من الأرجنتين إلى الجزائر.. المهارة وحدها لا تكفي للفوز

15 نوفمبر 2016
الأرجنتين والجزائر يعانيان في تصفيات المونديال (Getty)
+ الخط -


رائع ما فعله المنتخب البرازيلي بقيادة ليوناردو باتشي أو "تيتي"، الرجل الذي قادهم إلى الفوز في عدة مباريات متتالية، ليستعيد السيلساو الأمجاد سريعا ويتصدر مجموعة التصفيات بجدارة.

واختار المدرب وطاقمه ملعب جوفيرنادور ماغاليس لاستضافة القمة أمام الأرجنتين، إنه نفس الملعب الذي لقي فيه المنتخب هزيمته المذلة أمام ألمانيا في نصف نهائي مونديال 2014، وكأنهم يريدون من اللاعبين إنهاء ذلك العصر القديم بأداء استثنائي وفوز كبير على حساب الخصم اللدود في أميركا اللاتينية.

مدرب المنتخب

يستطيع المدربون الكبار التكيف مع أجواء الفرق والمنتخبات، لذلك هناك أسماء عديدة نجحت في المهمتين كمارشيلو ليبي كمثال، الإيطالي الفائز بكأس العالم في 2006 رفقة الأزوري، والمدرب الذي خاص صولات وجولات مع يوفنتوس في أوروبا، لكن تبقى الفروقات متاحة بين الوظيفتين، لأن الصفات التي يحتاجها أي مدير فني للنجاح مع المنتخب تختلف بعض الشيء عن نظيرتها داخل النادي المحلي أو القاري.

مدرب النادي يركز أكثر على الجوانب التكتيكية، وكيف يلعب بهذا اللاعب في مكان معين، مع الاهتمام بالمداورة واتباع سياسة النفس الطويل، مما يجعله شديد الطلبات تجاه لاعبيه؟ بينما يلجأ مدير المنتخب إلى ترك اللاعبين على طبيعتهم، ومحاولة استخدام نظام خططي يليق بهم، ولا يواجه أي مشكلة في تغيير تكتيكه حتى يكون لائق بقدرات لاعبيه.

الطريقة هي الأساس واللاعبون مجرد أدوات في الفريق، بينما المنتخب الوطني الأمر يختلف كثيرا فاللاعب هو الأساس، ويستطيع القائد بناء أفكاره على قدرات النجوم، لذلك تبدل الحال داخل المنتخب البرازيلي في فترة قصيرة جدا، لدرجة أن نفس الفريق تقريبا الذي خرج من كوبا أميركا بالدور الأول، هو الذي فاز على وصيف الكوبا وكأس العالم بالثلاثة منذ أيام قليلة، فتش عن المدير الفني ودوره في قلب المجريات خلال فترة وجيزة.


برازيل الأصل والتقليد

سار جوزيه مورينيو عكس التيار بعد يورو 2016، ففي الوقت الذي حصل فيه رونالدو على كل الدعم الإعلامي، خرج الرجل الخاص لينتقده أثناء حديث تلفزيوني لإحدى القنوات البرتغالية، حينما أكد أنه لم يكن معجبا بما قام به رونالدو، وأضاف بأن هناك 11 لاعباً على أرض الملعب وهناك مدرب واحد كان يقودهم مشيرا لفرناندو سانتوس، المدير الفني الذي لعب وفق قدرات فريقه، وقاد برازيل أوروبا إلى اليورو في اللحظات الأخيرة بدفاع منظم وأداء تجاري بحت.

يتجه تيتي إلى تكرار المجد مع المنتخب البرازيلي الحقيقي هذه المرة، حيث يلعب المدرب بنظام تكتيكي محكم دون فلسفة أو إضافات، بالتركيز على استغلال مهارات لاعبيه، وتحويل هذه المهارة إلى عامل مساعد داخل الأداء الجماعي الشامل، لذلك لعب أمام الأرجنتين بخطة مزيجة بين 4-5-1 و4-4-2، بوضع نيمار وكوتينيو على الأطراف رفقة ثلاثي الوسط، والاكتفاء فقط بخيسوس في الأمام.

تكمن قيمة الفريق الحالي في أداء الواجبات الدفاعية بكفاءة كبيرة، لدرجة أن نجمي الفريق نيمار وكوتينيو يعودان كثيرا إلى نصف ملعبهم، لمساندة البقية في غلق كافة زوايا التمرير أمام منافس بحجم راقصي التانغو، وهذا هو عمل المدير الفني باختصار شديد، لتؤكد هذه القمة الفارق الرئيسي بين مدربي البرازيل والأرجنتين، فتيتي سار على درب سانتوس وأسس نظاما جماعيا يفيد مهارات لاعبيه، عكس باوزا الذي وضع ميسي على رأس خطته بدون أي ملامح أخرى، ليسجل نيمار وكوتينيو بكل سهولة في مرمى روميرو، عكس ليو الذي استلم الكرات في مناطق بعيدة، وكان مطلوبا منه الوصول بالكرة من المرمى إلى المرمى الآخر.

نيجيريا مثال

وكما فعلت البرازيل أمام الأرجنتين، نجح نسور نيجيريا في تحقيق انتصار ثمين أمام محاربي الصحراء، ضمن قمة التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم هذا الأسبوع، بعد التغيير المحوري الذي جلبه المدرب الألماني غيرنوت روهر، برهانه على خطة 4-3-3 دون وجود مهاجم صريح، من أجل تطبيق الضغط على دفاعات الفرق المنافسة، والعودة باستمرار إلى دائرة المنتصف لمساندة الوسط، خصوصا أمام فريق مهاري مثل الجزائر.

ركز روهر على استغلال المساحات في وبين الخطوط، هذه المنطقة التي لا تهتم بها معظم منتخبات القارة، لذلك عاد إيهيناتشو كثيرا إلى الخلف، على مقربة من مجاني وبن طالب، ليصنع ثلاثية الهجوم رفقة موسيس وإيوبي، بينما راهن على إيتيبو وأونيزي كثنائي محوري قوي خلف لاعب الخبرة أوبي ميكيل الذي صعد بضع خطوات إلى الأمام في المركز 10، مما جعل الفريق يستغل المساحات الكبيرة أمام دفاع الخضر، نتيجة انخفاض مستوى بن طالب وسوء تمركز مجاني، ليسجل هدفين في الشوط الأول.

وعندما نجح الجزائريون في العودة القوية بالشوط الثاني، وأضاع لاعبوه فرصا مؤكدة كانت كفيلة بالتعادل، عاد المدرب الخبير لاستخدام أوراقه، واعتمد أكثر على لعبة التحولات بالمرتدات الخاطفة من الدفاع إلى الهجوم، عن طريق إشراك أحمد موسى مكان إيوبي، ثم تقوية الدفاع أكثر بسحب ميكيل وإشراك المدافع الصريح نديدي.

تمتاز نيجيريا تاريخيا بوفرة المواهب الشابة واللاعبين أصحاب المهارة الخاصة، لكن كل هذه الموارد تحتاج إلى مدرب منضبط تكتيكيا، مطلوب منه فقط صناعة نظام جماعي لتحويل هذه القدرات الفردية إلى طاقة شاملة يستفيد منها المنتخب، إنها الخلطة التي وصلت بسانتوس إلى المجد في فرنسا، وأعادت البرازيل مع تيتي، واقتربت بسببها نيجيريا من مونديال 2018.

المساهمون