لماذا ينحاز الإعلام الروسي لدعم ترامب؟

20 اغسطس 2016
وصف ترامب بوتين بأنه زعيم قوي (يوتيوب)
+ الخط -
مع احتدام السباق إلى البيت الأبيض بين مرشحة الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، والمرشح الجمهوري، دونالد ترامب، يتجلى أكثر فأكثر انحياز الإعلام الروسي بشقيه الموجهين إلى الداخل والخارج، للأخير. في المقابل، يتم تقديم منافسته على أنها تأتي من داخل مؤسسة الحكم في الولايات المتحدة، وسبق لها أن أفشلت "إعادة تشغيل" العلاقات مع موسكو عام 2009، عندما كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية.

وسبق لمرشح الحزب الجمهوري أن أعرب أكثر من مرة عن نيته تحسين العلاقات مع روسيا، ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "زعيم قوي"، ولوح بإمكانية الاعتراف بضم روسيا شبه جزيرة القرم، وهو أمر يركز عليه الخطاب الرسمي والإعلامي الروسي.
في المقابل، وصف بوتين، ترامب بأنه "شخصية لامعة" ورحب بعزمه تحسين العلاقات بين بلديهما، فيما وصف عائلة كلينتون ساخرًا بأن "الزوج والزوجة شيطان واحد"، مشككًا في تداول السلطة في الولايات المتحدة، قبل أن يقول في وقت لاحق إنه أدلى بذلك منفعلاً.

في مرآة الإعلام الروسي، أبرزت قناة "روسيا 24" الحكومية تصريحات ترامب التي قال فيها إن سكان القرم فضلوا الحياة في روسيا، مشيرًا إلى أن أوكرانيا تسودها الفوضى، وداعياً إلى المصالحة مع روسيا. وبثت القناة في التقرير ذاته تصريحات لكلينتون، وهي تتهم روسيا بـ"التدخل في انتخاباتنا وديمقراطيتنا"، وذلك في سياق واقعة اختراق البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي.

كما تناقل موقع قناة "لايف" الموالية للكرملين هو الآخر، تصريحات ترامب التي أعرب فيها عن أمله في التعاون مع روسيا في مكافحة تنظيم "داعش"، وذلك مقابل "فضح" كلينتون المتهمة من قبل ذوي المواطنينِ الأميركيين، شون سميث وتايرون وودز، اللذين قتلا في بنغازي عام 2012، بـ"الوشاية" وتحملها "المسؤولية المباشرة" عن مقتلهما.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه "المركز الروسي لدراسة الرأي العام" مؤخرًا أن 41 بالمئة فقط من المستطلعة آراؤهم يتابعون تطورات حملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، ويتوقع 34 بالمئة منهم تحسن العلاقات في حال فوز ترامب، مقابل 6 بالمئة فقط في حال فوز كلينتون. ورجح 53 بالمئة تدهورًا للعلاقات في حال فوز كلينتون مقابل 12 بالمئة فقط في حال فوز ترامب.

الإعلام الموجه إلى الخارج
لم يكن موقف وسائل الإعلام الروسية الناطقة باللغة الإنكليزية والموجهة إلى الولايات المتحدة مختلفًا. إذ بثت قناة "RT" مقابلات وبرامج تظهر تقدم ترامب ونيته إنفاقا أكثر على البنية التحتية مقارنة بمنافسته. في المقابل، تتهم تقارير القناة كلينتون بالكذب أمام الكونغرس وخوفها من موقع "ويكيليكس" ومؤسسه جوليان أسانج الذي "سيقدم أدلة تكفي لاعتقال هيلاري كلينتون"، وبلغ عدد مشاهدات مقطع الفيديو بهذا الخصوص أكثر من 640 ألفا.


وتناقل موقع "سبوتنيك" باللغة الإنكليزية هو الآخر أنباء عن تقدم ترامب وتصريحاته حول فشل الديمقراطيين في حماية الأميركيين الأفارقة، وحتى "تأكيدات" لمقولته إن الرئيس الأميركي باراك أوباما هو "مؤسس" تنظيم "داعش"، قبل تخفيف المرشح الجمهوري من لهجته وتدقيقه أن "قيام "داعش" نتيجة مباشرة للقرارات السياسية لأوباما ووزيرة الخارجية كلينتون".
وذكرت تقارير صحافية غربية أن مدير حملة ترامب، بول مانافورت، حصل خلال الفترة بين عام 2007 وعام 2012 على 12.7 مليون دولار من حزب الأقاليم الأوكراني الموالي لروسيا الذي عمل مستشارًا له، قبل سقوط الرئيس فيكتور يانكوفيتش وهروبه إلى روسيا في عام 2014. وعلى الرغم من نفي مانافور تلقيه أموالا من أوكرانيا، إلا أن ترامب قلص صلاحياته بشكل كبير.

وبعد تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس جورج بوش (الابن)، كانت روسيا تربط آمالها في تحسينها بتولي أوباما زمام الحكم في البلاد، ولكن محاولة "إعادة تشغيل" العلاقات فشلت، وعادت العلاقات إلى التراجع بعد الإطاحة بنظام الليبي معمر القذافي بالقوة ومقتله في عام 2011، ونشوب خلافات بين البلدين بسبب الأزمة السورية.
إلا أن تدهور العلاقات بلغ ذروته بعد قيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم في عام 2014 وتصاعد الوضع شرق أوكرانيا، فيما يعتبر أكبر أزمة في العلاقات منذ انتهاء الحرب الباردة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، بات هناك إجماع بين الخبراء والمعلقين الذين تستطلع وسائل الإعلام الروسية آراءهم، على استبعاد احتمال تحسن العلاقات في حال فوز كلينتون "الكارهة لروسيا"، بينما يتسم ترامب بطريقة تفكير رجال الأعمال والبراغماتية، شأنه في ذلك شأن بوتين، مع التأكيد على أن أيا منهما سيدافع عن مصالح الولايات المتحدة وليس روسيا.