وذكرت الدعوى أن العاملين بمهن الإعلام والصحافة بجميع روافدها، وصورها المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية، وغيرهم ممن لديهم صفحات على مواقع التواصل يزيد متابعيها عن خمسة آلاف متابع، فوجئوا بصدور اللائحة التي اتسمت بانتهاك الدستور، والقانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام، وبالمخالفة لهما على النحو الذي يصيب كل الجزاءات التي وردت بها بعدم الدستورية.
وقالت الدعوى التي حملت رقم 39418 لسنة 73 قضائية، إن اللائحة اغتصبت سلطة التشريع، وتعدت على اختصاصات القضاء في توقيع العقوبات، معددة أسباب مخالفة اللائحة المطعون فيها لقانون تنظيم الصحافة والإعلام، الذي نصّت الفقرة الأولى من المادّة الثالثة منه على أنه "يُحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية، ومصادرتها أو وقفها أو إغلاقها".
وأشارت الدعوى إلى أن اللائحة قررت، بالمخالفة للقانون، توقيع جزاءات بمنع نشر أو بث الموادّ الصحافية أو الإعلامية أو الإعلانية، وكذلك حجب المواقع الإلكترونية للصحف أو الصفحات الشخصية التي يزيد متابعوها عن خمسة آلاف شخص، على اعتبار أن منع نشر المادة الصحافية، وحجب المواقع الإلكترونية، ما هي إلا صورة من صور المصادرة، ووقف وإغلاق الصحف، ووسائل الإعلام، المحظور الاقتراب منها دستورياً وقانونياً.
وأوردت الدعوى سببين آخرين لمخالفة اللائحة للقانون، تمثّلا في أنها تضمنت تجاوزاً لسلطات وصلاحيات المجلس الأعلى للإعلام، وتجرؤاً على سلطة التشريع، في شأن النص على جزاءات لم يقررها القانون في باب العقوبات، كما أن ما قررته من جزاءات هي في حقيقتها عقوبات جنائية لا يجوز تشريعها إلا بقانون، ولا يجوز توقيعها إلا بحكم قضائي، ولا يجوز للمحاكم تناولها إلا بإحالتها من خلال النيابة العامة دون سواها.
وعلى صعيد مخالفة اللائحة للدستور، أكدت الدعوى أن الدستور المصري حرص على أن يضع حزمة من الضمانات لحماية حرية التعبير وإبداء الرأي، مقرراً أنها من القواعد الراسخة للدولة المدنية، وأساس من أسس وجود الدولة، وفي سبيل ذلك وضع النصوص الكفيلة بحماية حرية الصحافة والطباعة والنشر على نحو ما أورده بالمادّتين 70 و71 منه، نظراً لخطورة المساس بهذه الحرية على المجتمع ذاته.
وأوضحت الدعوى، أن اللائحة أجازت حجب الصحف والمواقع الإلكترونية، ووقف بث القنوات والبرامج الفضائية بالمخالفة لما نصّ عليه الدستور. وكذلك خالفت المبدأ الدستوري الخاص بألا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، فأجازت للمجلس الأعلى للإعلام توقيع عقوبة الغرامة المالية المسماة بـ"الإلزام بأداء مبلغ مالي"، على الرغم من أن المجلس ليس من الجهات القضائية المخول لها إصدار أحكام قضائية بتوقيع عقوبات.
كان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة الكاتب الموالي للسلطة مكرم محمد أحمد، قد أصدر قراراً بحجب الموقع الإلكتروني لجريدة "المشهد" لمدة ستة أشهر، وتغريمها بمبلغ 50 ألف جنيه، استناداً إلى لائحة الجزاءات التي أقرها مؤخراً، بدعوى "خوض موقع الصحيفة في (أعراض) إحدى الإعلاميات، وعدد من الفنانات، ونشر الموقع لصور إباحية، إلى جانب سب وتحقير إحدى الفنانات".
وتضمنت اللائحة جزاءات وعقوبات مغلظة، في إطار محاولات النظام المستمرة التضييق على عمل الصحافيين، منها "معاقبة كل من استخدم أو سمح بألفاظ واضحة وصريحة، تشكل جريمة سب أو قذف، بأحد الجزاءات الآتية: إما معاقبة الوسيلة الإعلامية بغرامة لا تقل عن 25 ألف جنيه، ولا تزيد على 250 ألف جنيه، أو لفت النظر أو الإنذار، أو إحالة الصحافي أو الإعلامي للتحقيق بمعرفة النقابة، أو إلزام الوسيلة بتقديم اعتذار أو وقف بث البرامج المخالفة، أو حجب الموقع الإلكتروني لفترة مؤقتة، أو منع الصحافي أو الإعلامي من الكتابة".