ لاحق، بمبلغ 40000 يورو. وفي الفترة الأخيرة، عاش اللاعب السنغالي كاليدو كوليبالي موقفاً مؤذياً، بعدما هاجمته جماهير نادي إنتر ميلان ووجهت إليه انتقادات عنصرية، ليخرج ويصرح: "فخورٌ بلون بشرتي، بأنني فرنسي، سنغالي ومن نابولي".
وحين تعرّض كوليبالي لصيحات القردة، أكد المدرب كارلو أنشيلوتي أنه طلب في أكثر من مناسبة إيقاف المباراة، إذ فقد اللاعب أعصابه بسبب هذه الضغوطات وتعرّض للطرد في وقتٍ لاحق. وطالب حينها أنشيلوتي الاتحاد الإيطالي بعدم السماح لإنتر باللعب في أرضه سان سيرو لثلاث مباريات. مع العلم أن هذه الحادثة لاقت كذلك دعماً من لاعبين كثر، فقال الجزائري فوزي غلام لزميله في نابولي: "من المؤسف سماع عبارات عنصرية أخي"، فيما صرّح حينها عمدة ميلانو، جوزيبي سالا، بأنه خجلٌ بسبب هذه الواقعة.