تبعات عودة العقوبات الأميركية تسيطر على الصحف الإيرانية

12 اغسطس 2018
(فرانس برس)
+ الخط -



ما زالت الصحف ووسائل الإعلام الإيرانية تركز في غالبيتها وبمختلف أطيافها على الوضع الاقتصادي في الداخل الإيراني والمتأثر على عدة مستويات بعوامل داخلية وخارجية، على رأسها عودة العقوبات الأميركية منذ الثلاثاء الفائت بموجب انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي.

صحيفة "كيهان" المحسوبة على الخط المحافظ المتشدد والتي اعتادت توجيه انتقادات شديدة لحكومة الرئيس حسن روحاني المعتدلة، لا ترى فائدة من الحوار مع الولايات المتحدة الأميركية وتعتبر أن ترميم الاقتصاد يبدأ من الداخل لا بالاستناد للعلاقات مع الغرب.

ونقلت الصحيفة في أحد تقاريرها ما نشرته وكالات إيرانية عدة حول سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار، والذي مازال منخفضاً ولم يتحسن كثيراً، وهو ما يؤشر إلى أن السياسات الجديدة التي طبقها البنك المركزي الإيراني في اليوم الأول من دخول العقوبات الأميركية حيز التنفيذ العملي، لم تأتِ بنفعها بعد ولم تترك تأثيراً ملموساً وكبيراً.

وبحسب ما نقلت كيهان عن تلك المواقع، فإن سعر الدولار الواحد تجاوز 110 آلاف ريال في السوق الحرة في بعض الأحيان، وهو ما يعني أنه لم يتحسن كما بدى لكثيرين في اليوم الأول من سريان السياسات الجديدة. إلى جانب ذلك، فرغم أن البنك المركزي سمح لمحال الصرافة المرخصة باستئناف أعمالها بتبادل العملات الأجنبية، إلا أن عدداً كبيراً منها ما زال يعلق على واجهات محاله لوحة تقول "لا نبيع ولا نشتري الدولار". فقد كان من المفترض أن يتحكم البنك المركزي بهذه المسألة وأن يواجه تبعات العقوبات على سعر الصرف وقيمة العملة المحلية، وهو ما لم يحصل، بحسب الصحيفة نفسها.

صحيفة "خراسان" التي وضعت على صفحتها الأولى صورة للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي جالساً مع رئيس السلطة القضائية صادق آملي لاريجاني، نقلت كلام كليهما. إذ أن هذا الأخير طلب من المرشد الموافقة على سلسلة إجراءات سيطبقها القضاء بحق من وصفهم بالمفسدين الاقتصاديين، وهي إحدى الخطط التي تتبعها طهران داخلياً لمواجهة التبعات التي تنعكس على اقتصاد البلاد وعلى الظروف المعيشية للمواطنين، في الوقت الذي يبدو أن الضغط الخارجي سيظل مستمراً نحو التصعيد. فوافق خامنئي، وفق الصحيفة، على مقترح تشكيل خلية لمتابعة ملف المفسدين ومكدري الأمن الاقتصادي، لكنه طلب التروي والتدقيق في إصدار أحكام الإعدام بحق هؤلاء.

وفي مكانٍ ثانٍ من ذات الصحيفة، كتب جواد غياثي أن المعضلات التي يعانيها اقتصاد إيران اليوم "لا ترتبط فقط بالعقوبات وإنما بالضعف الذي يواجهه النظام المصرفي الإيراني من قبيل مشكلات التأمين المالي والفوائد المرتفعة، فالمشكلات التي انعكست على سوق العملة الصعبة والعقارات والذهب مرتبطة أيضاً بارتفاع السيولة وعدم استخدام الحكومة لعوامل التحسن بشكل مثالي".

إلى جانب ذلك، كتبت "خراسان" أن الرحلات الجوية من وإلى إيران نحو دول ثانية قد ارتفعت أسعار تذاكرها كثيراً بعد فرض العقوبات الأميركية، وهذا لا يخضع لرقابة، "فصحيح أن قيمة التذكرة كانت تصرف للريال الإيراني من الدولار وفق سعر البنك المركزي المخفض والبالغ 42 ألف ريال، إلا أنها اليوم باتت تحسب وفقاً لسعر 88 ألفاً وهو ما يعني ارتفاع أسعارها بنسبة 102% منذ الأربعاء الفائت فقط، وبالمقابل هناك بعض الجهات الداخلية التي تستغل هذا الأمر، فرفعت أسعار الرحلات الداخلية كثيراً وهو ما يعني وجود مستغلين لتبعات العقوبات، التي تشمل أيضاً الطيران المدني الإيراني".

صحيفة "اعتماد" الإصلاحية كتبت بقلم شهاب شهسواري أن "عاماً ونصف من رئاسة دونالد ترامب كانت كفيلة بزيادة أعداد الدول التي فرضت عليها العقوبات الأميركية"، وركز الكاتب كثيراً على التفاصيل والتصريحات المتعلقة بالتطورات الأخيرة بين واشنطن وأنقرة، مستفيضاً بالحديث عن هذه العقوبات والتصعيد الاقتصادي الأميركي إزاء تركيا.

وتحدث عن رد فعل إيران التي "ترى في تركيا شريكاً وبلداً جاراً لا تستغني عنه". ونقل موقف وزير خارجية البلاد محمد جواد ظريف والذي رأى أن تصرف ترامب الذي يفرض ضغوطات اقتصادية على بلد يشارك أميركا في عضوية الناتو أمر مشين ومخجل، قائلاً إنه على أميركا أن تعالج سلوكها وطالب المجتمع الدولي باتخاذ خطوات عملية لإجبار واشنطن على ترك الإدمان على فرض العقوبات، وهو ما اعتادت على فعله مع إيران وتمارسه مع كثر حالياً.

صحيفة "ابتكار" أشارت في صفحتها الاجتماعية لمسألة هامة للغاية تعد واحدة من الانعكاسات التي تخلفها عقوبات أميركا على إيران، "فالمختبرات الطبية ستعاني من نقص في المعدات والمواد التي تستخدمها وتحتاجها خلال الفترة المقبلة، ورأت أنه يتوجب على الحكومة أن توفر هذه المواد وفق سعر البنك المركزي للدولار، لكي تبقى بذات المستوى وكي لا ترتفع".

وأشارت أن بعض أصحاب المختبرات "باتوا مضطرين لشراء عدد وكميات أكبر من المواد والمعدات التي يحتاجونها لتأمين مختبراتهم خلال الأشهر الأربعة المقبلة، ولا يمكنهم أصلاً تخزينها أكثر من ذلك كون صلاحيتها ستنتهي، وهذا لا يعد احتكاراً، كون آخرين لا يفعلون ذلك ولا يستطيعون استخدام رأس مالهم الخاص، بحسب ما نقلت ابتكار".

صحيفة "إيران" الحكومية اعتبرت في تقرير اقتصادي أن العقوبات تؤثر كذلك على سوق السيارات في إيران، والتي زاد الطلب عليها عشر مرات أكثر من معدل الإنتاج غير القادر على توفيرها بالكامل، وذكر أن مشتري السيارات كانوا ينتظرون انتعاش سوق الصناعة الداخلية وزيادة إقبال شركات السيارات الأجنبية على إيران، إلا أن عودة العقوبات مجدداً حالت دون ذلك.

ورأت الصحيفة أن مغادرة شركات أجنبية من قبيل "رينو" و"بيجو" للبلاد تخوفاً من أن تطاولها العقوبات الأميركية وحرصاً على الشراكة مع واشنطن أمر مفهوم ومبرر، كونها لا تريد تعريض مصالحها للخطر.