تطبيقات لمكافحة "كوفيد-19"... أم لاختراق المصابين؟

23 مارس 2020
ذهبت كوريا الجنوبية بعيداً لمعرفة تفاصيل شخصية(تشانغ سانغ جون/Getty)
+ الخط -
"كوفيد-19" هو أوّل وباء في عصر الهواتف الذكية وتكنولوجيا المعلومات المرتبطة بكل مستخدم أينما كان متواجدًا حول العالم. وتقوم الحكومات باستخدام التطبيقات لمراقبة الأشخاص المصابين بفيروس كورونا المستجد، بهدف مكافحته والحد من انتشاره، لكنّها في بعض الأحيان تستغلّه لاختراق خصوصية المواطنين.
يبحث باحثون في جامعة موناش الأسترالية في كيفية استخدام البلدان للتكنولوجيا لإدارة الفيروس. وتنقل هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن البروفيسور مارك أندرييفيتش قوله: "هذا هو أوّل وباء يمكن الوصول إليه باستخدام الهاتف الذكي، كذلك أوّل مرّة يتمّ فيها استخدام الهواتف الذكية لتتبّع الأشخاص ومُراقبتهم والتحكم في تحركاتهم لغايات صحّية وإنسانية".

وعلى الرغم من تفاوت المعلومات لمدّة طويلة فيما إذا كانت الهواتف الذكية والخدمات تتبع أماكن تحرّك المستخدمين لتسجّل بيانات حول اهتماماتهم وطريقة عيشهم، تؤكّد البيانات المسحوبة من الهواتف في الأيام الحالية أنّ كل ما يقوم به المستخدم على هاتفه مُراقب ويمكن إستخدامه من قبل شركات التطبيقات، والدولة وشركات الاتصالات. لكن في بعض البلدان، لطالما أرادت الحكومات الوصول لهذا النوع من البيانات لاختراق الخصوصية ومراقبة مواطنيها، وبات الوباء الفرصة المثالية بالنسبة لها، ما بدأ يظهر قبل أشهر.

في الصين، يتيح تطبيق Alipay Health Code، والذي أنشأه عملاق التجارة الإلكترونية Alibaba بالتعاون مع الحكومة الصينية، معرفة ما إذا كان يُسمح لهم بمغادرة المنزل أو استخدام وسائل النقل العام، فإذا كان اللون أخضر، يعني أن المستخدم حر في السفر، أما اللونان الأصفر والأحمر فيعنيان أنّه يجب عزله. ولكن وفقًا لتحليل أجرته صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن التسجيل في التطبيقات يمكن أن يعني تسليم بيانات المستخدم حول موقعه، وهويته والتطبيقات التي يستخدمها للشرطة، ما أثار مخاوف حول الخصوصية.

وبحسب موقع "فايس"، سعت السلطات الإيرانية التي واجهت اتهامات بأنّها أخفت الإصابات بفيروس كورونا، وبتقليل عدد المصابين والوفيات، إلى تهدئة الشعور المتزايد بعدم الارتياح من خلال تطبيق جديد، يتطلع إلى الاستفادة من ذلك لتعزيز قدرات المراقبة في طهران.
ويسمى التطبيق AC19، ويدّعي أنه قادر على اكتشاف ما إذا كان الأشخاص مصابين أم لا، ويقول "تم تصميم برنامج مكافحة الفيروسات التاجية من قبل وزارة الصحة للكشف عن احتمالية إصابة الأشخاص بفيروس كورونا". وبمجرد تنزيل التطبيق يطلب من المستخدمين التحقق من رقم هاتفهم، على الرغم من أن الحكومة لديها حق الوصول إلى جميع أرقام الهاتف من خلال سيطرتها على مزودي الهواتف المحمولة في الدولة. ثم تتم مطالبة المستخدمين بمنح التطبيق إذنًا بإرسال بيانات الموقع الجغرافي الدقيقة إلى خوادم الحكومة.

وفي كوريا الجنوبية، أنشأت السلطات تطبيقًا يُتيح لها معرفة ما إذا كان الأشخاص الذين عليهم البقاء في حجر صحّي قد خالفوا القواعد. وذهبت الدولة بعيداً في الحصول على معلومات تفصيلية حول تحركات الناس خلال هذه الأزمة الصحيّة. وأصبحت تطبيقات المستخدمين تُخبر عن الأشخاص القريبين المصابين بالعدوى أينما كانوا، حتى وإن كانت أجهزتهم مطفأة. رغم أهميّة التجسّس هنا لمساعدة المستخدمين في اقتفاء أثر المصابين وبالتالي تجنيبهم الإصابة، إلّا أنّه يُعدّ نوعا من أنواع خرق الخصوصية.
وبمجرّد تفعيل التجسّس على الهواتف من قبل النظام، يمكن الاستمرار في استخدامه بعد انتهاء هذه الأزمة. وبحسب أندرييفيتش، فإن السلطات ستستخدم التجسّس لمآرب صحّية ومخابراتية في الوقت عينه. ويضيف: "أعتقد أنه من الممكن أن نقلق بشأن استخدام المعلومات في هذه اللحظات بحيث تمّت تعبئة هذه البيانات فجأة وعلى عجل بسبب ظروف استثنائية".

في المملكة المتحدة، تمّ استدعاء ممثّلين من غوغل، فيسبوك، آمازون، Palantir وشركات تكنولوجيا أخرى إلى داونينغ ستريت للسؤال عمّا يُمكنهم المساهمة به في المعركة ضد فيروس كورونا. وبحسب "بي بي سي"، تركّزت المُناقشات حول كيفية توفير البيانات والخبرات لمساعدة خدمة الصحّة الوطنية على إدارة الأزمة واحتوائها.
لكن مع تفاقم الأزمة، ستواجه جميع البلدان المعضلة نفسها. والسؤال يبقى، ما مدى الخصوصية التي نرغب في التضحية بها في المعركة للحفاظ على الصحّة؟
المساهمون