تغطية كورونا: تحديات الإعلام العالمي

10 مارس 2020
تعقيدات عدة في الكتابة عن الفيروس (نويل سيليس/فرانس برس)
+ الخط -
تواجه المؤسسات الإخبارية التي تحاول تغطية جديد فيروس كورونا بشكل مسؤول تحديات تتعلق بعدم إثارة حالة الذعر ومواكبة سيل المعلومات وإزالة الغموض وتقديم المشورة للقراء والمشاهدين باستمرار حول الوقاية. وفيما يحاول العالم اكتشافه ومعرفة أسلوب تطوّره ومحاولة منع انتشاره وإيجاد علاج له، يجهد الإعلام لنقل كلّ تلك المعلومات بقالبٍ قريب من الجمهور، إلا أنّه يصنّف كـ"مضلّل" حيناً و"مثيرٍ للذعر" حيناً آخر، أو كـ"مروّج للأخبار الكاذبة" في أحيانٍ أخرى. 

هذه الأزمة ليست لدى الإعلام العربي فقط. إذ تنقل شبكة ABC News عن مايكل سلاكمان، مساعد مدير التحرير الدولي في صحيفة "نيويورك تايمز"، قوله "إنها قصة تدوم 24 ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع حول العالم". وتوفر الصحيفة خدمة تدفق حية لأخبار كورونا على مدار الساعة، مع تقسيم المسؤولية بين المحررين في نيويورك ولندن وهونغ كونغ.
وتم إنشاء قناة في تطبيق إدارة المهام "سلاك" من قبل صحافيي وكالة "أسوشييتد برس" للأنباء لمناقشة التغطية في ما بينهم، بمساهمة أكثر من 400 عضو. وكرّست شبكة NBC News نشرتها الإخبارية الصباحية للحديث فقط عن المرض.

وتسبب فيروس كورونا في إصابة الآلاف ووضع كثيرين في الحجر الصحي وأدى إلى تباطؤ الأسواق المالية، لكن التغطيات تتعرض للانتقاد وتوصف بـ"المبالغة".
ويقول مدير مركز غرادي كولدغ للصحة والتواصل بشأن المخاطر بجامعة جورجيا، غلين نوفاك، إنه "من الصعب إخبار الناس بالهدوء عندما تكون الإجراءات المتخذة في كثير من الحالات قوية للغاية أو غير مسبوقة".

ولكن هذا ما يقول الصحافيون المسؤولون عن التغطيات إنهم بحاجة إلى القيام به. وقال جون فاهي، محرّر الصحة والعلوم في وكالة "أسوشييتد برس": "لقد قدمنا ​​الكثير من التفسير في شكل سؤال وجواب، نحاول أن نوضح بلغة واضحة وبسيطة ما هي الأعراض وماذا يعني المرض بالنسبة للأشخاص". وأضاف أن الخوف هو استجابة طبيعية عندما يقرأ الناس عن ملايين الأشخاص المحتجزين في الصين.

لكن من الصحيح أيضاً أن المخاطر الفردية التي يتعرض لها الأشخاص صغيرة جداً. وفي أواخر الأسبوع الماضي، حاولت فيفيان وانغ، من "نيويورك تايمز"، أن توضح بعض التعقيدات في الكتابة عن مرض أصاب أكثر من عشرات الآلاف من الأشخاص وقتل الآلاف منهم. وأشارت إلى أن معظم الناس لديهم أعراض خفيفة، حتى أن الكثيرين منهم لن يدركوا أنهم مصابون بالفيروس.

وقال الدكتور سانجاي غوبتا، المراسل الطبي في شبكة "سي إن إن": "ما زلت أذكر المشاهدين بأنه بناءً على دراستين كبيرتين، فإن الغالبية العظمى من الأشخاص الذين يصابون بهذه العدوى لن يمرضوا. سوف يعانون من مرض خفيف، إن وُجد، وسوف يتعافون. هذا يميل إلى أن يكون مطمئناً للغاية للناس. لكنني لا أريد التقليل من هذا. نحن نتعامل مع شيء ينمو ويصبح وباءً شرعياً". وأشار فاهي إلى أن وكالة "أسوشييتد برس" تتجنب وصف كورونا بأنه مرض "قاتل" لأنه، بالنسبة لمعظم الناس، ليس كذلك.

وبالرغم من أن المرض يضيف المزيد من أعداد المصابين كل يوم، إلا أن الصحافيين يعرفون أنه، في مرحلة ما، تصبح الأرقام أقل معنىً. وتحتاج الصور أيضاً إلى نظرة متأنية. أغلب المقالات حول كورونا تُظهر أناساً يضعون كمامات على الوجه، بالرغم من الأدلة على ضعف أهميتها في ما يخص انتقال المرض.

ويمكن أن تستحوذ العناوين المثيرة على الاهتمام ولكنها تخيف أيضاً بشكل غير ضروري. ويحب الصحافيون الإثارة والتشويق والمخاطر النادرة، لكن عندما تصبح المخاطر جادة وواسعة الانتشار، يجب أن تصبح التغطية الإعلامية واقعية.

إلى جانب تذكير الناس باستمرار حول أساسيات المرض، يقول الصحافيون إنه من المهم شرح ما لا يعرفونه. وقالت لورا هيلموث، محررة الصحة والعلوم في "واشنطن بوست": "هذا يتيح لهم معرفة أننا لا نتجاهل الأسئلة، بل هي فرصة لإخبار القراء كيف يتقدم العلم في الوقت الحقيقي".

وينتج الفيروس مجموعة لا حصر لها من القصص غير الطبية في الإعلام: تعثر وول ستريت، إغلاق المدارس والأعمال، إلغاء الحفلات الموسيقية، إلغاء القبلات في إيطاليا، والقلق من المصافحة في الكنيسة. وتحول فيروس كورونا إلى قضية سياسية في مناطق مثل أميركا، حيث الرد على تفاعل دونالد ترامب مع الأزمة، وهو ما يجعل الصحافيين حذرين تجاه ما يقوله الساسة بشأن الفيروس.
المساهمون