تقنية "الجيل الخامس"... سباق نحو السرعة والنفوذ

02 اغسطس 2019
سرعتها تقريباً 20 ضعف سرعة "الجيل الرابع" (Getty)
+ الخط -
كلّما عملنا على زيادة باقة بيانات الإنترنت الخاصة بهواتفنا الذكية، وجدنا أنّنا نستزفها كاملة. كلّما زادت سرعة الإنترنت على الهاتف الذكي أو على الجهاز اللوحي، كثر استخدامنا لها، ونشطت أبحاثنا عبرها، لأننا لا نواجه أي تأخير أو عراقيل.
وفي هذا السياق، أفادت دراسة أجريت على عدد كبير من شبان وشابات فنلندا بأن استخدام الفرد للإنترنت، عام 2017، وصل تقريباً إلى 9 غيغابايت من البيانات شهرياً، في حين أن الرقم وصل إلى 17 غيغابايت شهرياً في 2019، مما يعني أن الاستخدام تضاعف في عامين فقط تخللهما تحسينات على مستوى جودة الخدمة.
لذا، ما الذي يعنيه وصول خدمة أسرع وأكثر تطوراً كتقنية "الجيل الخامس" 5G إلى متناول أيدينا؟
معظم دول العالم تستخدم إنترنت شبكة "الجيل الرابع" أو ما يُعرف بالـ 4G. وهو تقنية اتصال لاسلكية للتواصل ونقل البيانات، بسرعة تُقدّر على الأقل بمائة ميغابايت في الثانية بين أي نقطتين في العالم. هذه التقنية مستخدمة منذ عام 2009، وتوفّر خدمة مقبولة جداً، ولا يواجه مستخدمها الانقطاعات الكثيرة في الاتصال أو البطء الشديد في التحميل.
لكنّ خدمة "الجيل الخامس" تعِد بالكثير؛ فسرعتها تقريباً 20 ضعف سرعة "الجيل الرابع"، مما يعني انتفاء أي ثغرة أو إمكانية لانقطاع أي اتصال أو تأخير في تحميل أكبر الملفّات. لن يكون هنالك انتظار ولو لثانية واحدة، ولا مجال لعدم وصول البيانات مهما كان حجمها.
يقول مطوّرو خدمة "الجيل الخامس" إن سرعة الإنترنت ستكون قادرة على نقل أفلام بتقنية Full HD في مدّة زمنية قياسية لا تتجاوز الدقيقة. ستؤمن 5G إمكانية نقل البيانات الخاصة بين الهاتف والحاسوب أيضاً بسرعة قياسية، ولن يكون هنالك داعٍ لاستخدام وصلات نقل البيانات، أو أجهزة "يو إس بي" USB أو حتى شريحة بيانات الهواتف لنقل المقاطع المصوّرة العالية الجودة بين الهواتف.
أكبر المستفيدين من خدمة "الجيل الخامس" هما شركتا "آبل" و"غوغل" اللتين بدأتا منذ سنوات بالعمل على موضوع التخلّص من الأسلاك وتعريف المستخدمين على كيفية نقل الصور، والبيانات، والـ Backup الخاص بالهواتف الذكية وغيرها.
لكن هل كل هذا الاهتمام فقط بسبب السرعة؟ بالطبع لا. يهتم أصحاب كبريات الشركات بتقنية خدمة "الجيل الخامس" لأنها تعمل على تحديد موازين القوى مستقبلاً، من خلال أهمّيتها في كل ما يستخدمه المواطن يومياً. هنا نتحدّث عن الصراف الآلي الذكي، مروراً بإشارات السير، ووصولاً إلى السيارات الذاتية القيادة. 
وعلى سبيل المثال لا الحصر، إشارات السير في المدن الكبرى عالمياً متّصلة بخدمة الإنترنت، وتعمل بطريقة ذكية لتفادي زحمة السير وتخفيفها، ولا مجال لانقطاعها أو التأخّر فيها. الأمر نفسه في لوحات السير التي يجب أن تنقب خبر فتح طريق ما أو إقفاله بأسرع طريقة ممكنة.
كما أن الخدمة ستسمح بالـ Platooning، أي تواصل السيارات الذاتية القيادة مع بعضها البعض عبر نشر جميع البيانات وتبادلها، كالسرعة والوجهة والزحمة وغيرها. وبذلك سيتميز عصر السيارات الذاتية القيادة بنسبة حوادث معدومة، وهو ما يسعى إليه المطور ورجل الأعمال، إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي في شركة "سبيس إكس".
وستساعد خدمة "الجيل الخامس" كبريات شركات الألعاب حول العالم في رفع مستوى التحدّي، والتأكّد من توفير الخدمة والتجربة الفضلى للمستخدمين، وربطهم بعضهم ببعض، بغض النظر عن المسافات، من دون أي انقطاع.
وستنعكس إيجاباً أيضاً على الخدمات الصحية، إذ مع ازدياد استخدام الساعات والأجهزة الذكية التي ترتدى Wearable Technologies، يسعى المطوّرون إلى نقل بيانات تلك الأجهزة عبر ربطها بالطبيب المختص أو بطرف ثالث لدراسة وتحليل تلك البيانات. وهكذا، سيصبح بالإمكان استخدام خدمة الـ 5G في نقل حالة مريض القلب مثلاً لحظة بلحظة ليتابعها طبيبه المختص أينما كان، وبالتالي إنذاره في أي وقت، أو حتى إجبار الهاتف أو الساعة الذكية على طلب المساعدة من أقرب مركز طبّي مختص لمعالجة المريض وإنقاذ حياته.
وفي السياق نفسه، يسعى جاهداً الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للاستحواذ أوّلاً على الخدمة، عبر ضربه لشركة "هواوي" الصينية التي كانت قد سبقت الولايات المتحدة بأشواط في مجال تطويرها لخدمة "الجيل الخامس". بالطبع، يعي ترامب خطورة الوضع في حال استحوذت الصين وطوّرت الخدمة قبل الولايات المتحدة، الأمر الذي سيكبّد الأخيرة خسارة العقود التي ستوقّعها الصين مع كبريات الشركات التكنولوجية السبّاقة لاستخدام أجهزتها لـ 5G.
المساهمون