في 15 يناير/كانون الثاني الحالي، أعلنت وكالة الأنباء التركية، "الأناضول"، عن إقدام الشرطة المصرية على مداهمة مكتبها في العاصمة القاهرة، واعتقال أربعة عاملين فيه بينهم تركي، بعدما قطعت الاتصال بشبكة الإنترنت وأغلقت كاميرات المراقبة.
في اليوم التالي، قرر النائب العام المصري إخلاء سبيل ثلاثة مصريين وتركيين اثنين، من المتهمين في قضية مكتب وكالة "الأناضول" في القاهرة، بكفالة قيمتها 10 آلاف جنيه لكل منهم، على ذمة "القضية 277 لسنة 2020 حصر أمن الدولة العليا"، والمتهمين فيها "بجرائم تمويل الإرهاب، وتعمد نشر أخبار كاذبة واستخدام حساب خاص على أحد مواقع التواصل لبث ونشر هذه الأخبار"، مع ترحيل التركيين خارج مصر. والمعتقلون كانوا: المدير المالي التركي حلمي مؤمن مصطفى بلجي، والمدير الإداري المصري حسين عبد الفتاح، والصحافي المصري حسين القباني، ومساعد المدير المالي المصري عبد السلام محمد حسن إبراهيم.
وفي بيان رسمي لها، قالت "الهيئة العامة للاستعلامات"، المعنية باعتماد مكاتب وسائل الإعلام الأجنبية ومراسليها في مصر، إنه "لا وجود قانوناً لوكالة (الأناضول) في مصر".
ما حصل استدعى استنفاراً من وزارة الخارجية التركية التي استدعت يومها القائم بالأعمال المصري في أنقرة، وأصدرت بياناً قالت فيه إن "الدول الغربية تتظاهر بالدفاع عن حرية الإعلام، لكن تغاضيها عن الانتهاكات في مصر له دوره في هذا الموقف المتهور".
إجراءات سابقة استهدفت "الأناضول"
كانت وكالة "الأناضول" التركية افتتحت عام 2010 مكتبها في القاهرة، واعتمد من المركز الصحافي التابع لـ "الهيئة العامة للاستعلامات"، وفي 2012 تقدمت بطلب لتحويل مكتبها في القاهرة إلى مكتب إقليمي ضم 42 مراسلاً ومصوراً وفنياً.
لكن في أواخر أغسطس/آب عام 2013، في أعقاب الانقلاب العسكري في مصر الذي رفضته تركيا صراحة، تعنتت السلطات المصرية مع مكتب "الأناضول" في القاهرة، وبدأت المضايقات بأن داهمت مباحث المصنفات الفنية بالقاهرة مكتب الوكالة وسط القاهرة، وتحفظت على أجهزة البث والارسال وكاميرات التصوير بادعاء عملهم من دون ترخيص. وتم القبض على اثنين من مسؤولي الوكالة، وتحرير محضر بالواقعة.
وفي مايو/أيار عام 2015، وصلت المضايقات والضغوط إلى أن أجبرت السلطات المصرية الوكالة، على غلق مكتبها في القاهرة وإجبار العاملين فيه على الرحيل والترحيل، بعد إنهاء عقود أطقم العمل في الوكالة، بعدما حصلوا على مستحقاتهم المالية وتعويضهم بسبب الإغلاق المفاجئ.
وقالت مصادر تركية حينها إن "المكتب تم إغلاقه كمكتب إقليمي، ولم يقفل بشكل كامل، وإن الإغلاق حصل لأسباب إدارية، وإن جزءاً من الموظفين خاصة الأتراك نقلوا إلى تركيا، خشية غدر النظام المصري بالمراسلين، لا سيما بعد مماطلات في تجديد تصاريح العاملين في الوكالة التركية، مما جعل إدارة الوكالة تشعر أن هناك نية مسبقة من قبل الجهات الأمنية المصرية بتصيد هذه الأخطاء المقصود منها الإيقاع بها وبالعاملين مما سرع في إجراءات الإغلاق".
اقــرأ أيضاً
وفي 3 إبريل/نيسان عام 2018، داهمت قوات الأمن المصرية مقر موقع "مصر العربية"، وألقت القبض على رئيس التحرير، الكاتب الصحافي عادل صبري، وأغلقت المكتب بعد تشميعه بالشمع الأحمر. وجاءت مداهمة "مصر العربية" بعد يومين من قرار "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" تغريم الموقع 50 ألف جنيه (نحو 2850 دولارا أميركيا حينها)، لإعادته نشر تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية يتحدث عن وقوع مخالفات انتخابية مزعومة خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت حينها. ولا يزال الكاتب الصحافي، عادل صبري، معتقلاً إلى الآن؛ بعدما انتظر تنفيذ قرار الإفراج عنه من "القضية رقم 4861 لسنة 2018 جنح الدقي"، بعد سداد كفالة قيمتها 10 آلاف جنيه في 4 أغسطس/آب عام 2018، فوجئ بقرار نيابة أمن الدولة بحبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات في "القضية رقم 441 لسنة 2018 حصر أمن دولة"، على خلفية اتهامه بالانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون ونشر أخبار كاذبة.
وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2016 تم التحفظ على أموال الشركة المالكة لصحيفتي "ديلي نيوز إيجيبت" و"البورصة"، بسبب صلات مزعومة بـ "جماعة الإخوان المسلمين"، قبل أن يتم التصعيد باقتحام عناصر أمنية مقر الصحيفتين، بدعوى التحقق من ملكية برامج الكمبيوتر المستخدمة، ثم تم حجب موقعيهما في مايو/أيار عام 2017، في سلسلة حجب طاولت مواقع عدة.
اقــرأ أيضاً
وتشمل قائمة الصحافيين السجناء الصادر ضدهم أحكام قضائية 29 صحافياً وإعلامياً، وفقاً لآخر حصر لـ "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان". وأفاد آخر حصر لـ "المرصد العربي لحرية الإعلام" (اكشف) بأن عدد الصحافيين والإعلاميين السجناء، إلى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وصل إلى 80 صحافياً وصحافية، بينما وثقت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" وجود 54 صحافياً مقيداً في كشوف النقابة في السجون المصرية.
وتعد مصر أكثر دولة تستخدم تهمة نشر "أخبار كاذبة" لاعتقال الصحافيين، وفق تقرير لـ "لجنة حماية الصحافيين الدولية". يشار إلى أن التصنيف العالمي لحرية الصحافة في 2019 الذي تعدّه منظمة "مراسلون بلا حدود" أظهر مصر في المرتبة 163 عالمياً، بتراجع مركزين عن العام الماضي من أصل 180 بلداً، بينما تحتل تركيا المركز 157 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة لعام 2019.
وتصدرت الصين، وتركيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، وإيران، قائمة البلدان التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين في العالم، وفق تقرير لـ "لجنة حماية الصحافيين الدولية"، نشر في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي.
في اليوم التالي، قرر النائب العام المصري إخلاء سبيل ثلاثة مصريين وتركيين اثنين، من المتهمين في قضية مكتب وكالة "الأناضول" في القاهرة، بكفالة قيمتها 10 آلاف جنيه لكل منهم، على ذمة "القضية 277 لسنة 2020 حصر أمن الدولة العليا"، والمتهمين فيها "بجرائم تمويل الإرهاب، وتعمد نشر أخبار كاذبة واستخدام حساب خاص على أحد مواقع التواصل لبث ونشر هذه الأخبار"، مع ترحيل التركيين خارج مصر. والمعتقلون كانوا: المدير المالي التركي حلمي مؤمن مصطفى بلجي، والمدير الإداري المصري حسين عبد الفتاح، والصحافي المصري حسين القباني، ومساعد المدير المالي المصري عبد السلام محمد حسن إبراهيم.
وفي بيان رسمي لها، قالت "الهيئة العامة للاستعلامات"، المعنية باعتماد مكاتب وسائل الإعلام الأجنبية ومراسليها في مصر، إنه "لا وجود قانوناً لوكالة (الأناضول) في مصر".
ما حصل استدعى استنفاراً من وزارة الخارجية التركية التي استدعت يومها القائم بالأعمال المصري في أنقرة، وأصدرت بياناً قالت فيه إن "الدول الغربية تتظاهر بالدفاع عن حرية الإعلام، لكن تغاضيها عن الانتهاكات في مصر له دوره في هذا الموقف المتهور".
إجراءات سابقة استهدفت "الأناضول"
كانت وكالة "الأناضول" التركية افتتحت عام 2010 مكتبها في القاهرة، واعتمد من المركز الصحافي التابع لـ "الهيئة العامة للاستعلامات"، وفي 2012 تقدمت بطلب لتحويل مكتبها في القاهرة إلى مكتب إقليمي ضم 42 مراسلاً ومصوراً وفنياً.
لكن في أواخر أغسطس/آب عام 2013، في أعقاب الانقلاب العسكري في مصر الذي رفضته تركيا صراحة، تعنتت السلطات المصرية مع مكتب "الأناضول" في القاهرة، وبدأت المضايقات بأن داهمت مباحث المصنفات الفنية بالقاهرة مكتب الوكالة وسط القاهرة، وتحفظت على أجهزة البث والارسال وكاميرات التصوير بادعاء عملهم من دون ترخيص. وتم القبض على اثنين من مسؤولي الوكالة، وتحرير محضر بالواقعة.
وفي مايو/أيار عام 2015، وصلت المضايقات والضغوط إلى أن أجبرت السلطات المصرية الوكالة، على غلق مكتبها في القاهرة وإجبار العاملين فيه على الرحيل والترحيل، بعد إنهاء عقود أطقم العمل في الوكالة، بعدما حصلوا على مستحقاتهم المالية وتعويضهم بسبب الإغلاق المفاجئ.
وقالت مصادر تركية حينها إن "المكتب تم إغلاقه كمكتب إقليمي، ولم يقفل بشكل كامل، وإن الإغلاق حصل لأسباب إدارية، وإن جزءاً من الموظفين خاصة الأتراك نقلوا إلى تركيا، خشية غدر النظام المصري بالمراسلين، لا سيما بعد مماطلات في تجديد تصاريح العاملين في الوكالة التركية، مما جعل إدارة الوكالة تشعر أن هناك نية مسبقة من قبل الجهات الأمنية المصرية بتصيد هذه الأخطاء المقصود منها الإيقاع بها وبالعاملين مما سرع في إجراءات الإغلاق".
انتهاكات متواصلة
لكن "الأناضول" لم تكن الأولى، وربما لن تكون الأخيرة في نظام يعادي الحريات الصحافية، وله سجل طويل في مداهمات الصحف والمواقع والوكالات الإخبارية؛ في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اقتحمت قوات الأمن المصرية مقر موقع "مدى مصر" الإخباري المستقل، واحتجزت جميع الصحافيين المتواجدين داخله، بعد 24 ساعة من القبض على الصحافي في الموقع نفسه، شادي زلط من منزله، ثم أفرج عنه لاحقاً مع ثلاثة صحافيين آخرين احتجزوا يوم اقتحام المقر، بعد تدخل من سفارات عدة دول غربية في القاهرة، منها سفارة الولايات المتحدة الأميركية. وفي 3 إبريل/نيسان عام 2018، داهمت قوات الأمن المصرية مقر موقع "مصر العربية"، وألقت القبض على رئيس التحرير، الكاتب الصحافي عادل صبري، وأغلقت المكتب بعد تشميعه بالشمع الأحمر. وجاءت مداهمة "مصر العربية" بعد يومين من قرار "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" تغريم الموقع 50 ألف جنيه (نحو 2850 دولارا أميركيا حينها)، لإعادته نشر تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية يتحدث عن وقوع مخالفات انتخابية مزعومة خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت حينها. ولا يزال الكاتب الصحافي، عادل صبري، معتقلاً إلى الآن؛ بعدما انتظر تنفيذ قرار الإفراج عنه من "القضية رقم 4861 لسنة 2018 جنح الدقي"، بعد سداد كفالة قيمتها 10 آلاف جنيه في 4 أغسطس/آب عام 2018، فوجئ بقرار نيابة أمن الدولة بحبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات في "القضية رقم 441 لسنة 2018 حصر أمن دولة"، على خلفية اتهامه بالانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون ونشر أخبار كاذبة.
وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2016 تم التحفظ على أموال الشركة المالكة لصحيفتي "ديلي نيوز إيجيبت" و"البورصة"، بسبب صلات مزعومة بـ "جماعة الإخوان المسلمين"، قبل أن يتم التصعيد باقتحام عناصر أمنية مقر الصحيفتين، بدعوى التحقق من ملكية برامج الكمبيوتر المستخدمة، ثم تم حجب موقعيهما في مايو/أيار عام 2017، في سلسلة حجب طاولت مواقع عدة.
اعتقالات وحجب واسع
وبنظرة سريعة على أوضاع الصحافة والإعلام في مصر، لمعرفة إلى أي مدى تحترم السلطات المصرية حرية الصحافة، فقد وصل عدد المواقع المحجوبة في مصر إلى 546 موقعاً على الأقل إلى الآن.وتشمل قائمة الصحافيين السجناء الصادر ضدهم أحكام قضائية 29 صحافياً وإعلامياً، وفقاً لآخر حصر لـ "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان". وأفاد آخر حصر لـ "المرصد العربي لحرية الإعلام" (اكشف) بأن عدد الصحافيين والإعلاميين السجناء، إلى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وصل إلى 80 صحافياً وصحافية، بينما وثقت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" وجود 54 صحافياً مقيداً في كشوف النقابة في السجون المصرية.
وتعد مصر أكثر دولة تستخدم تهمة نشر "أخبار كاذبة" لاعتقال الصحافيين، وفق تقرير لـ "لجنة حماية الصحافيين الدولية". يشار إلى أن التصنيف العالمي لحرية الصحافة في 2019 الذي تعدّه منظمة "مراسلون بلا حدود" أظهر مصر في المرتبة 163 عالمياً، بتراجع مركزين عن العام الماضي من أصل 180 بلداً، بينما تحتل تركيا المركز 157 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة لعام 2019.
وتصدرت الصين، وتركيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، وإيران، قائمة البلدان التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين في العالم، وفق تقرير لـ "لجنة حماية الصحافيين الدولية"، نشر في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي.