أنا زلاتان (25).. حرب البلقان مع الإنتر وميهايلوفيتش الحقير!

10 سبتمبر 2015
+ الخط -


يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كُتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل سويّاً إلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.

الدوري كانت تتحدّد معالمهُ عادة في الربيع، لكن في هذا الموسم المعركة مستمرة حتى النهاية كما يبدو. كنا نحن وميلان نملك 70 نقطة. الصحف كتبت عن ذلك بكل تأكيد. كانت قصص من الدراما. كنا سنتواجه في مباراة مصيرية في الثامن من مايو/ أيار في السان سيرو. لقد كان أشبه بنهائي البطولة، والجميع كان يرشح الميلان للفوز، ليس لأنهُ يلعب في أرضه، لكن لأننا لعبنا في الدور الأول بشكل سيئ، وميلان هو من سيطر وأظهر مستوى مميزاً. الكثيرون كانوا يرون بأن الميلان هو الفريق الأفضل في أوروبا في ذلك الوقت على الرغم من قوة عناصر فريقنا، ولم يفاجأ أحد عندما فعلها الميلان من جديد وتأهل لنهائي دوري الأبطال في ذلك الموسم. لقد كانت المصاعب ضدنا كما يُقال، وهذا الأمر تجلى بعد مباراتنا ضد الإنتر. تلك المباراة كانت في الـ20 من إبريل/ نيسان، كانت بعد أيام من تسجيلي لهاتريك ضد ليتشي. كنت أتلقى المديح من كل مكان، ورايولا حذّرني: أنت النجم الآن، وستجد محاصرة قوية من مدافعي الإنتر.

لقد كانت هُناك عداوة قديمة بين الإنتر واليوفنتوس، وفي دفاع الإنتر كان هناك مدافعون شرسون للغاية، من بينهم ماتيراتزي. لم يستقبل "السيريا أ" لاعب بطاقات حمراء أكثر منهم. ماركو عرف بأسلوبه الخشن والقبيح، بعد ذلك بحوالي سنة، وفي صيف عام 2006 ماتيرازي اشتهر بسبب ما فعله في نهائي كأس العالم مع زيدان، وتعرضه للنطحة في الصدر، ماتيراتزي كان يستفز ويلعب بعنف. يطلقون عليه لقب الجزار أحيانا.

في الإنتر كان هناك إيفان كوردوبا، هو قصير لكنهُ كولومبي قوي، تماما مثل ميهايلوفيتش، سينسيا كان صربيا، والصحف كتبت كثيرا عن ذلك قبل المباراة، وعن توقعاتها لوجود حرب للبلقان في وسط المباراة، هذا كان هراء. ما يحدث في الملعب لا علاقة لهُ بالحروب. أنا وسينسيا لاحقا أصبحنا أصدقاء في الإنتر، ولم يكن يعنيني من أين جاء الشخص وما هي جنسيته. لم أهتم بهذه الأمور، وكيف لي أن أفعل؟ عائلتي كانت عبارة عن فوضى، فوالدي من البوسنة، وأمي من كرواتيا، والد أخي الصغير كان من صربيا، لذلك لا، لم يكن الأمر يتعلق بحرب البلقان، لكن ميها كان قويا بالفعل.

كان من أفضل منفذي الركلات الحرة في العالم وكان يعتمد على استفزاز خصومه، كان قد قال لباتريك فييرا: أيها الأسود القذر! كان ذلك في مباراة في دوري أبطال أوروبا، ولقد جرى تحقيق كامل في ذلك حول عنصرية ميهايلوفيتش، وفي مناسبة أخرى: ميها قام بركل أدريان موتو ـ زميلنا الحالي في اليوفي ـ والبصق عليه، ولذلك تم إيقافه لثماني مباريات.

لم أجعل من هذه الأمور حدثا كبيرا. اعتدت على أن أُبقي ما يحدث في الملعب، في الملعب فقط، هذه هي فلسفتي، وبكل صراحة: سوف تتعرضون لصدمة كبيرة عندما تعلمون ما الذي يحدث في الملعب، لقد كانت هناك شتائم وتهكّم، وحرب مستمرة، وما ذكرتهُ حول لاعبي الإنتر، كان فقط لتعرفوا بأن ما سيحدث في تلك المباراة لم يكن من السهل التعامل معه. مدافعو الإنتر بإمكانهم أن يلعبوا بقوة وعنف، وأنا أدركت بأن المباراة تلك سوف تكون مباراة شرسة ولن تكون مجرد مباراة عادية. كان هناك كره وإهانات لي ولعائلتي. تحدثوا عن عائلتي وعن شرفي، وكنت أقوم بالرد عليهم بقوة. لا يمكنك إلا أن تفعل ذلك. إذا انحنيت أمامهم سوف يتم سحقك. كان يجب عليّ أن أستغل غضبي لكي أنهكهم في الملعب، حينها كنتُ قويا بدنيا وجاهزا. لم يكن من السهل مواجهة زلاتان أبدا، خاصة في ذلك الوقت الذي تطورت كثيرا فيه، لم أعد فتى إياكس المراوغ بعد الآن. لقد أصبحت أقوى وأسرع، ولم أكن هدفاً من السهل القضاء عليه إطلاقا. مانشيني قال عني، قبل تلك المباراة: "إبرا ظاهرة، عندما يلعب بمستواه، يكون من المستحيل مراقبته"، الله يعلم بأنهم حاولوا فعل ذلك، حاولوا إيقافي بالتدخلات العنيفة، وكنت أرد عليهم بقوة أكبر.

كنتُ وحشيا في تعاملي، كنت "المُقاتل"، كما قالت الصحف. بدأت المباراة، وفورا في الدقيقة الرابعة حدث تصادم بيني وبين كوردبا بالرأس، وسقطنا على أرض الملعب، نهضت مترنحا، في حين كوردبا نزف بشدة، خرج من الملعب وعاد بعد التدخل الطبي ورتق الجرح، ولم تهدأ الأمور على الإطلاق، كان هناك شيء ما قادم، نظرنا إلى أعين بعضنا بحقد كبير. لقد كانت حرباً، كانت مباراة أعصاب وعنف، وفي الدقيقة 13 من عمر المباراة حدث صدام آخر بيني وبين ميهايلوفيتش. لم نعرف ما الذي حدث، فجأة أدركنا أننا نستلقي على الأرض، ورأسي قريب من رأسه. في تلك اللحظة، دبّ الأدرينالين فجأة بيننا. ميها حاول القيام بشيء ما، لكنني قمت بضربه ضربة بسيطة على رأسه. صدقوني، لو كنت أريد ضربه بحق، لم يكن ليستيقظ، لكنني أردت فقط أن أوضح له أنني لا أهتم له: لن أنحني لك أيها الحقير! ميها لم يرد. في الحقيقة أمسك رأسه وبدأ محاولة تمثيل مسرحية خاصة من أجل طردي، لكنني لم أحصل حتى على مجرد إنذار، الإنذار جاء بعد دقيقة من ذلك بعد اشتباك مع فافالي.

لقد كانت مباراة عنيفة، لكنني رغم ذلك لعبت جيدا، واشتركت في معظم هجماتنا، لكن تولدو قام بمباراة عظيمة ضدنا. تصدى لهجماتنا في كل مرة، حتى تأخرنا في النتيجة بهدف كروز، حاول القتال من أجل العودة بكل ما نملك، لكن لم يحدث ذلك، حينها بدأت فكرة الانتقام تحوم في الأجواء. كوردوبا حاول أن يعيد لي ما فعلته له، وركلني في وركي وحصل على إنذار. ماتيراتزي استمر في استفزازي، وميها كان يعمل على تدخلاته العنيفة وكلماته السيئة. ناضلت في طريقي. قاتلت وقمت بتسديدة رائعة قبل نهاية الشوط الأول. في الشوط الثاني سددت من بعيد واصطدمت الكرة بالتقاء العارضة والقائم، ثم سددت ركلة حرة وتصدى لها تولدو بأعجوبة. الهدف لم يأتِ، وعندما بقيت دقيقة على المباراة، تقابلت مجددا مع كوردوبا، في ذلك الوقت وجّهتُ له ضربة في الرقبة. لم أعتقد أنها ضربة خطيرة، توقعت أنها جزء من الحرب على الملعب، والحكم لم يرَ ما فعلته، لكن العواقب جاءت وخيمة، خسرنا، وكان هذا أمرا صعبا لوحده، فبالنظر إلى الجدول، هذه الخسارة قد تكلفنا "الأسكوديتو".

بعد ذلك، لجنة الانضباط في الاتحاد الإيطالي قررت دراسة صور تدخلي مع كوردوبا، وقررت بناءً على ذلك إيقافي لمدة 3 أسابيع، وهذه كانت كارثة كبيرة، سأفوّت المباريات الهامة الأخيرة في الدوري، من ضمنها اللقاء الكبير ضد ميلان في 8 مايو/ أيار. شعرت بأنهُ لم تتم معاملتي بعدل في ذلك القرار "لم تتم معاملتي بعدل"، هذا ما قلتهُ للصحف، بعد كل تلك التدخلات والإهانات التي تلقيتها يتم إيقافي! لقد كان أمرا من الصعب تقبّله. وبالنظر لأهمية الفريق، إيقافي كان ضربة كبيرة للنادي بأكمله. الإدارة قامت بمحاولة الطعن في القرار، واستندت للمحامي لويجي تشيبيرو، وكان مشهورا بدفاعه عن اليوفي في قضية المنشطات. دافع عني وقال بأنني تعرّضت للكثير من الإهانات في الملعب في تلك المباراة. لويجي قام بالاستعانة حتى بقارئ للشفاه من أجل التأكد من الإهانات التي وجّهها ميهايلوفيتش لي، لكن الأمر كان صعبا، لأن أغلب ما قالهُ ميها كان باللغة الصربية ـ الكرواتية. مينو رايولا خرج بعد ذلك وقال بأن ما قاله ميهايلوفيتش بشأني من الصعب أن يُذكر، لأنهُ تحدث بأمور سيئة عن عائلتي وعن أمي "رايولا مُجرد صانع للبيتزا"، هذا ما قالهُ ميهايلوفيتش عن مينو رايولا بعدما سمع تصريحاته. مينو لم يكن صانعاً للبيتزا قط، كان فقط يعمل في ذلك المطعم مع والديه ويساعدهما. رايولا رد وقال: "أفضل ما في تصريح ميها أنهُ أثبت ما يعرفهُ الجميع مسبقا، وهو أنهُ مجرد غبي، هو حتى لم ينفِ تهجّمهُ على زلاتان. إنهُ رجل عنصري، ولقد أظهر هذا في مناسبات كثيرة قبل ذلك".

لقد كانت هناك أمور متداخلة كثيرة. كانت هناك الكثير من الاتهامات، موجي ـ الذي لم يكن يخاف من أي شيء ـ أشار إلى وجود مؤامرة ضد اليوفي. قال بأن الكاميرا التي أظهرت صورة تدخلي على كوردوبا كانت من الميدياسيت فقط، والميدياسيت شركة تابعة لبيرلسكوني، وبيرلسكوني بالطبع هو رئيس الميلان، حتى وزير الداخلية الإيطالي جيوسيبي بيسانو تحدث عن الأمر، الذي أصبح الموضوع المفضّل للصحافة في كل يوم. لم يحدث أي شيء، وقرار الإيقاف تم تأكيده، ولن ألعب اللقاء الحاسم ضد ميلان.

قرر اليوفي بعدها اتّباع سياسة "الصمت تجاه الصحافة"، وتم منع أي شخص في النادي من التحدث للصحف. لم تكن هناك أي أحاديث جديدة عن إيقافي أو عن أي شيء آخر. الجميع كان يفضّل الهدوء والتركيز على المباراة التي كانت تعتبر من أهم المباريات في أوروبا في ذلك الموسم. كنا نحن والميلان متساوين بالرصيد نفسه من النقاط. رصيدنا كان يبلغ 76 نقطة.

لقد كان ذلك أشبه بفيلم رعب. المباراة كانت عنوانا كبيرا للجدل في إيطاليا، لكن رغم ذلك، الأغلبية كانوا يتفقون على شيء واحد: ميلان هو المرشح للفوز، ميلان كان يلعب على أرضه، بوسط 80 ألف متفرج، في حين كنت أنا موقوفاً، وأنا أعتبر أهم لاعبي الفريق في تلك المرحلة. مع إيقاف موتو ايضا، وإصابة زبينا وتاكيناردي، لم نكن في أفضل حالاتنا لمواجهة الميلان الذي كان يمتلك خط دفاع مُذهل: كافو ونيستا وستام وباولو مالديني، مع كاكا في الوسط، وشيفشينكو وإنزاغي في الهجوم، كان هذا نذير شر. لم يكن الأمر ممتعا عندما تجلس وتسمع الجميع يتحدث عن أن فورة غضب مني قد تكلّف الفريق الدوري: "يجب أن يتعلّم كيف يضبط نفسه، يجب أن يهدأ"، الجميع كان يتحدث هكذا، حتى كابيلو.

رغم ذلك، الفريق كان مُتحفزاً بشكل لا يصدق. الغضب ممّا حصل يبدو بأنهُ كان مُحفزاً لهم. المباراة بدأت، وبعد 27 دقيقة ديل بييرو انطلق من الجهة اليسرى، لكن جاتوزو تصدى له، وهو لاعب الميلان الذي يعمل أكثر من الجميع في الملعب، الكرة عادت بمستوى أعلى إلى ديل بييرو، الذي تحرك في تلك اللحظة بسرعة نحوها وقام بعمل كرة مقصية لتطير الكرة إلى منطقة الجزاء وتجد تريزيغيه الذي سجل الهدف. لكن المباراة كانت بعيدة عن النهاية، وميلان بدأ يضغط بشكل لا يُعقل. في الدقيقة الـ11 من الشوط الثاني، اينزاغي انفرد بالمرمى وسدد، لكن بوفون تصدى له. الكرة عادت من جديد لإينزاغي، لكن زمبروتا تدخل مرة أخرى أمامه من على خط المرمى. لقد كانت هناك فرص للفريقين. ديل بييرو سدد كرة جيدة اصطدمت بالعارضة، في حين أن كافو سقط يطالب بضربة جزاء. كانت أمور كثيرة تحدث، لم يتغيّر شيء في النهاية وفزنا 1-0. فجأة أصبحنا المرشحين من أجل تحقيق لقب الدوري. بعد مدة ليست بالطويلة، عدت للعب مجددا بعد الإيقاف. انزاح حمل ثقيل عني بعد نهاية الإيقاف.

دلالات
المساهمون