الأخبار المزيّفة كابوس "فيسبوك" و"غوغل"

16 نوفمبر 2016
يحاول فيسبوك محاربة الأخبار الوهمية (تشيب سوموديفيلا/Getty)
+ الخط -
كابوس لا ينتهي، يعيشه كُلّ من "فيسبوك" و"غوغل"، ويُهدد مصداقيّة المنصّتين. فانتشار الأخبار المزيفة الذي بدأ على "فيسبوك" انتقل إلى "غوغل"، ما يُعتبر مقلقاً تجارياً للأخير، إذ يرفض المعلنون أن تكون علاماتهم إلى جانب علامات تجارية مخادعة. 


وتُلاحق "فيسبوك" ضغوطاً متواصلة لتحسين طريقة تعامله مع الأخبار المفبركة، في ظلّ صدمة الانتخابات الأميركية، وبعد تقارير اتّهمته بالمساهمة في نتائج تلك الانتخابات.
وبحسب تقرير جديد لموقع "باز فيد" الأميركي، فإنّ عدداً من العاملين في "فيسبوك" أسسوا مجموعة غير رسميّة مهمّتها التعامل مع هذه المشكلة. واجتمع موظفون في الشركة بشكل سري لمعالجة المشكلة التي تُعتبر الأكبر أمام "فيسبوك" اليوم، بينما يُصمّم "فيسبوك" على التقليل من دور الأخبار الكاذبة والمفبركة والخدع في التأثير على الانتخابات.
وكان المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك"، مارك زوكربيرغ، قد تعهّد بجهود أكبر لمحاربة الأخبار الزائفة على الموقع. وقال في منشور له على صفحته على "فيسبوك" يوم السبت الماضي، إنّه يأمل في إعلان معايير جديدة لوقف الأخبار المزيفة "قريباً"، ومعتبراً أنّ الحديث عن تأثير الخدع على الناخبين "فكرة مجنونة".

وقال أحد العاملين في "فيسبوك" لموقع "باز فيد" إنّ "الفكرة ليست مجنونة. إنما المجنون هو خروج زوكربيرغ بتصريح إلى العلن لينفي فيه الموضوع برمّته بهذه الطريقة، عندما يعلم هو ونحن في الشركة أنّ الأخبار المزيّفة انتشرت بشكل جنونيّ على منصّتنا خلال موسم الانتخابات".

لكنّ الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، لم يُساعد زوكربيرغ في نفيه ومحاولته بالنأي عن النتائج الصادمة، إذ أكد أن "فيسبوك" كان واحداً من الوسائل الرئيسية التي ضمنت فوزه.
وقال ترامب في حوار مع شبكة "سي بي إس" إنّ "حقيقة امتلاكي لقوة فيما يتعلق بأرقام "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستاغرام" وغيرها، أظن أنها ساعدتني على الفوز بهذا السباق".
وبحسب موقع "غيزمودو" التقني المتخصص، فإنّ المديرين التنفيذيين في "فيسبوك" يُراجعون منتجاته للقضاء على ظهور الانحياز السياسي. وقال مصدر للموقع إنّ مسؤولي الصفّ الأول اطلعوا على تحديث لصفحة الأخبار news feed من شأنه أن يُحدد الأخبار الوهمية والخدع، ولكنّه أثّر بشكلٍ غير متناسب على المواقع الإخباريّة اليمينيّة. وبينما ينفي "فيسبوك" التسريبات، إلا أنّ "غيزمودو" أكّد أنّه تم غضّ النظر حالياً عن التحديث.
من جهتها، قالت صحيفة "ذا غارديان" البريطانيّة إنّ "موضوع الأخبار المزيّفة يُؤخذ بجديّة في "فيسبوك"، وتم النقاش فيه لأشهر في الشركة".
وتم تكثيف التدقيق في معاملة "فيسبوك" للمحتوى التحريري لعدّة أشهر، مما يعكس قوة وتأثير الموقع على نشر المحتوى الإخباري إلى جانب كُلّ ما يقدّمه من خدمات أخرى.
وبحسب الصحيفة، فإنّ "فيسبوك يعرف تحديداً ما هي الأخبار الوهمية، فزوكربيرغ قال في تصريحه الأخير إنّ 99 بالمئة من المحتوى على الموقع حقيقي. أي إنّه يعرف أيّ محتوى مفبرك".

ومن بين التدابير التي أعلنها "فيسبوك" لمحاربة هذه الأخبار، هو الإعلانات. فقد منع المواقع الوهمية من دفع الأموال لنشر إعلانات لديه، بعدما كانت خطواته تقتصر على السياسات الإعلانيّة الخاصة به. وفي بيان، أكّد الموقع أنّه "لا يدمج أو يعرض الإعلانات في التطبيقات أو المواقع التي تحتوي على محتوى غير قانوني أو مضلّل أو خادع والتي تشمل أخباراً كاذبة".
وكان تقرير نشره موقع "باز فيد" الشهر الماضي قد أشار إلى أنّ ناشراً في مقدونيا كان يخلق مواقع تروّج لأخبار وهميّة وتهدف إلى تشويه سمعة كلينتون في كثير من الأحيان، وتلقى مشاركات عالية على "فيسبوك"، فتنقل المستخدمين إلى مواقع مقدونيّة، وتحقق له ربحاً عالياً عن طريق منصة AdSense.

و"فيسبوك" الذي يستخدمه 1.7 مليار شخص حول العالم، بدأت قصة المحتوى المفبرك عليه في مايو/أيار الماضي، عندما أعلن موظف سابق في "فيسبوك" أنّ الشركة تتلاعب في قائمة الأكثر تداولاً "تريند" لأسباب سياسيّة، من خلال حذف الأخبار التي تتعلق بالمحافظين.
ونقل موقع "غيزمودو" حينها عن الموظف السابق في الشركة قوله إنّ الموظفين في قسم الأخبار تلقوا تعليمات بإزالة وإخفاء كل ما يتعلق سياسياً بوسائل الإعلام التابعة للمحافظين، لصالح وسائل إعلامية أخرى كـ"نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال"، بالإضافة إلى الأخبار عن سياسيين جمهوريين كالمرشح السابق للرئاسة الأميركية ميت رومني وراند بول.
بعد ذلك، عدّل "فيسبوك" نظام التريند، مشيراً إلى أنّه "لن يعتمد على المواقع الإلكترونية الأخرى من أجل تحديد ما الذي يجب أن يظهر على المواضيع الأكثر تداولاً"، وفق ما نقله "ماشابل" في أيار/مايو.

وفي أواخر آب/أغسطس، أعلن "فيسبوك" عن تغيير في خاصية "تريندنغ" وتقليل الاعتماد على المحررين فيه، لاستبعاد احتمالات التحيّز البشري بعد الانتقادات التي طاولته، وقال إنه لن يعتمد على محررين لكتابة وصف الموضوعات الرئيسية، وإنه سيظهر للمستخدمين بدلا من ذلك الموضوع وعدد الأشخاص الذين يناقشونه، ما أحدث فوضى عارمة في الموقع، وتسبّب ببروز أخبار كاذبة ومنشورات وهميّة وانتشارها.
وفي أغسطس أيضاً، وصفت صحيفة "ذا غارديان" التغيير بالسيئ وغير الموفق، إذ تخللت القائمة الكثير من الأخطاء والمشاكل. وأوضحت الصحيفة أن طرد المحررين الذين كانوا يشرفون على كتابة ملخصات المواضيع الأكثر تداولاً قد انتهى بنتائج سيئة.
وصعد إلى قائمة المواضيع الأكثر تداولاً خبر كاذب عن طرد صحافي في شبكة "فوكس نيوز" الأميركية، إضافة إلى مقطع فيديو أثار الجدل عن شاب في وضع جنسي، وأخبار أخرى بعضها غير صحيح وأخرى تضمنت عبارات وإشارات ومشاهد وُصفت بالخارجة.


من جهته، يعيش محرك البحث "غوغل" أياماً صعبة أيضاً، بعدما تسبّبت مواقع إخبارية وهمية بانتشار معلومات غير دقيقة عن الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وعند البحث عن نتائج الانتخابات، يظهر الرابط الأول من موقع وهمي، ويشير إلى أنّ الرئيس المنتخب دونالد ترامب حصد العدد الأكبر من الأصوات الشعبية وأصوات المجمع الانتخابي بفوزه على المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، وهو أمرٌ خاطئ، إذ إنّ ترامب فاز بعدد أصوات المجمع الشعبي، لكن كلينتون حصدت عدداً أكبر من الأصوات الشعبية.

وبعد انتشار صور الروابط الوهمية، أعدت صحيفة "واشنطن بوست" تقريراً حول أصل هذه المعلومات المغلوطة. وأشارت الصحيفة إلى أنّ الأرقام الكاذبة تنتشر من موقع يدعى "70 News"، وهو بدوره يقول، إنّ معلوماته مبنيّة على تغريدة عبر "تويتر"، حصدت حوالى 1500 إعادة تغريد.

وبحسب "واشنطن بوست"، فإنّ صاحب التغريدة بنى ما كتبه على أرقام نشرها موقع USASupreme.com، وهو موقع عشوائي لم يكتب الأرقام، بل قال، إنّ كلينتون "لن تفوز على الأرجح بالأصوات الشعبية".
وبينما لم يُعرف بالتحديد سبب إدراج "غوغل" لموقع "70 نيوز" كمصدر إخباري، قالت المتحدثة باسم "غوغل"، أندريا فافيل، إنّ محرك البحث يعمل على تحديث سياسته لتقييد وضع الإعلانات على مواقع إخبارية وهمية مع تزايد المخاوف من الانتشار السريع للمعلومات غير الدقيقة على الإنترنت.
وأضافت فافيل لوكالة "رويترز" أن التغيير في السياسة وشيك. وأشارت إلى أننا "سنمضي قدماً ونقيّد عرض الإعلانات على الصفحات التي تحرّف أو تعطي معلومات غير دقيقة أو تخفي معلومات عن الناشر أو محتوى الناشر أو الغرض الأساسي من الملكية عبر الإنترنت".

ويعمل "غوغل" على تغيير سياسته لمنع المواقع الإلكترونية التي تحرّف المحتوى من استخدام شبكته الإعلانيّة AdSense.
وقال موظف سابق لدى "غوغل" إنّ الشركة تستخدم مزيجاً من البشر والذكاء الاصطناعي لمراجعة المواقع الإلكترونيّة التي تُقدم لتكون جزءاً من منصة AdSense وتستمر مراقبتها.