إعلاميو الكويت بين التغطية والاتهامات بالتشويه

08 يونيو 2020
رفع الإعلام صوت الوافدين وأزمتهم خلال كورونا(ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
أدى قيام السلطات الأمنية في منطقة جليب الشيوخ، إحدى المناطق المعزولة كلياً في الكويت بسبب تفشي فيروس كورونا، باحتجاز صحافية ومراسلة ميدانية لساعاتٍ بسبب تصويرها داخل المنطقة التي تُعَدّ إحدى أكبر المناطق العشوائية وبؤرة لانتشار الفيروس في البلاد، إلى نقاش بين الإعلاميين الكويتيين والجمهور حول دور الإعلام في تسليط الضوء على المناطق التي وصفت بـ"المنكوبة".
وأفرجت وزارة الداخلية عن مراسلة "القبس"، بيبي الخضري، بعد ساعات من إيقافها بعد ضغط برلماني وشعبي دون توضيح لسبب الإيقاف. لكن الخضري قالت في حسابها على موقع "تويتر" إنها دخلت المكان بعد الاستئذان من الداخلية وامتلاكها تصريحاً رسمياً، لكنها فوجئت بإيقافها.
وتقول بيبي الخضري التي أصبحت أبرز مراسلة ميدانية في الكويت خلال أزمة كورونا، إنها قامت بالتصوير في مناطق الوافدين، وأوصلت أصواتهم التي لا يفضل الإعلام الرسمي إيصالها أو توضيح معاناتها. وتضيف لـ"العربي الجديد": "جوهر مهنة الصحافة أن نوصل معاناة الناس ونصور الواقع كما هو دون مجاملات".

وقال إعلاميون يعملون داخل منطقة جليب الشيوخ إن وزارة الداخلية تطلب من الإعلاميين شفوياً عدم نقل الصورة كاملة داخل المنطقة التي تشهد اكتظاظاً كبيراً في عدد العمال، إضافةً إلى أوضاع مادية سيئة لهم، بسبب انقطاعهم عن العمل، رغم المحاولات الحثيثة من الحكومة لإمدادهم بالغذاء والمعونة.

ووجهت وزارة الإعلام الكويتية إلى عدد من المواقع الإخبارية بضرورة حذف تقارير مصورة داخل منطقة جليب الشيوخ لم تكن مقاربة للواقع، بحسب ما يقول محرر في أحدها لـ"العربي الجديد". وعلّق المحرر والإعلامي عبد الله العنزي على توجيهات وزارة الإعلام والداخلية قائلاً: "إننا وصلنا إلى مستوى سيئ من الحريات مع الأسف. هناك نظرة من قبل بعض الجهات في الدولة بأن القنوات الخاصة والمنصات الإخبارية تسبب مشاكل لها وتنقل صوراً غير حقيقية، لكننا في الحقيقة لم ننقل إلا الواقع".
ويقول عياد الشمري، الذي يعمل مراسلاً ميدانياً لـ"العربي الجديد": "ليس هناك أوامر أو توجيهات رسمية من وزارة الداخلية بعدم التصوير داخل المناطق المعزولة، لكن الكثير من القيادات وأفراد الشرطة يقومون بجهد شخصي لمنع المراسلين من تصوير بعض الأحداث أو مقابلة العمال". ويرى عياد الذي يعمل صحافياً مستقلاً ويتنقل بالتصوير بين مناطق معزولة لمصلحة عدد من الصحف والقنوات الكويتية أن مساهمات المراسلين الميدانيين في هذه المناطق تحديداً أدت إلى إيصال صوتهم إلى المسؤولين وحلّ الكثير من مشاكلهم، بل وتغيير حياتهم إلى الأفضل.

ويدلّل عياد على تصوير إحدى القنوات الكويتية لبيوت في منطقة جليب الشيوخ انقطع عنها التيار الكهربائي ولم يستطع سكانها، وغالبهم من العمالة الفقيرة، الوصول إلى وزارة الكهرباء. وفور تصوير التقرير، حلّت وزارة الكهرباء المشكلة. وينطبق الأمر أيضاً على قضية عدد من العمال كانوا يعانون مشاكل مالية، وبعد نشر قناة إخبارية إلكترونية لمقابلة مع أفرادها، انطلقت حملة تبرعات.
ويشرح خليل الخالدي، وهو عضو في فريق الإعداد في قناة "أي تي في" الكويتية، كيف غيّرت الصحافة الكويتية والقنوات الفضائية من نهجها في غضون أسابيع قليلة من بدء تفشي كورونا من التحريض على الوافدين، إلى محاولة توصيل أصواتهم وتباين جانب كبير من معاناتهم.
ويقول خليل الذي عمل لسنوات طويلة في صناعة المواد الإخبارية والتقارير داخل الكويت لـ"العربي الجديد": "هناك هوس لدى الجميع بتحقيق أرقام مشاهدات كبيرة وبصناعة الحدث وجعله الأهم والأكثر تداولاً في اليوم العادي. في بداية الأزمة كانت الأمور تحدث بطريقة خاطئة، وكان بعض المعدين الذين لا يكترثون بالأخلاق المهنية يفسحون المجال لخطاب كراهية الوافدين في القنوات والصحف الخاصة، لكن الأمور تغيرت عندما قررت إدارات القنوات التدخل". ويضيف: "قلنا إنه لا بد من وقفة حاسمة، وبإمكاننا أن نحصل على مشاهدات من خلال إيصال معاناة الناس، وهو ما حدث فعلاً. فالمشاهدات التي تصور معاناة الوافدين وتنقل هموم هذه المناطق كانت ضعف المشاهدات في مقاطع التحريض التي تورط فيها فنانون ومشاهير مع الأسف".

لكن بعض الإعلاميين الكويتيين قالوا إن هذه القنوات الخاصة بالغت في تصوير مشاهد غير إنسانية في الكويت، رغم عدم حدوثها، ما سبّب "تشويه صورة البلاد"، بحسب ما يقول إعلامي كويتي بارز فضّل عدم الكشف عن هويته. ويقول الإعلامي الذي يعمل في تلفزيون الكويت الرسمي إن "القنوات الخاصة تبالغ في كل شيء، والجميع رآها كيف كانت تتصرف في بداية الأزمة وتحرّض على الوافدين، ثم رآها الجميع كيف قررت أن تصنع أحداثاً خاصة وتتوهم مواقف غير موجودة وتصور بعض المناطق المحظورة على أنها موبوءة في سبيل زيادة نسبة مشاهداتها".
المساهمون