شكّل انتشار فيروس كورونا في الأردن بيئة خصبة لانتشار جائحة الشائعات والمعلومات المغلوطة، خصوصاً في ظل تعطش المتابعين والمواطنين إلى أي معلومة عن الوباء الذي سبب الهلع والخوف، ليس على المستوى المحلي فقط، بل العالم أجمع. وفيما أصبح حديث الساعة في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، تتنوّع الشائعات التي يتم تداولها بين التي يقصد بها المزاح أو التسلية، وبين التي قد تؤدي إلى الأذية أو قد تكون مغرضة.
مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد"، تتبّع حركة نشوء الشَّائعات، من 17 مارس/آذار الجاري وحتى الأحد 22 مارس/آذار، وهي الفترة التي أعلنت خلالها الحكومة الأردنية قرار العمل بقانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992 (قبل أن تخفف القيود على حظر التجول هذا الأسبوع)، فتبين تسجيل 14 شائعة تنوعت بين معلومات غير صحيحة تتعلق بالفيروس وتأثيره على المصابين، وبين تسجيلات صوتية ومقاطع مصورة غير صحيحة حول إصابات بالفيروس.
ولا يوجد تعريف محدد للشائعة، لكنّ الأغلبية تتّفق على أنه خبر أو مجموعة أخبار زائفة تثير الفضول وتنتشر في المجتمع بشكل سريع وتُتداول بين العامة ظناً منهم على صحتها، الأمر الذي يتطلب من المواطنين التعامل الصحيح بشكل خاص مع المحتوى الذي يُنتجه مستخدمو التواصل الاجتماعي، وعدم إعادة النشر إلا في حال التَّحقق من مصدر موثوق.
تقول الصحافية في مرصد مصداقية الإعلام الأردني، آية الخوالدة، لـ"العربي الجديد" إنّ "عدد الشائعات بدأ بالارتفاع مع انشار فيروس كورونا، مقارنة بالشهرين الماضيين من العالم الحالي. فخلال شهر يناير/كانون الثاني، تم رصد 30 شائعة، أما في شهر فبراير/شباط فكان هناك 31 شائعة، وحتى 23 مارس/آذار تم رصد حوالي 43 شائعة، لافتةً إلى أن جميع الشائعات تتعلق بفيروس كورونا والإصابات، والعلاج والإجراءات الحكومية.
وتوضح أنّ أغلب الشائعات التي انتشرت، خلال هذه الفترة، كانت عبارة عن تسجيلات صوتية لمواطنين لم يتحققوا من المعلومات التي نشروها، مشيرةً إلى أنّ صوت الأشخاص ونبرات الحزن والخوف جعلت الناس أكثر ميلاً لتصديق مثل هذه الشائعات، واعتبارها معلومات صحيحة.
يتفق عضو نقابة مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين، خالد القضاة، مع الخوالدة، في أنّ البيئة الحالية خصبة لانتشار الشائعات، لكنه يرى أن الإجراءات التي تقوم بها الحكومة الأردنية بالانفتاح على الإعلام، وقيام وسائل الإعلام بدورها، أدى إلى انحسار هذه الشائعات. ويقول القضاة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ زيادة عدد الإصابات على المستوى المحلي، والوفيات على المستوى العالمي، تساهم في زيادة عدد الشائعات، مضيفاً: أفضل طريقة لمواجهة الشائعات هو الإفصاح الطوعي عن المعلومات وفي التوقيت السليم، فكلّما تأخر التصريح عن المعلومة تنتشر الشائعة. وبدلاً من أن تكون المعلومة الرسمية هي المعلومة المتداولة، قد يجعلها التأخير رواية من ضمن روايات، معتبراً أنّ انتشار الشائعات في الأردن في ظل الظروف الحالية هو ضمن التوقعات المنطقية.
ويلفت إلى أنّ تجمع القيادات السياسية والأمنية في مركز إدارة الأزمات، وصدور التصريحات من المعنيين، أي أنّ كل وزير أو مسؤول أمني يتحدث عن اختصاصه يجعل التصريحات دقيقة، ويؤدي إلى شائعات أقل، مبيناً أنّ الحكومة تراهن على ثقة المواطنين بالجيش في إدارة الأزمة، والوعي المجتمعي بمخاطر الفيروس.
وكان بيان صادر عن هيئة الإعلام الأردنية حذّر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة، من نشر أو بث أو تداول الإشاعات والأخبار المكذوبة والمغلوطة أو المشكوك في مصداقيتها، مطالبةً وسائل الإعلام بالاعتماد على المصادر الرسمية الموثوقة للأخبار، تحت طائلة المسؤولية القانونية.
وأكدت أنها في ضوء تطورات أزمة فيروس كورونا، كثّفت متابعتها للمحتوى الإعلامي المقروء والمرئي والمسموع، وأنها ستتخذ الإجراءات القانونية الفورية، بحق أي وسيلة إعلام تنشر أو تبث إشاعات أو أخبار أو تقارير أو فيديوهات، من شأنها بث الرعب والخوف والهلع في أوساط المواطنين، أو أن تؤثر بأي شكل كان على أمن واستقرار المجتمع.
بدورها، حذّرت مديرية الأمن العام، في العديد من البيانات، خلال الأيام الماضية، المواطنين من نقل الشائعات وتداولها وإعادة نشرها كونها تثير الهلع والخوف لدى أبناء المجتمع، مشيرةً إلى أنه ستتم متابعة وملاحقة وضبط كل من يقوم بنشر أو إعادة نشر أو تداول الأخبار غير الصحيحة والشائعات التي تؤثر على الأمن المجتمعي وتثير الهلع بين المواطنين، ليتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم. وطالبت المواطنين بعدم نشر أية أخبار غير موثوقة وغير صادرة عن المصادر الرسمية الموثوقة، تجنباً للمساءلة القانونية.