فلورنتينو بيريز... احْمِ ريال مدريد منك!

08 يناير 2019
بيريز رئيس ريال مدريد (Getty)
+ الخط -
في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من سنة 2007، خرج البرازيلي إدميلسون متوسط ميدان نادي برشلونة بتصريح غريب تسبب بالكثير من ردود الأفعال، حيث قال وقتها: "في غرف تغيير الملابس توجد خراف سوداء".

كان هذا التصريح بمثابة اعتراف من اللاعب بتواجد تخاذل من طرف بعض اللاعبين فوق المستطيل الأخضر، وهو ما جعل النادي الكتالوني يظهر بوجه شاحب، ويخفت بريقه ويتراجع مستواه، قبل أن يُدفع إلى الاعتذار من زملائه ثم يسرّح، وإن كانت ردة فعل إدارة برشلونة وقتها بنفي الأمر شكلا، غير أن المضمون كان مختلفاً، وأكد ما صرح به اللاعب بداية بإقالة المدرب رايكارد ثم تسريح العديد من النجوم على رأسهم رونالدينيو وديكو.

وإن كان تصريح إدميلسون يخص برشلونة، إلا أن ما يحدث في الغريم ريال مدريد هذا الموسم لا يختلف عنه، فغُرف تغيير ملابس النادي الملكي، تتواجد فيها خراف سوداء وأخرى رمادية، وأخرى لا لون لها والأهم هناك عجل أسود كبير، فلم يعد يعرف في الفريق إلا عدد كؤوس رابطة الأبطال الذي يزين قميص الفريق، أما البقية فهي مجرد شبح للفريق الذي سيطر على أوروبا لثلاث سنوات على التوالي.

لربما تختلف التحاليل، ورأي الخبراء، لإيجاد أسباب التراجع الرهيب، سواء برحيل النجم كريستيانو رونالدو النجم الأول، أو رحيل زيدان عرّاب رابطة الأبطال الذي غادرت الكأس خزائن الفريق منذ اعتزاله كلاعب، ولم تعد لخزائن ملعب سانتياغو برنابيو إلا بعودته كمساعد، ثم استأنست البقاء هناك وزيدان مدرب، ويرى آخرون أن المشكل في تراجع مستوى اللاعبين، إلا أن جميع التحاليل تلتقي في نقطة واحدة، أن المشكل الأكبر يكمن في تفكير رئيس الفريق فلورنتينو بيريز.

فلورنتينو بيريز الرجل القوي في فريق ريال مدريد، والمعروف بالقرش لقوته وجبروته وذكائه، إلا أنه تحول فجأة الى سمكة سلمون مسالمة، يتم اصطيادها وتقاد بكل سهولة إلى الموائد، فغاب اسم ريال مدريد في سوق الانتقالات، ولم يعد يُذكر له صوت وسط عمالقة الكرة والأرقام الفلكية لانتداب النجوم القادرة على صناعة المجد وكتابة التاريخ.

الغريب في الأمر أن إدارة نادي ريال مدريد تكرر نفس الخطأ الذي وقعت فيه قبل عقد من الزمن، بعد أن انتهى زمن "الغلاكتيكوس1"، لما اعتزل زيدان وتراجع مستوى رونالدو، بيكام، فيغو وكارلوس، فلم تقم حينها بتجهيز البدائل التي بإمكانها حمل راية الفريق الغالية، فتقهقر مستوى الملكي وتراجعت شعبيته ما عصف بالرئيس وأفقده منصبه، وبغرابة يصر بيريز مرة أخرى على  تكرار الخطأ، ويفشل في تجهيز بدائل "الغلاكتيكوس2" ويعاد نفس السيناريو بكل تفاصيله.



ما على بيريز فهمه ومعرفته بعيدا عن الماضي القريب الجميل، أن الأسماء التي كتبت أسماءها بحروف من ذهب في السنوات الأخيرة قد جف حبرها ولم تعد قادرة على الكتابة، فبايل لم يكن يوما النجم الذي يعول عليه لكثرة الإصابات، ومارسيلو، كروس، مودريتش، بن زيمة قدموا كل ما لديهم، ولم يعد لديهم أي شيء يضيفونه، فقد أصيبوا بالتخمة الكروية بعد أن امتلأت معدتهم ألقابا لا يزال الكثير من النجوم يحلمون بنصفها، أما اسينسيو، فاسكيز، فالفيردي، وحتى إيسكو ليسوا بثقل ولا مستوى الأسماء التي يعوضونها.

وحتى الصفقات التي عقدتها الإدارة بجلب إبراهيم دياز، وقبله فاييخو، سيبايوس، فينسيوس وبقية المواهب الشابة ليست مثالية لفريق يريد إعادة بناء نفسه، وعليه أيضا اليقين أن رونالدو وزيدان لم يرحلا من تلقاء نفسيهما، بل إيماناً منهما بأن المركب على وشك الغروب، وأن الهروب هو أم الشجاعة لأجل إنقاذ تاريخهما الكبير مع الفريق.

ما يحتاجه بيريز اليوم هو مدرب يملك نظرة مستقبلية وشخصية قوية، بإمكانه رسم خارطة الطريق، فيكرر ما قام به كابيلو يوم جاء وأبعد مجرة النجوم خارج أسوار الفريق، قبل أن يصطدم بتعنت الرئيس ويترك هو الآخر السفينة، أو مدرب يكرر ما قام به مورينيو بصناعة نواة فريق قوية يمكنها أن تأكل الأخضر واليابس من أجل أن يبقى علم الملوك يرفرف فوق سماء الكرة العالمية.

وكما ورد في العنوان، فعلى بريز أن يحمي فريقه الذي يعشقه حتى النخاع منه، بأن يتحلى بكثير من الشجاعة ويعيد تقييم الأمور، ويدرك أن تلك النجوم قد خفت سطوعها ولم يعد بإمكانها إنارة درب الفريق، وعليه بتأجيل مشروع ملعب سانتياغو برينابيو الجديد الى وقت لاحق، فالأولى له التخطيط من الآن للصيف المقبل، بتحضير صفقات نجوم يمكنهم حمل الفريق على أكتافهم وصنع الفارق، والبحث عن مدرب يمتلك ذكاء زيدان، قوة شخصية مورينيو، دهاء غوارديولا ورباطة جأش كابيلو، كونه سيدرب فريقا بحجم قارة.
المساهمون