معتوق لـ"العربي الجديد": لا أحد يفكر بـ"البلد" وإيقاف الدوري جريمة

17 فبراير 2020
النجم اللبناني حسن معتوق (Getty/العربي الجديد)
+ الخط -
"إنها جريمة بحق كرة القدم". هكذا وصف النجم حسن معتوق، قائد منتخب لبنان لكرة القدم، في حديث خاص لصحيفة "العربي الجديد" قرار اتحاد الكرة في بلاده بإيقاف النشاط الكروي، على خلفية الحراك الشعبي المطالب بتوفير حياة كريمة للبنانيين، الذي يعيشه لبنان منذ 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. 

ودعا الهداف المميز حسن معتوق، الذي حضر مع فريقه الأنصار في الدوحة بمعسكر إعدادي لبطولة كأس الاتحاد الآسيوي، إلى العودة لمزاولة النشاط الكروي فوراً وبالصيغة التي يراها اتحاد الكرة مناسبة لذلك، متخوفاً على الأجيال الصاعدة من تداعيات الإيقاف. وفي ما يأتي نص الحوار:

* نعلم أن هناك ظروفاً قاهرة في لبنان، خصوصاً مع توقف الدوري. كيف تقبلت الفكرة، وكيف تعامل نادي الأنصار مع هذا الوضع؟

جرت إدارة الأمور بطريقة جيدة في نادي الأنصار. هو نادٍ واضح، ورئيس النادي نبيل بدر كان صادقاً مع اللاعبين. المشاكل وقعت على الجميع، والكل يجب أن يتقبل هذا الأمر. طرح رئيس النادي صيغة معينة على اللاعبين، وتقبّل الجميع الفكرة من دون تفكير، والسبب هو عامل الثقة، وهذه فترة مؤقتة، ومزعجة للجميع. أكرر، الأنصار كان صادقاً مع نفسه ومع هذه اللعبة، ولم يترك هذه اللعبة كما فعل غيره، وهذا موقف يُحسب للأنصار، لأنه هو من ساهم في بقاء كرة القدم في لبنان.

* برأيك، لو اكتمل الدوري اللبناني لكرة القدم، فهل كان فريق الأنصار قريباً من حسم اللقب؟

لقد مرّ الفريق في فترة انعدام وزن، وخسرنا في نهائي كأس النخبة ثم كأس السوبر. لم يكن الفريق بوضعه الطبيعي، لكن خلال الدوري والمراحل الأولى التي لُعبت، عاد الفريق إلى وضعه الطبيعي، وقدم أداءً جيداً. وفي الأساس، لقد كوّن الأنصار فريقاً ليكون منافساً قوياً على الألقاب. وبرأيي الخاص، إن الفريق بهذه المجموعة، وبهذا الاستقرار، كان قادراً على إحراز البطولات، ونحن نشارك اليوم في كأس الاتحاد الآسيوي.


* هل ترى أن مبررات الاتحاد اللبناني لكرة القدم بإيقاف مسابقة الدوري مقنعة للجميع؟

إنها جريمة بحق اللعبة بشكل عام، والأندية واللاعبين. ما حصل ليس سهلاً على الإطلاق. لم نرَ سابقاً في أي بلد أن كرة القدم توقفت، أو أن موسماً لم يُستكمَل. لا أعلم كيف اتخذ اتحاد الكرة قراراً كهذا. هناك مستقبل اللعبة واللاعبين، وهناك أيضاً اللاعب الصغير الموهوب من عمر عشر سنوات إلى خمس عشرة سنة. ماذا سيفعل كل هؤلاء بهذه الحالة؟ لقد كان قراراً مزعجاً ومضراً، والوقت لم ينتهِ، والفرصة موجودة. أتمنى أن يعود الاتحاد عن قراره، وأن "يصحوا" على هذا الأمر، ويعيدوا اللعبة بأي طريقة، ولو اقتضى الأمر تطبيق القوانين التي يرونها مناسبة، المهم ألّا تتوقف كرة القدم في لبنان.

* ما هي رؤيتك للوضع العام في لبنان (خارج كرة القدم)، وهل تتفهم مطالب الناس أيضاً التي خرجت للشوارع محتجة؟

الأمر واضح، الكل يعاني في لبنان. نحن لسنا ضد حالة الاعتراض، لكن أيضاً نحن نعيش من وراء الرياضة ونتنفس من الرياضة. ومن غير المقبول أن تتوقف الرياضة بهذا الشكل. هناك مستقبل اللعبة، هناك عائلات ولاعبون يعتاشون من وراء الرياضة، وكرة القدم تحديداً. لا يمكن القول: "ما في شي بيمشي بلبنان في وقت الثورة، بهذه الطريقة سيكون الأمر مضراً أكثر مما هو مفيد".

* إلى أي مدى أثّر توقف النشاط على منتخب لبنان لكرة القدم في التصفيات المزدوجة الآسيوية المؤهلة إلى كأس أمم آسيا وكأس العالم في قطر 2022؟

في التصفيات المزدوجة، لعبنا مع كوريا الجنوبية ثم كوريا الشمالية، من دون مباريات دوري بعد التوقف لمدة شهر ونصف. لم يكن لدينا النفَس الكافي للياقة البدنية. وجدنا صعوبة في مجاراة المنتخب الكوري الجنوبي، لكن رغم ذلك حققنا نتيجة إيجابية. كنا بحاجة إلى الفوز على كوريا الشمالية في لبنان حتى نحسّن من حظوظنا، لكن بالمقابل كان الدوري عندنا متوقفاً، وكل شيء متوقف. لا أحد يعرف ماذا سيحصل مستقبلاً وإلى أين سيصل منتخب لبنان في ظل وضع كهذا. كان الوضع مُضراً على المنتخب. نتمنى على اتحاد الكرة أن يباشر بالدوري قبل شهر آذار/ مارس المقبل، حتى نعود إلى الأجواء من جديد.

*متى سيُصبح في لبنان أرضية سليمة لكرة القدم، وما المتطلبات لذلك؟

أعلم أن الكلام الذي سأقوله صعب التنفيذ، لأن لا أحد يفكر في اللعبة حالياً، وأساساً لا أحد يفكر في البلد، فكيف في اللعبة؟! ليس هناك أرضية لهذه اللعبة، ليس هناك مقومات تساعد على التطوير. اللاعب اللبناني "موهوب"، يصل إلى عمر معين يكون خلاله بحاجة للتطور، لكن الأمر يتوقف. الموهبة وحدها لا تكفي، يجب أن يتطور اللاعب. اللاعب بحاجة للعب على مستوى عالمي لكي يتطور. هذه كرة القدم الحقيقية، وهذا كله غير موجود في لبنان.

* إذاً، برأيك ما هو المطلوب من أجل قطف ثمار هذا التطور المنشود؟
بالتأكيد، يجب أن تنفق الأموال، لكن هذا لن يكون كافياً من دون تخطيط. يجب وضع خطة طويلة الأمد. على سبيل المثال، أضع هدفاً أسعى إلى الوصول إليه بعد خمس سنوات. أكبر دليل على كلامي ما حصل مع منتخب قطر، المنتخب العنابي المتوافر حالياً هو المنتخب الذي كان قد تأسس معظمه في أكاديمية أسباير الشهيرة التي تُعنى بإنشاء اللاعبين والواعدين والنجوم. تواجدوا معاً لفترة طويلة حتى وصلوا إلى هذا المستوى، وهذا كله بسبب التخطيط الطويل، وبسبب إنفاق الأموال وتأسيس ملاعب جيدة.

ما هي رسالتك إلى اتحاد كرة القدم اللبناني؟

جُلّ ما أريده من الاتحاد اللبناني لكرة القدم، أن يُعيد إلينا الدوري. أطلب منهم العودة عن هذا القرار الذي يقتل اللعبة. لا يمكنهم القول إن العام المقبل سيقام الدوري، فالتوقف لمدة عام يعني العودة 10 سنوات إلى الوراء. أرجو أن يفكروا في مستقبل الأطفال وصغار السن الموهوبين وفي العائلات الموجودة. يجب أن يعلم اتحاد كرة القدم اللبناني أنه مسؤول عن كل هؤلاء.


لقد مررت بمشاكل عديدة في أثناء لعبك مع فريق النجمة، هل لك أن تذكر لنا أسباب هذه الأزمات؟

إنه التخبط. كان هناك تخبط إداري وعدم استقرار والعديد من المشاكل التي كانت حاضرة، وأنا أتحدث عن الموسم الثاني، وليس عن الموسم الأول الذي كان متميزاً. العام الثاني كان مليئاً بالمشاكل، والمشاكل أفرزت نتائج سلبية، لا يمكن أن تحقق نتائج في ظل أجواء من عدم الاستقرار.

... وماذا عن الوضع في فريق الأنصار (الغريم التقليدي للنجمة)؟

أنا حالياً مرتاح مع الأنصار. كنت أتمنى أن يكتمل الدوري حتى نقدم ما هو مطلوب ومتوقع منا. لكن بصرف النظر عن عدم اكتمال الموسم، يمكن القول إن التعاطي معي ومع جميع اللاعبين يعتبر ممتازاً، وهناك احترام متبادل، فضلاً عن الاستقرار الموجود، وهذا ما يطلبه اللاعب.

بعيداً عن احترافك في الخليج، أين كنت تتمنى أن تحترف عالمياً، وفي أي دوري أوروبي ترى نفسك؟

بالنسبة إليّ، لو خرجت باكراً لكان الوضع متاحاً بطريقة أفضل. وبصراحة، تمنيت لو بقيت في ألمانيا. كنت أرى نفسي ربما في الدوري الألماني، على الأقل.



من تراه خليفتك في الملاعب؟

هناك لاعب النجمة علي الحاج. بصراحة، هو لاعب موهوب وأشعر بأنه يشبهني في طريقة لعبه. أعتقد أن لديه مستقبلاً كبيراً إذا بقيت اللعبة ولم تتوقف. أنا واثق من أن هذا اللاعب سيتطور وسيحترف خارجياً.

هل ترى أن المستقبل قد يحمل معه سطوعاً لنجوم لبنانيين في أوروبا مثل رضا عنتر ويوسف محمد؟

بصراحة شديدة، أرى أن الأمور صعبة حالياً. اللاعب لا يتطور في لبنان. نحن نلمس مشاكل كبيرة في أندية الدرجة الأولى، فما بالك بالفئات السنية التي يتكون فيها اللاعب على أسس سليمة؟ أكررها، لا بيئة سليمة لكرة القدم حتى يتطور اللاعب في لبنان قبل أن يحترف خارجه. إذا بقيت الأمور على ما هي عليه، أرى أن الأمور مستحيلة.


حسن معتوق، أنت اليوم بعمر الثانية والثلاثين عاماً، هل فكرت في وجهتك بعد اتخاذ قرار الاعتزال؟

لا يمكن أن أحدد الآن ما إذا كنت سأكمل مسيرتي في عالم كرة القدم. لا يمكن أن أقرر إلا بعد آخر سنة لي في الملاعب، خصوصاً أنني أرى نفسي لاعباً، ومن الصعب أن أتطلع من الآن إلى التدريب أو العمل في الإدارة. لكن ثمة رغبة مستقبلية بتأسيس أكاديمية، وأن أتمكن من مساعدة الصغار، وتطويرهم، ولو بنسبة بسيطة. الأهم أن تعمل بصدق وإخلاص مع الصغار، وأن تصل بهم إلى مكان ما، ولو بنسبة 1%.

سؤال أخير، هناك من يتحدث عن فساد في الكرة اللبنانية، هل تتفق مع هذا الرأي؟
أختصر هذا السؤال بالقول: "عندما تتحسن أوضاع كرة القدم، ستتحسن الأجواء والبيئة، الفساد يأتي بسبب الأجواء المحيطة، واللاعبون يتضررون من ذلك".

المساهمون