أنا زلاتان (33)..صراع الهداف..وبالوتيلي الحقير..وفرحة مورينيو

20 سبتمبر 2015
+ الخط -

يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كُتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل سويّاً إلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.

كان من الصعب تجاهل ذلك، مهما حدث. كنت في أفضل حالاتي، والأحاديث استمرت، هل سيبقى؟ هل سيرحل؟ هل سيكون هناك نادٍ مستعد للدفع من أجله؟ كل ذلك وأنا كنت متخوّفا من أن ينتهي الأمر دون أي جديد، وأصبح ذلك اللاعب الذي بقي في النادي وذيلهُ بين قدميه، كان لعبة توتر وضغوطات، اتصلت بمينو: هل هناك أي عروض؟ هل حدث شيء جديد؟ لم يحدث شيء جديد، التوتر ازداد وأدركت أن من سوف يتعاقد معي، سيحتاج لأن يدفع رقما قياسيا، حتى يحدث ذلك. حاولت أن أغلق أذني وعينيّ عن كل وسائل الإعلام وقصصها المثيرة عني، لكن الأمر لم يكن سهلا، ليس وأنت في قلب الحدث. كنت على اتصال دائم بمينو، وكنت أميل أكثر لبرشلونة. البرسا كان قد فاز بدوري أبطال أوروبا على المان يونايتد بهدفي ميسي وإيتو في الأولمبيكو، قلت لنفسي: يا لهذا النادي، عدت واتصلت بمينو، ولكن إجابته كانت محبطة.

لكن بالتأكيد مينو كان يقتل نفسه من أجل إتمام ذلك الأمر، ليس فقط لأنه يقاتل دائما من أجلي، لكن لأن ذلك العقد هو الذي لطالما حلمنا به سويّاً وبالتأكيد، نحن لم ننتهِ من شيء بعد، قد تنتهي الأمور بأسوأ طريقة ولا يحدث شيء ويكون كل ما كسبناه هو إزعاج الجماهير والإداريين، لكن أيضا تلك الصفقة قد تكون الأكبر في التاريخ. حينها كنت مستمراً باللعب، وكنت قريباً من الفوز بلقب هداف الدوري. أن تحصل على جائزة "الكابوكانونييري"، فهذا شيء يدخلك لكتب التاريخ. لم يفز أي سويدي بذلك اللقب منذ نوردال في عام 1955، وفي هذه المرة أنا قريب من الفوز به، لكن لم يكن هناك أي وضوح حول الأمر، أبداً، قمنا بتأمين لقب الأسكوديتو، لكن لقب الهداف كان هناك أمامي. دي فايو ودييغو ميليتو متساويان بعدد الأهداف. لقب الهداف ليس من عمل مورينيو ولا علاقة له به بشكل واضح، فهو يدرب الفريق، لكن رغم ذلك وقف في غرفة الملابس في أحد الأيام وقال "الآن نريد أن نرى إبرا يفوز بلقب الهداف أيضا"، وهذا أصبح الهدف، الجميع كان يريد أن يساعدني على فعل ذلك، الكل أعرب عن ذلك بوضوح.

لكن بالوتيلي، ذلك الحقير، في أحد المباريات حصل على الكرة في منطقة الجزاء، تقدمت بجانبه أركض، كنت في مكان مثالي جدا للتسجيل، لكن بالوتيلي لم يمرر لي وفضّل المراوغة، نظرت له: "ما هي مشكلتك؟ ألن تساعدني في هذا؟"، غضبت، لكن لا مشكلة، اللاعب كان مجرد شاب، سجل هدفا ولا يمكنني أن أبدأ في لومه، لكنني كنت غاضبا بالفعل، الفريق بأكمله كان غاضبا: اللعـنة، تسدد من ذلك المكان وإبرا متمركز بطريقة رائعة؟ لكنني لم أهتم بعد ذلك، ما دام الأمر يسير بهذه الطريقة، سحقا للقب الهداف، شكرا بالوتيلي، سأتجاوز عن الأمر.

سجلت هدفا في المباراة التالية، وقبل اللقاء الأخير كانت الوضعية أشبه بفيلم رعب، كنت أنا ودي فايو في المقدمة بـ23 هدفا، وخلفنا مباشرة دييغو ميليتو بـ22 هدفاً. الصحف علّقت وكتبت الكثير عن الصراع: من سيفوز؟ كان ذلك في 31 من مايو/ أيار، الأجواء كانت حارة جدا، الدوري حُسم منذ مدة طويلة، لكن رغم ذلك كانت الأجواء متوترة، فمع بعض الحظ، قد تكون تلك المباراة هي وداعيتي لكرة القدم الإيطالية، أملت بذلك، لكن لم تكن لدي أي فكرة عن الذي سوف يحصل، سواء كانت وداعيتي أم لا، أريد أن أقدم لقاءً مذهلا وأن أحسم لقب الهداف لصالحي. اللعـنة لن أنهي مسيرتي هُنا بمباراة متواضعة، لكن أيضا الأمر ليس عني وحدي، دي فايو وميليتو لديهم نفس الطموح، كانوا سيلعبون في نفس الوقت، بولونيا ضد كاتانيا، وجنوى ضد ليتشي، لم تكن لدي شكوك في الحقيقة: هؤلاء الملعونين سوف يسجلون بالتأكيد.

كان يجب علي ان أرد وأسجل أنا أيضا، لكن الأمر لم يكن سهلا خاصة في عملية الهدف الأول، الهداف يدرك ذلك، ربما لم يكن عليّ التفكير بطريقة التسديد، فالحركة حينها أمر غريزي، لكن فقط كان يجب علي أن أسدد الكرة على المرمى. ومنذ البداية، كان واضحا أن اللقاء الأخير ضد أتلانتا سيكون مفتوحا، فالنتيجة تشير إلى 1-1 بعد دقائق قليلة من البداية، في الدقيقة 12 كمبياسو مرر كرة طويلة لي، كنت على خط واحد مع المدافعين، كنت على وشك ان أكون متسللا، لكنني تمكنت من الانطلاق قبلهم في الوقت الصحيح، انطلقت مثل السهم ولم يكن بإمكانهم اللحاق بي في تلك الهجمة، كنت في مواجهة الحارس، الكرة كانت تتدحرج امامي ولم تكن مستقرة، لهذا قمت بضربها بركبتي، وكان يبدو بأنها ستكون طويلة بعد تلك الضربة وقد يصل لها الحارس، لكنني تمكنت من ضربها بطريقة صحيحة قبل وصول الحارس لها، سجلت الهدف، أصبحت النتيجة 2-1. في تلك اللحظة، كنتُ هداف الدوري، لكنني لم أكن متأكدا من ذلك، الجماهير كانت تصرخ عليّ: ميليتو ودي فايو سجلوا أيضا، لم أكن أصدقهم، لا بد أنهم مجموعة من الأشخاص يريدون تحفيزي بطريقة غبية، هذه أمور تحدث دائما في الملاعب.

لم أستمع لهم، كنت أعتقد أن هدفي سيكون كافيا لحسم اللقب، لكن الصراع كان أكثر دراماتيكية ممّا توقعت، دييغو ميليتو مهاجم جنوى في ذلك الوقت، لاعب أرجنتيني، لديه معدل لا يصدق، كانت هناك أحاديث عن "توفره" للإنتر قبل عدة أيام، وعن أنهُ إذا لم أرحل سوف يلعب معي، في لقاء جنوى وليتشي سجل هدفين في 10 دقائق، وأصبح لديه 24 هدفا مثلي، لكن ليس هو وحده، دي فايو سجل، ولم أكن أعرف الكثير عن تسجيله في مباراة بولونيا وكاتانيا. شعرت بأن ميليتو قد يسجل الهدف في أي وقت، وكذلك دي فايو قد يسجل في أي وقت، كنا الثلاثة سوياً على قمة ترتيب الهدافين بنفس الرصيد. لم تكن تلك طريقة جيدة للفوز، التشارك باللقب ليس جيدا بقدر أن تأخذ اللقب وحدك. وبقدر ما كنت أجهل ما الذي سيحدث في بقية المباريات، شعرت أكثر بأنه يجب عليّ أن أقوم بذلك، شعرت بذلك من تعابير الوجوه في الدكة، والأجواء في الملعب والمدرجات حينها، لكن مع مرور الوقت لم يحدث شيء، المباراة قريبة من الانتهاء بالتعادل، كانت نتيجة 3-3، تبقت عشرة دقائق فقط، ومورينيو قام في ذلك الوقت بإشراك كريسبو، كان يريد تجديد دماء الفريق.

أراد مورينيو أن يستغل القوة في الهجوم، كان يلوّح بيديه "تقدموا ولا تناموا هُناك"، شعرت بالضغط، هل سأخسر مكاني في صدارة الهدافين؟ بدأت ألعب بقوة، وأصرخ من أجل الكرة، لكن معظم اللاعبين كانوا مرهقين، كانت مباراة صعبة. مورينيو كان محقاً، فكريسبو أضاف لقوة الفريق، في أحد الكرات انطلق كريسبو على الجهة اليمنى، في حين انطلقت أنا باتجاه المرمى، تلقيت منهُ كرة طويلة، قبل استلامها حصل تدافع على تلك الكرة، قمت بدفع أحد المدافعين، ومن ثم سبقت الآخر، لكن في تلك اللحظة ظهري كان للمرمى، رغم ذلك أحسست أنها فرصة مناسبة، قلت لنفسي الآن أنا في اتجاه خاطئ، ماذا أفعل؟ كعب واحد وينتهي الأمر، فعلت ذلك وضربت الكرة بالعقب، بالتأكيد فعلت الكثير من تلك اللقطات في مسيرتي، ضد إيطاليا، وتسديدة الكاراتيه تلك ضد بولونيا، لكن هذا الهدف، وفي تلك الوضعية: هذا كثير حقاً.

كان من الممكن ألا تدخل الكرة المرمى، كانت حركة تدربت عليها في منزل أمي، وكنت قد أخسر صراع الهدافين بسببها، لكن الكرة دخلت في المرمى، أصبحت النتيجة 4-3، احتفلت وخلعت قميصي على الرغم من أنني كنت أعرف بأنني سأنال الإنذار بسبب ذلك، لكني وقفت عند علم الركنية بصدر عار، وبالطبع جميع اللاعبين احتفلوا معي، كريسبو والبقية، قفزوا على ظهري بكل عدوانية وبدأوا يصرخون عليّ الواحد تلو الآخر: الآن ستفوز بلقب الهداف، الأمر تسلل إلى داخلي، هذا إنجاز تاريخي، هذه هي طريقتي في رد الاعتبار! عندما قدمت إلى إيطاليا لأول مرة، قال الناس: زلاتان لا يسجل الكثير من الأهداف، لكنني الآن هداف الدوري الإيطالي، الآن لا يمكن لأي شخص أن يشك بي.

حافظت على هدوئي، وعندما عدتُ إلى الملعب بعد الاحتفال، رأيت شيئاً مثّل لي واقعاً مختلفاً تماما عمّا عرفته: إنهُ مورينيو، صاحب الوجه والتعابير الصخرية التي لا تتغيّر، الآن هو أصبح مجنوناً تماما، كان يحتفل مثل طفل صغير في المدرسة، كان يقفز ابتهاجا، حينها ابتسمت: نجحت في جعلك تفعل هذا أخيرا، لكن هذا لم يتطلب القليل، كان عليّ أن أفوز بلقب هداف الدوري الإيطالي، وبهدف بالكعب.



اقرأ أيضا
أنا زلاتان(1)... غوارديولا اشترى فيراري واستعملها كـ "فيات"!
أنا زلاتان(2)...عندما صرخت بوجه غوارديولا "أنت تخاف من مورينيو"!
أنا زلاتان (3).. سرقة الدراجات والطفولة القاسية
أنا زلاتان(4)..بدون الكرة لكنت مجرماً..وعندما قررت تقليد محمد علي
أنا زلاتان (5)...عندما صرخت "كلكم حمقى، وكرة القدم حماقة"
أنا زلاتان (6)... عندما تعلمت تقليد مهارات البرازيليين
أنا زلاتان (7).. رحلة الصعود للفريق الأول مع مالمو
أنا زلاتان (8).. ما الذي حدث في هذه الحياة؟
أنا زلاتان (9)... الدرجة الثانية ونقطة التحوّل
أنا زلاتان(10)...الهدف الذي أذهل أياكس لدفع 85 مليون كراون!
أنا زلاتان(11).. مواصلة التألق قبل الرحيل لأياكس
أنا زلاتان(12).. البداية مع السويد ومواصلة رحلة التمرد
أنا زلاتان (13).. نهاية رحلة مالمو ووداع بطريقة سيئة
أنا زلاتان(14)..المراوغة التي ذهبت بمدافع ليفربول لشراء الهوت دوغ!
أنا زلاتان (15)..عندما طردني كومان" اذهب إلى بيتك"!
أنا زلاتان (16).. عندما قذفني ميدو بالمقصات.. فصفعته!
أنا زلاتان (17).. مهمّة هيلينا المستحيلة!
أنا زلاتان(18)..عندما أهنت فان غال.."أأستمع لك أم لفان باستن"!
أنا زلاتان (19)...ما يفعلهُ كارو بالكرة..أستطيع فعلهُ ببرتقالة
أنا زلاتان (20).. هدف الكونغ فو المذهل في إيطاليا
أنا زلاتان (21).. حينما قفز كومان جنوناً..بسبب هدفي المارادوني!
أنا زلاتان (22)..كابيلو الرجل الذي تشعر أنك ميت بجواره
أنا زلاتان (23)عندما طالبني كابيلو بالتفوق على فان باستن!
أنا زلاتان (24).. قصة الوشوم والسيارة الفيراري المتفردة
أنا زلاتان (25).. حرب البلقان مع الإنتر وميهايلوفيتش الحقير!
أنا زلاتان (26) أزمة "كالتشو بولي" وسفينة اليوفي الغارقة
أنا زلاتان..(27) مونديال متواضع وخطة الرحيل من اليوفي
أنا زلاتان (28)..حين رفضت أمر ديشامب..واتفقت مع إنتر ميلان
أنا زلاتان (29) الإصابة الخطيرة وترنح الإنتر
أنا زلاتان (30).. عندما حققت ما عجز عنه رونالدو
أنا زلاتان (31) مورينيو..مدرب استفزني لأكون أفضل
أنا زلاتان (32) حلم الليغا وانقلاب جماهير الإنتر
المساهمون