تمكن محامو الصحافي المصري المعتقل على ذمة القضية 441 المعروفة بـ "الثقب الأسود الذي يبتلع الصحافيين والحقوقيين"، مصطفى الأعصر، من تسريب رسالة وجهها إلى الرأي العام، وأعلن فيها فقدانه الثقة والأمل بمنظومة العدالة في مصر.
وكتب الأعصر نصاً: "لقد فقدت الثقة والأمل في منظومة العدالة كلها، بمن فيها من المحامين المُستضعفين الذين يعرفون جيداً أن وجودهم لا نافع له ولا طائل من ورائه هو اكتمال النصاب القانوني الشكلي، وجودهم صوري لا فائدة منه؛ لذا قررت ألَّا يكون لي ممثل أو محامٍ أمام القضاء في الجلسات المقبلة".
وتابع: "وليس هذا هو السبب الوحيد لقراري، إنما أيضاً لأنَّ هؤلاء المحامين الذين هم في غالبيتهم من أصدقائنا لم يكونوا على قدر المسؤولية والثقة ولم يُقدموا المرجو والمأمول منه، بل على النقيض تعاملوا مع ظروف محبسنا بشيء من الاستهتار والتقصير والانتهازية لأجل التربّح من وراء محبسنا وآلامنا، سواء كان تربحاً مادياً أو معنوياً، هذا التربح المُغلَّف بقشرة نضالية بائسة وهشّة لها مسحة الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الصحافة والرأي".
وأضاف: "ولست في موضع حديث عن وقائع أو أسماء بعينها، ولست بصدد الخوض في صراع سيضر أكثر مما يفيد ويزيد من تمزق نسيجنا المُهترئ، ليس هذا بالوقت المناسب ولا المجال".
واستطرد قائلاً: "أُقدّر كثيراً ما يقوم به قلة من المحامين من جهود ومحاولات للمساعدة الحقوقية الشريفة والصادقة، وأُقدّر ظروف العمل في مناخ غير آمن ومُضطرب، ولكن هذا للأسف لم ينفِ الانتهازية الشديدة والاستهتار من الغالبية العظمى... أعلم جيداً أن كلامي هذا قد يُغضب الكثيرين من الأصدقاء، لكن هكذا تعودت أن أقسو على القريبين قبل الغرباء والغرماء".
واختتم رسالته: "سأحضر الجلسات المقبلة من دون دفاع إلى أن يفيق المحامون ويدركوا تقصيرهم، أمَّا من يريد حضور الجلسات بدافع الصداقة أو تقديم الدعم النفسي من الأصدقاء المحامين بعيداً عن المرافعات الشكلية والحضور الباهت، فله مني كل الاحترام، وسأسعد برؤيته تلك الدقائق القليلة من وراء القفص الزجاجي... على كلٍّ منَّا أن يدرك جيداً حجمه من المعادلة، وعلى المُحامين أن يفيقوا ويدركوا أن ليس من بينهم أحمد سيف جديد".
الأعصر محبوس احتياطاً على ذمة القضية رقم 441 لسنة 2018، المعروفة إعلامياً بـ"الثقب الأسود الذي يبتلع صحافيين وناشطين". ألقي القبض عليه في فبراير/شباط عام 2018 من الشارع مع زميله الصحافي الشاب حسن البنا، خلال عملهما لإنتاج فيلم تسجيلي حول "التحول الديمقراطي" في مصر. وأمرت النيابة بحبسهما بتهم الانضمام إلى جماعة محظورة، ونشر معلومات كاذبة بغرض الإضرار بالأمن القومي.
وفي يوليو/تموز الماضي، بدأ الأعصر إضراباً مفتوحاً عن الطعام، بسبب وفاة صديقه المعتقل الشاب عمر عادل في زنزانة التأديب، بعد أن كان محبوساً معه في الزنزانة نفسها. مات عادل في 22 يوليو/تموز الماضي، في "سجن طره" بعدما وضعوه في زنزانة التأديب لمدة أربعة أيام، ولم يكن يعاني من أي مشاكل صحية.
كان عادل قد اعتقل عام 2014 في عمر الـ 25، ورحل وعمره 29 عاماً. وكان محكوماً عليه بالسجن 15 عاماً قضى منها 5 أعوام في "قضية 2 عسكرية".
حسب محامين حقوقيين، لم يكن إضراب الأعصر عن الطعام، فقط تعبيراً عن الحداد على وفاة رفيقه في الزنزانة، بل أيضاً اعتراضاً على سوء الأحوال المعيشية داخل السجن، والإهمال الطبي، وبصفة عامة اعتراضاً على الحبس الاحتياطي المطول منتفي المبررات.
وقالت محاميته إن "مصطفى حالته النفسية سيئة جداً جداً، وحالته البدنية سيئة ما تتحملش أبداً يفضل مضرب عن الطعام، ويطلب من أصدقائه يتكلموا عنه، يمكن الكلام ده يكون سبب إن مسؤول يوصل له صوته ينصفه ويرفع الظلم عنه".