مرّ عامان على إنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر (الحادي عشر من إبريل/ نيسان لعام 2017). ذلك التنظيم الذي أوكله الدستور ضمان حماية الصحافة يعمل على قمعها، في ظلّ إشكاليات حول تشكيله القانوني. فقد أكسب الدستور المصري (2014) المجلس صفة الاستقلالية الفنية والمالية والإدارية، محدداً اختصاصاته بكونه "المسؤول عن تنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية. وهو المسؤول عن ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها، ومنع الممارسات الاحتكارية، ومراقبة سلامة مصادر تمويل المؤسسات الصحافية والإعلامية، ووضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها، ومقتضيات الأمن القومي، واختص الدستور القانون بتشكيل المجلس، ونظام عمله، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيه".
لكن ما توصلت إليه ورقة بحثية أصدرها المرصد المصري لحرية الإعلام (منظمة مجتمع مدني مصرية) يعكس صورةً أخرى، فبحسبها، يمثّل المجلس "خطرًا يهدد مهنية واستقلالية وسائل الإعلام على عدد من المستويات".
وقال المرصد إنّ هذا المجلس خلقته السلطة التنفيذية للسيطرة على وسائل الإعلام، وبالتالي وفرت للمجلس غطاءً شرعيًا يعمل من خلاله في سبيل تحقيق هدف وحيد وهو السيطرة على وسائل الإعلام وتأميم محتواها لصالح الفصيل السياسي الحاكم؛ ومن ثمَّ جاء تشكيل المجلس ليعكس تمثيلًا طفيفًا لنقابتي الصحافيين والإعلاميين (2 فقط من الأعضاء) ويركز الاختيار في يد رئيس السلطة التنفيذية".
اقــرأ أيضاً
توسعت سلطات المجلس من الدستور إلى قانون 92 لسنة 2016، إلى صلاحيات شبه مطلقة في قانون 180 لسنة 2018. وخلال عامين منذ إنشائه، أصدر 86 قرارًا بعقوبات مختلفة على وسائل الإعلام والعاملين بها؛ وهو ما اعتبره المرصد "مؤشراً يدق ناقوس خطر يستدعي من جميع الكيانات والمؤسسات التي تدافع عن حرية الرأي والتعبير سرعة التصدي إلى سلوك المجلس، والضغط عليه بكافة الطرق القانونية والمشروعة لإلزامه بالدور الذي يكفله له الدستور وهو حماية حرية الرأي والفكر والتعبير وضمان استقلال الإعلام، والبحث في مصادر تمويل تلك المؤسسات ومنع احتكارها". كما لاحظ المرصد محاولات لتقليص دور أصحاب المهنة في المجلس، حيث تم تقليص عدد ممثلي مجلس نقابة الصحافيين والإعلاميين إلى عضوين فقط بعدما كانوا أربعة أعضاء.
في 18 من مارس/ آذار الماضي، أصدر المجلس لائحة الجزاءات والتدابير التي يقوم بتوقيعها على المؤسسات الإعلامية بما فيها الحسابات الشخصية التي يتجاوز متابعوها 5000 شخص. عن ذلك، أكّد المصدر أنّ الغالب عليها "منهجية تهدف إلى التضييق على حرية الرأي والتعبير وخنق المجال الإعلامي، وغلق المساحات الإعلامية أمام المعارضين والمخالفين لسياسات الحكومة المصرية"، مشيراً إلى أنّها "توسعت كذلك في تطبيق اختصاصات المجلس حيث منحت اللائحة في حالات الضرورة سلطة مطلقة لرئيس المجلس لإصدار أو إلغاء أي جزاء أو تدبير بحق الوسيلة الإعلامية دون عرضها على المجلس للموافقة".
وضمت اللائحة العديد من الاختصاصات إلى "الأعلى للإعلام"؛ فمنحت سلطة التحقيق وتوقيع العقوبة والجزاء بحق الصحافيين والإعلاميين إلى المجلس من دون وضع أي اعتبار للنقابات المهنية وأحقيتها في تأديب أعضائها. وبالتالي فقد حولت تلك المواد اختصاص المجلس من تقديم الشكاوى إلى النقابات المختصة إلى حق التأديب والعقاب. كما تغولت اللائحة على عدد من اختصاصات السلطة القضائية ففرضت عقوبات جنائية على أفعال محلها قانون العقوبات وحاكمها القضاء المصري، بحسب المرصد.
وإثر دراسة المسار الزمني ونمط إقرار الاختصاصات إلى المجلس، وجد المرصد أن "السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية تعمدت عدم إجراء أي نقاشات مجتمعية حول الاختصاصات المخولة للأعلى للإعلام، إلى جانب أنها أوكلت العديد من الصلاحيات إليه، وجعلت منه "رقيباً أعلى" و"أخاً أكبر" يراقب ما يبث وينشر على وسائل الإعلام، وهو ما نستنتج منه أن كلًا من السلطتين تعمدت خلق كيان مؤسسي تستطيع من خلاله التحكم في كل ما يبث وينشر في جميع وسائل الإعلام".
وأضافت الورقة "كرست تلك الاختصاصات والصلاحيات الواسعة لمنهجية الصوت الواحد، عن طريق مدّ أيادي المجلس الرقابية لتشمل جميع وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، و"الأعلى للإعلام" قام بإثبات تلك المنهجية عن طريق اعتماد سياسة تحريرية وأخلاقية واحدة يمررها للمنصات الإعلامية، ويجبر الوسائل الإعلامية على تنفيذها عن طريق عقوبات وجزاءات قاسية تصل إلى حد منع البث والنشر، مستغلًا الاختصاصات التي تملَّكها عن طريق السلطة التنفيذية والتشريعية، والتي تشمل الحق في إجراء التحقيقات واتخاذ القرارات العقابية تجاه الوسائل الإعلامية، وذلك في سبيل تحقيق نتيجة واحدة هي السيطرة الكاملة على الفضاء الإعلامي".
وقال المرصد إنّ هذا المجلس خلقته السلطة التنفيذية للسيطرة على وسائل الإعلام، وبالتالي وفرت للمجلس غطاءً شرعيًا يعمل من خلاله في سبيل تحقيق هدف وحيد وهو السيطرة على وسائل الإعلام وتأميم محتواها لصالح الفصيل السياسي الحاكم؛ ومن ثمَّ جاء تشكيل المجلس ليعكس تمثيلًا طفيفًا لنقابتي الصحافيين والإعلاميين (2 فقط من الأعضاء) ويركز الاختيار في يد رئيس السلطة التنفيذية".
توسعت سلطات المجلس من الدستور إلى قانون 92 لسنة 2016، إلى صلاحيات شبه مطلقة في قانون 180 لسنة 2018. وخلال عامين منذ إنشائه، أصدر 86 قرارًا بعقوبات مختلفة على وسائل الإعلام والعاملين بها؛ وهو ما اعتبره المرصد "مؤشراً يدق ناقوس خطر يستدعي من جميع الكيانات والمؤسسات التي تدافع عن حرية الرأي والتعبير سرعة التصدي إلى سلوك المجلس، والضغط عليه بكافة الطرق القانونية والمشروعة لإلزامه بالدور الذي يكفله له الدستور وهو حماية حرية الرأي والفكر والتعبير وضمان استقلال الإعلام، والبحث في مصادر تمويل تلك المؤسسات ومنع احتكارها". كما لاحظ المرصد محاولات لتقليص دور أصحاب المهنة في المجلس، حيث تم تقليص عدد ممثلي مجلس نقابة الصحافيين والإعلاميين إلى عضوين فقط بعدما كانوا أربعة أعضاء.
في 18 من مارس/ آذار الماضي، أصدر المجلس لائحة الجزاءات والتدابير التي يقوم بتوقيعها على المؤسسات الإعلامية بما فيها الحسابات الشخصية التي يتجاوز متابعوها 5000 شخص. عن ذلك، أكّد المصدر أنّ الغالب عليها "منهجية تهدف إلى التضييق على حرية الرأي والتعبير وخنق المجال الإعلامي، وغلق المساحات الإعلامية أمام المعارضين والمخالفين لسياسات الحكومة المصرية"، مشيراً إلى أنّها "توسعت كذلك في تطبيق اختصاصات المجلس حيث منحت اللائحة في حالات الضرورة سلطة مطلقة لرئيس المجلس لإصدار أو إلغاء أي جزاء أو تدبير بحق الوسيلة الإعلامية دون عرضها على المجلس للموافقة".
وضمت اللائحة العديد من الاختصاصات إلى "الأعلى للإعلام"؛ فمنحت سلطة التحقيق وتوقيع العقوبة والجزاء بحق الصحافيين والإعلاميين إلى المجلس من دون وضع أي اعتبار للنقابات المهنية وأحقيتها في تأديب أعضائها. وبالتالي فقد حولت تلك المواد اختصاص المجلس من تقديم الشكاوى إلى النقابات المختصة إلى حق التأديب والعقاب. كما تغولت اللائحة على عدد من اختصاصات السلطة القضائية ففرضت عقوبات جنائية على أفعال محلها قانون العقوبات وحاكمها القضاء المصري، بحسب المرصد.
وإثر دراسة المسار الزمني ونمط إقرار الاختصاصات إلى المجلس، وجد المرصد أن "السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية تعمدت عدم إجراء أي نقاشات مجتمعية حول الاختصاصات المخولة للأعلى للإعلام، إلى جانب أنها أوكلت العديد من الصلاحيات إليه، وجعلت منه "رقيباً أعلى" و"أخاً أكبر" يراقب ما يبث وينشر على وسائل الإعلام، وهو ما نستنتج منه أن كلًا من السلطتين تعمدت خلق كيان مؤسسي تستطيع من خلاله التحكم في كل ما يبث وينشر في جميع وسائل الإعلام".
وأضافت الورقة "كرست تلك الاختصاصات والصلاحيات الواسعة لمنهجية الصوت الواحد، عن طريق مدّ أيادي المجلس الرقابية لتشمل جميع وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، و"الأعلى للإعلام" قام بإثبات تلك المنهجية عن طريق اعتماد سياسة تحريرية وأخلاقية واحدة يمررها للمنصات الإعلامية، ويجبر الوسائل الإعلامية على تنفيذها عن طريق عقوبات وجزاءات قاسية تصل إلى حد منع البث والنشر، مستغلًا الاختصاصات التي تملَّكها عن طريق السلطة التنفيذية والتشريعية، والتي تشمل الحق في إجراء التحقيقات واتخاذ القرارات العقابية تجاه الوسائل الإعلامية، وذلك في سبيل تحقيق نتيجة واحدة هي السيطرة الكاملة على الفضاء الإعلامي".