(كتاب ميسي 2) الجدة سيليا وملعب جراندولي

17 فبراير 2016
+ الخط -


كان ليو يرغب في لعب الكرة دائما سواء في الميدان أو في الشارع، وحده أو مع أقاربه، ومع فريق وبزي رياضي كامل أيضاً، لذا حينما بلغ عمره خمس سنوات أدهش الجميع، وقبل ارتياده المدرسة بدأ في اللعب لفريق الحي الذي كان يعرف باسم جراندولي، والذي أسسته مجموعة من الآباء عام 1980 لتأهيل الفتية الصغار في المنطقة.

يعود جانب كبير من الفضل في هذا لجدته سيليا التي كانت دائماً ما تصطحبه لملعب جراندولي لمشاهدة شقيقيه ماتياس ورودريغو يلعبان، وليس هذا فحسب بل إنها كانت السبب الرئيسي في انضمامه لذلك النادي الشعبي الصغير.

في أحد الأيام كانت الجدة سيليا بصحبة ميسي في ملعب جراندولي حيث كان سلفادور ريكاردو أباريسيو، مدرب فريق مواليد 1986، والذي سيصبح لاحقا أول مدرب لليو، ينقصه لاعب لبدء مباراة، وهنا بدأت الجدة في الصراخ "اسمح له باللعب، ضعه في الفريق! اسمح له باللعب".

نظر أباريسيو لضآلة حجم ميسي صاحب الخمس سنوات، والذي كان يصغر لاعبي هذا الفريق جميعا بعام ثم قال "حسنا سأدخله ولكن إذا بدأ في الصراخ والبكاء والخوف سيخرج".. الحقيقة أن ما رآه السيد أباريسيو لم يكن رائعا في البداية، فمع أول كرة مررت لليو تركها تعبر من جانبه دون أن يفعل شيئا.

رفع أباريسيو حاجبيه وكأنما يقول "كنت على حق"، ولكن ما رآه في ثاني كرة وصلت لميسي كان أغرب.. الكرة تصل له ثم يأخذها وينطلق ليراوغ كل من في طريقه، كما يفعل في يومنا هذا، يقترب من المرمى والمدرب يصرخ "سددها يا ليو، سددها!" ولكن ليو لا يسدد لتخرج الكرة.. نظرة واحدة من أباريسيو لابتسامة الجدة سيليا بعد هذا الأمر جعلت ميسي لاعبا في كل ما تبقى من مباريات العام لجراندولي في فريق تلك الفئة العمرية الأكبر منه في السن.

يقول أباريسيو عن ميسي "أنا لم أكتشفه، بل كنت أول من أدخله الملعب، بالنسبة لي هذا أمر يدعو للفخر، لقد كان يسجل ستة أو سبعة أهداف في كل المباريات، كان يتمركز في منتصف الملعب وينتظر تسديد حارس الخصم للكرة ثم يقطعها وينطلق للمراوغة، لقد كان شيئا خارقا للطبيعة، كان الكل يتجمع من أجل مشاهدته، كان رهيبا ولم يقدر أحد على إيقافه.. كيف كان يلعب؟ مثل الآن! بكل حرية، إذا ما تتعرض للضرب ربما كان يبكي ولكنه كان ينهض سريعا من أجل مواصلة اللعب".

يوجد من يعجبه القول على سبيل الاستفزاز إنه يجب رؤية إذا ما كان ميسي قادرا على التألق يوم الأربعاء ليلا في شتاء ثلجي ومبتل في مباراة بمدينة ستوك الإنجليزية.. ربما يجب على هؤلاء رؤية الملعب غير المستوي والأحجار وقطع الزجاج الصغيرة التي كانت موجودة في أرض جراندولي، والذي كان يمكن اللعب فيه ليلا فقط، على الرغم من الإضاءة المنخفضة الموجودة به، لأنه نهاراً يستخدم كمدرسة.

يقول ميسي عن الجدة سيليا في حوار مع صحيفة (الموندو ديبورتيفو) "لقد كانت طيبة للغاية، تعيش من أجل أحفادها، لم تكن ترفض لنا طلبا، كنا نتشاجر جميعا للنوم في منزلها، لا أعرف إذا ما كانت جدتي تفهم في كرة القدم أم لا، ولكن هي من كانت تصحبنا جميعا للتدريبات، لقد كانت أول مشجعة لي في التدريبات والمباريات".

يعترف ليو بفضل الجدة سيليا عليه كثيرا؛ لذا فإن إصابتها بالزهايمر ووفاتها في 1998 حينما كان ميسي على وشك إتمام عامه الحادي عشر أثرت عليه كثيرا، خاصة أنها كانت أحد الأسباب الرئيسية في علاقته المستمرة بكرة القدم.. لقد كان رحيلها أشبه بانتزاع جزء من روحه.

لم تشاهد الجدة سيليا أي من أمجاد ميسي اللاحقة، ولكن ليو الذي يؤمن بوجود الرب دون ممارسة أي شعائر يظن دائما أنها تراقبه من مكان ما في السماء؛ لذا يرفع إصبعيه دائما لأعلى عقب تسجيل الأهداف كأنما يقول لها "كل هذا من أجلك".

ميسي بنفسه تحدث عن هذا الأمر في حوار مع صحيفة (الموندو ديبورتيفو) حيث صرح "أفكر كثيرا فيها، لهذا أهدي الأهداف التي أحرزها لها، كنت أتمنى أن تتواجد هنا وتشاهدني أنتصر، ولكن هذا الأمر لم يحدث وهو أكثر ما يحزنني".

لم تكن الجدة سيليا وحدها هي صاحبة التأثير في حياة ميسي، بل والده خورخي كذلك، والذي فشل في أن يصبح لاعبا محترفا ولكنه نقل الشغف بكرة القدم لكل أولاده، حتى إنه درب ميسي في فريق مواليد 1987 بجراندولي وفاز معه بكل شيء في العام الوحيد الذي عمل فيه كمدير فني قبل أن ينهي علاقته بالنادي الصغير.

اقرأ أيضاً
(كتاب ميسي 1).. ميسي الذي نجا من الموت جنيناً