منع خدمات للإنترنت في المغرب: قانون أم رقابة؟

23 مايو 2016
منع تطبيقات المكالمات تلاه منع الألعاب أونلاين (Getty)
+ الخط -
البداية كانت في شهر يناير/كانون الثاني من السنة الحالية، حيث فوجئ مستخدمو تطبيقات المكالمات عبر الإنترنت (voip) بتوقف هذه الخدمة في جميع التطبيقات، من دون أن تقدم الشركات المعنية في أي توضيحات رسمية. وهو ما تسبب في شن الناشطين حملات مناهضة لشركات الاتصالات على مواقع التواصل الاجتماعي، بدأت بحملة "سحب اللايكات" من صفحات هذه الشركات على "فيسبوك"، ووصلت إلى التوقيع على عريضة على موقع avaaz العالمي تطالب رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بالتدخل لوقف هذا الحظر.
وتسببت هذه الحملات بحرج كبير لشركات الاتصالات، الأمر الذي دفع بإحداها الى الانسحاب من دعم مسابقة "تكريم نجوم الإنترنت" في المغرب.

وجاء أول توضيح رسمي حول هذا الموضوع من طرف "الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات"، والتي أصدرت بلاغاً تؤكد فيه أن حجب خدمة الصوت عبر الإنترنت، يأتي في إطار امتثال المتعهدين بالتزاماتهم بموجب دفتر تحملات، نص عليها قرار صدر في العام 2004، والذي ينص على أنه "لا يحق استغلال الهاتف عبر VOIP أو ما يصطلح عليه بالعربية بروتوكول إنترنت IP لأغراض تجارية لفائدة العموم، وكذلك النقل لفائدة الأغيار للحركة الهاتفية إلا من طرف متعهدي الشبكات العامة للمواصلات".

ووفق المصدر ذاته، فإن المخالفين لهذا القرار، يعرضون أنفسهم للعقوبات الواردة في المادة 83 من قانون البريد والمواصلات رقم 96-24، والتي تنص على السجن من شهر إلى سنتين، وغرامة تتراوح ما بين 10 آلاف درهم (ألف دولار تقريباً) و200 ألف درهم (20 ألفاً و500 دولار).

كما توالت توضيحات شركات الاتصالات، بعد إصدار شركتي "اينوي" و"ميديتيل" بيانات توضيحية تؤكد أن حظرها للخدمات تأتي امتثالاً للقرار نفسه، فيما أكد عبدالسلام أحيزون، المدير العام لشركة "اتصالات المغرب" في تصريحات صحافية أن التطبيقات التي توفر خاصية المكالمات عبر الإنترنت "غير متلائمة مع القانون المغربي".



إلا أن كل هذه التبريرات لم تقنع مواطناً مغربياً من مدينة وجدة، قام برفع دعوى قضائية من أجل إلغاء القرار المذكور، والذي وصفه في دعواه بـ"المخالف للقانون"، و"المتسم بعيب الانحراف"، ليرفع على هذا الأساس دعواه ضد كل من الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة، والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات ANRT في شخص مديرها العام، ووزارة الاتصال في شخص وزيرها، والوكيل القضائي للمملكة في الرباط، وذلك بحضور شركة "اتصالات المغرب" وشركة "وانا كوربوريت" التي تسوق علامة "إنوي"، وما يزال القضاء ينظر في الدعوى ولم يحسم فيها حتى الساعة.

ولم تهدأ الضجة التي تسبب فيها حظر الـvoip حتى فوجئ رواد الإنترنت في المغرب بإقدام هذه الشركات على حظر خدمات online gaming في البلاد قبل أيام، الأمر الذي تسبب بدوره قي موجة غضب عارمة من طرف الناشطين خصوصاً أن كثيراً منهم يشاركون في بطولات دولية عن طريق هذه الخدمة.

إلى ذلك، أطلق ناشطون عريضة على موقع avaaz العالمي، حصدت آلاف التوقيعات في فترة زمنية وجيزة. ويطالب أصحاب العريضة شركة الاتصالات الأولى في البلاد بـ"تقديم توضيحات رسمية وسريعة حول ما قد تم" بالنظر إلى "عواقبه الوخيمة على الاشخاص الذين سيمسهم هذا القرار". هذا في ما نشرت شركة "اتصالات المغرب" تدوينة على صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، تؤكد فيها أنها "لم تقدم على أي إجراء يمكن أن يقيد أو يحد الولوج لهذه الألعاب".​

يوسف سعود، صحافي متخصص في تكنولوجيا المعلومات، أكد في تصريحات لـ"العربي الجديد" أنه "ليست هذه المرة الأولى التي تعمد فيها شركات الاتصالات إلى حجب خدمة الصوت المرتبطة بـ voip، فقد حاولت شركات الاتصالات ذلك بعد سنوات من سن قرار يمنع استغلال هذه التقنية بالنسبة للمستخدمين العاديين"، لكن التطبيق الجزئي للحجب، أي تطبيقه من طرف شركة دون أخرى، إلى جانب ضعف استخدام التطبيقات المرتبطة بهذه التقنية، وتواضع حجم البيانات، حال دون الاستمرار في العمل بالقرار.

واعتبر سعود أن "شركات الاتصال اختارت الحلول السهلة، أي الحجب، وعملت على تبرير قراراتها بحجم الاستثمار والتحديات التي تواجه القطاع، والتي تستدعي حسب نظرتها منع خدمات تستفيد منها شركات كبيرة على رأسها "فيسبوك"، حيث تستفيد هذه الأخيرة من البنى التحتية لشركات الاتصال بالبلاد من دون أن تؤدي أي ضريبة، وهو المعطى الذي عبرت عنه السلطات المغربية المختصة، في أكثر من مرة".



وخلص صاحب مدونة "التقني" إلى أنه "اليوم لم يعد مقبولاً في عالم البيانات الضخمة، أن تحجب خدمة هي حق مشروع، مهما كانت التبريرات الاقتصادية والأمنية والقانونية التي تروج لها الشركات والدولة، فعوض اللجوء للحلول السهلة، كان من الأفضل البحث عن حلول ذكية، تمكنها من تطوير خدماتها وابتكار خدمات أخرى ذات قيمة مضافة". ويضيف "اليوم تم حجب اللعب عبر الإنترنت، ولا نعرف ما هي الخطوات المقبلة لشركات الاتصال، وهو ما يستدعي إعادة النظر في النصوص القانونية المنظمة لمجموعة من الخدمات المرتبطة بالإنترنت، وذلك حتى لا نعيد نفس المشكلة، مع خدمات كثيرة، وبالتالي تجنّب استغلال شركات الاتصالات للقانون من أجل حجب أو منع خدمة معينة، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على توفير بيئة رقمية مناسبة لتطوير الاقتصاد الرقمي، الذي ينبض بالخدمات المرتبطة بالإنترنت، وتمثل الشريان الرئيسي له".​
دلالات
المساهمون