في خطوة صادمة أصدرت محكمة الاستئناف بمدينة الدار البيضاء قبل منتصف ليلة الجمعة حكمها في حق الصحافي ومؤسس جريدة "أخبار اليوم"، توفيق بوعشرين، والقاضي برفع عقوبته السجنية من 12 عاما التي قضت بها المحكمة الابتدائية، إلى 15 عاما سجنا نافذا.
وكان العفو الملكي الذي صدر في حق الصحافية في الجريدة نفسها، هاجر الريسوني، قد رفع درجة التفاؤل تجاه محاكمة توفيق بوعشرين، حيث سادت توقعات بتخفيف حكمه بما يؤكد تدشين مرحلة جديدة في المغرب، وطي صفحة التوتر الحقوقي التي سادت في السنوات الأخيرة.
وكان الصحافي توفيق بوعشرين المعتقل منذ شهر فبراير/شباط 2018 بتهم الاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر، قد ألقى كلمته الأخيرة في جلسة المحاكمة التي انطلقت زوال اليوم، عبّر فيها عن أمله في أن تستحضر المحكمة أثناء نطقها بالحكم روح القرار الملكي بالعفو عن الصحافية هاجر الريسوني، والتي كانت قد أدينت بدورها بسنة حبسا بتهمة الإجهاض غير المشروع.
وأكد بوعشرين في كلمته الأخيرة أمام المحكمة أن قرارا يمضي في الاتجاه نفسه ستكون له أبعاد تتجاوز نازلته في حد ذاتها، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة أعلن عنها الملك في خطاب افتتاح السنة التشريعية يوم الجمعة 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وعبر محاميه عبد المولى المروري، بعث بوعشرين رسالة إلى الرأي العام بعد إلقائه كلمته الأخيرة، قال فيها إنه يؤكد براءته التامة من التهم المنسوبة إليه، ويؤكد أنه "مجرّد صحافي وليس معارضا لا للأجهزة (الأمنية) ولا لأي شيء آخر، كما لا يعارض الدولة".
وقال المحامي عبد المولى المروري في تصريح للصحافة بطلب من بوعشرين، إن هذا الأخير يؤكد أنه لم يقم سوى بدوره كصحافي، من خلال نقل الكلمة والرأي دون معارضته أي شخص أو جهة، مشددا على إيمانه بالثوابت الوطنية "وهي الإسلام والوحدة الوطنية والملكية، ويقول إن كل كتاباته كانت تندرج في إطار إيمانه بالملكية ولا يعارض هذا الأمر".
وفي كلمته الأخيرة أمام المحكمة، قال بوعشرين إن لديه رسائل محددة يريد إبلاغها، أولها أمنيته في أن تستحضر المحكمة روح العفو الملكي الصادر لفائدة الصحافية بجريدة "أخبار اليوم" هاجر الريسوني، وثانيها هي أن المحكمة مستأمنة على الأمن القضائي للمغاربة جميعهم، وتمنى بوعشرين أن تطمئن المحكمة الرأي العام المغربي إلى أن في دولتهم قانونا وقضاء يقف على نفس المسافة من كل الأطراف.
أما رسالة بوعشرين الثالثة فكانت موجهة إلى النسوة اللواتي يمثلن الطرف المدني في قضيته، وقال إنهن وجدن أنفسهن عالقات في "حرب"، معبرا عن أسفه "لما أصابهن ولما لحق بهن، فهن في الواقع ضحايا، وقد قلتها منذ الجلسة الأولى في المحكمة الابتدائية، لقد جعلوا منهن حطبا لإحراقي".
واعتقل بوعشرين، وهو مؤسس جريدة "أخبار اليوم"، في شباط/فبراير 2018 وحكم عليه ابتدائيا بالسجن 12 عاما في تشرين الثاني/نوفمبر، بعد إدانته "بارتكاب جنايات الاتجار بالبشر"، و"الاستغلال الجنسي"، و"هتك عرض بالعنف والاغتصاب ومحاولة الاغتصاب والتحرش الجنسي"، و"استعمال وسائل للتصوير والتسجيل"، في حق 8 ضحايا. كما حكم عليه بدفع تعويضات مالية عن الأضرار التي لحقت بهن تتراوح بين 9000 و46 ألف يورو.