للمرة الأولى.. "فيسبوك" تتهم الحكومة السعودية بخلق حسابات وهمية... وتغلق 350 صفحة

01 اغسطس 2019
أنشأت الصفحات تفاعلاً مصطنعاً (ريتشارد أتريرو دي غوزمان/NurPhoto/Getty)
+ الخط -
أعلنت شركة "فيسبوك" أن أشخاصاً مرتبطين بحكومة السعودية أداروا شبكة من الحسابات والصفحات المزيفة على الموقع الشهير، للترويج لدعاية الدولة، ومهاجمة الخصوم في المنطقة.

وقالت "فيسبوك" في بيان رسمي، إنها أغلقت أكثر من 350 حساباً وصفحة عليها جميعاً نحو 1.4 مليون متابع، في أحدث حملة ضمن جهود مستمرة لمحاربة "السلوك الزائف المنسق" على منصتها، وفي أول نشاط من نوعه تربطه الشركة بالحكومة السعودية.

وتلجأ دول في الشرق الأوسط بشكل متزايد إلى مواقع مثل "فيسبوك"، و"تويتر"، و"يوتيوب" لشن حملات سرية للتأثير السياسي على الإنترنت.

وكشفت وكالة "رويترز" تفاصيل حملة موسعة تدعمها إيران العام الماضي. كما تواجه الرياض اتهامات باستخدام الأساليب ذاتها لمهاجمة دولة قطر، ونشر معلومات غير حقيقية في أعقاب مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي. 

من جهته ذكر مركز التواصل الدولي، وهو المكتب الإعلامي للحكومة السعودية، في بيان أرسل إلى "رويترز" أنّ "حكومة المملكة العربية السعودية ليس لديها علم بالحسابات المذكورة ولا تعرف على أي أساس تم ربطها بها".



وأعلنت "فيسبوك" شن حملات على "السلوك الزائف" عدة مرات في في الأشهر الأخيرة، لكن نادراً ما تربط البيانات مثل هذه الأنشطة مباشرة بحكومة معيّنة بشكل واضح.



وقال ناثانيال غليتشر، مدير سياسة الأمن الإلكتروني في "فيسبوك": "بالنسبة لهذه العملية، استطاع محققونا التأكد من أن الأشخاص الذين يقفون وراءها مرتبطون بالحكومة السعودية". وأضاف: "في أي مرة تكون هناك صلة بين عملية معلومات وحكومة، يكون ذلك مهماً وينبغي أن يعلم الناس".

وقالت فيسبوك، الخميس، إنها أغلقت شبكة منفصلة تضم أكثر من 350 حساباً مرتبطاً بمؤسسات تسويق في مصر والإمارات. لكنها لم تربط هذا النشاط مباشرة بحكومتي هاتين الدولتين.

وقال غليتشر إن الحملة السعودية كانت نشطة على موقعي "فيسبوك" و"إنستغرام" (تملكه "فيسبوك")، واستهدفت بشكل أساسي دولاً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بينها قطر والإمارات ومصر وفلسطين.

واستخدمت الحملة حسابات مزيفة تتظاهر بأنها من مواطني تلك الدول، كما صممت صفحات لتبدو مثل مواقع إخبارية محلية. وقالت فيسبوك إن أكثر من 100 ألف دولار أنفقت على الإعلانات.

وقال غليتشر: "عادة ما ينشرون بالعربية عن أخبار المنطقة والقضايا السياسية. ويتحدثون عن أمور مثل ولي العهد محمد بن سلمان وخطته للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي ونجاحات القوات المسلحة السعودية لا سيما في حرب اليمن".



وقال أندي كارفين، وهو باحث كبير في مختبر التحاليل الجنائية الرقمية التابع للمجلس الأطلسي الذي يعمل مع فيسبوك لتحليل الحملة السعودية، إن بعض الحسابات ترجع إلى 2014 لكن أغلبها أُنشئ في العامين الأخيرين. وأضاف أن 90 في المائة من المحتوى باللغة العربية، وأن بعض الحسابات تعمل بشكل أساسي كصفحات للحكومة والجيش السعوديين.

وأظهرت نسخة من أحد المنشورات السعودية التي عرضتها فيسبوك الخميس، ولي العهد السعودي وهو يقبل رأس مريض مضمدة، في أحد المستشفيات وكتب تحتها "سمو الأمير محمد بن سلمان يقبل رأس أحد الجنود المصابين".

تتعرض شركات التواصل الاجتماعي لضغوط متزايدة للمساعدة في وقف التأثير السياسي غير المشروع على الإنترنت. وقال مسؤولون في المخابرات الأميركية إن روسيا استخدمت "فيسبوك" وغيرها من المنصات للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، ويشعرون بالقلق من أنها ستفعل ذلك مرة أخرى في عام 2020. وتنفي موسكو مثل هذه المزاعم.

وقال بن نيمو من مختبر التحاليل الجنائية الرقمية إن عمليات المعلومات على الإنترنت أصبحت مرئية بشكل متزايد مع تبني مزيد من الحكومات والجماعات السياسية تلك الأساليب وتكثيف شركات وسائل التواصل الاجتماعي جهودها للتصدي لها.

وأعلنت فيسبوك عن 11 عملية للتصدي "للسلوك الزائف" من 13 دولة مختلفة حتى الآن، هذا العام. وتضمن الإعلان الأخير في الأسبوع الماضي حسابات يديرها أشخاص في تايلاند، وروسيا، وأوكرانيا، وهندوراس.

وقالت فيسبوك إن الشبكة التي مقرها الإمارات ومصر والتي تم تفكيكها اليوم الخميس أيضاً كانت منفصلة عن الحملة السعودية، رغم أنها استهدفت بعض الدول نفسها في الشرق الأوسط وأفريقيا برسائل تروّج لدولة الإمارات.

وقال نيمو: "هذا يدل على مدى تحول وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة معركة، لا سيما في الخليج، حيث توجد خصومات إقليمية قوية وتقليد طويل من العمل من خلال الوكلاء". وأضاف: "يصبح هذا أمراً طبيعياً إلى حد بعيد... حيثما تتصاعد التوترات الجيوسياسية، تحدث أشياء مثل هذه، ونحن ننتقل إلى فضاء تتعامل فيه المنصات مع ذلك بشكل شبه روتيني".

(رويترز)