وقالت المنظمة إنّ الحكومات تلجأ بنحو متزايد إلى حجب الإنترنت في أوقات الأزمات، بدعوى أن هذا ضروري لحماية الأمن العام أو لتقييد حركة انتشار المعلومات المغلوطة. لكن هذه الإجراءات الموسعة تمثل عقاباً جماعياً أكثر من كونها رداً تكتيكياً. عندما ينقطع الإنترنت، تُقيَّد قدرة الناس على التعبير عن أنفسهم بشكل حر، ويعاني الاقتصاد، ويعاني الصحافيون لتحميل الصور ومقاطع الفيديو التي توثق انتهاكات الحكومة، وينقطع الطلاب عن دروسهم، ولا يمكن دفع الضرائب في الوقت المناسب، ولا يتمكن من يحتاجون للرعاية الصحية من الحصول عليها بلا انقطاعات واضطرابات.
وأشارت المنظمة إلى أنّ الأنظمة الديمقراطية أيضاً تحجب الإنترنت، وليس فقط السلطوية منها، وهو ما حصل في كشمير منذ أواخر 2019.
وأوضحت أنّه "رغم أن الحكومات هي التي تأمر بالحجب، إلا أن الشركات مزودة الخدمة هي التي تنفذ ذلك. كثيراً ما تبرر الشركات التزامها الأوامر بأنها تتقيد بالقوانين المحلية، مشيرة إلى إمكانية خسارتها لتراخيص عملها إذا لم تنفذ تلك الأوامر"، مشيرةً إلى أنّ على مزودي خدمة الإنترنت أن يراعوا "مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان"، وهي أكثر مجموعة مبادئ حقوقية مقبولة بالنسبة إلى الأعمال التجارية، وأن يعيدوا النظر في تعاونهم الأعمى.
وحثّت المنظمة مزودي خدمات الإنترنت على التفكير في رفع قضايا ضد الحجب، خصوصاً أنّ أحكاماً قوية صدرت ضده في السودان وباكستان وزيمبابوي.
ورأت المنظمة أنّ هناك تقنيات أدهى، ولها ذات التأثير المدمر للتلاعب بالإنترنت، كحجب منصات أو تطبيقات رسائل ومواقع تواصل اجتماعي معينة، أو حجب الإنترنت عن منصات البث الحيّ، وهو ما حصل في تشاد وسريلانكا وفنزويلا وكازاخستان. وخففت إندونيسيا وإيران بشكل كبير من سرعة الإنترنت، بحيث أصبح شديد البطء، ما يصعّب من اكتشاف عملية التلاعب بالإنترنت. وفي روسيا، صدر قانون "إنترنت سيادي" جديد يطالب بأن يعمل الإنترنت دون إرسال بيانات إلى خوادم في الخارج، وقد ساعد هذا القانون السلطات الروسية على حجب الكثير من المحتوى، من رسائل فردية أو تدوينات فردية، إلى إيقاف الإنترنت عن روسيا بالكامل.
وحتى مع استمرار توافر الإنترنت، أشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى أنّ "هناك عدداً كبيراً من القوانين والأنظمة التي تسمح للحكومات بالضغط على الشركات كي تراقب المحتوى المتوافر للمستخدمين. ففي الصين، يطلب من منتجي تطبيقات الرسائل والتصفح أن يضعوا فلاتر حكومية على جميع منتجاتهم. ويهدد "قانون إنفاذ الشبكات" (نيتز دي غي) الألماني شركات الإنترنت بغرامات طائلة إذا لم تحجب المواد "غير القانونية" كما ورد تعريفها في 22 مادة، تراوح بين التعرض للأديان وإهانة المسؤولين الحكوميين، إلى التهديد بالعنف".
وأضافت: "جرى تصدير النموذج الألماني المذكور. فهناك 13 دولة منها سنغافورة والفيليبين وفنزويلا وروسيا تتذرع جميعاً بالنموذج الألماني لتفرض تدابير قمعية. وأصدرت فيتنام تشريعاً مماثلاً، وتدعي أن "فيسبوك" يلتزم الآن أغلب طلبات الحكومة بتقييد المحتوى أو إلغائه، وإن كان من الصعب التحقق من هذا الزعم".