حتى وسائل المعرفة والتعليم مدرجة بين أهداف الحرب الإسرائيلية على غزة. وليس ذلك خافياً على أحد، وكان الدكتور ناصر الصوير، مدير الإعلام والعلاقات العامة السابق في بلدية غزة الذي شارك في تأسيس مكتبة بلدية غزة العامة التي دمرتها إسرائيل خلال الحرب الحالية، قال في يناير/ كانون الثاني الماضي: "تهدف الحرب إلى إزالة غزة من التاريخ، والجغرافيا السياسية".
أعدمت إسرائيل الكتب بدم بارد في كل مكان في غزة، سواء في مكتبات أو مراكز ثقافية أو مدارس أو منازل، لكن فلسطينيي غزة انتشلوا بعضها من الركام وتناقلوها بين أيديهم في اللحظات الصعبة للتمسك بالحياة تحت القصف الذي لا يهدأ.
ولو كانت بقايا هذه الكتب صفحات مبعثرة تتضمن أجزاءً غير مكتملة وأوراقاً بلا أي صلة بأخرى بعدما احترقت الكتب الأساسية أو زالت من الوجود أو تناثرت قطعاً، لا يتراجع فلسطينيو غزة عن التمسك بالمعرفة والعلم بأي وسيلة متوفرة.
بين ركام الأماكن المقصوفة بحث أبناء القطاع أيضاً عمّا يفيد نشر المعرفة. انتشلوا ما يستطيعون انتشاله من بقايا الكتب، واستأنفوا المهمة التاريخية لشعب فلسطين في محاربة الظلم الذي يتعرضون له منذ عقود عبر نشدان المعرفة والعلم ونقلهما إلى الأجيال.
ذهنية التطلع إلى السلام بالمعرفة والعلم لا تزال تواكب حياة فلسطينيي غزة وسط الحرب، وهي حاضرة اليوم بين خيام اللاجئين، وأي مكان يجمع الصغار، ويستريح فيه الكبار. في غزة للمعرفة تتمة.
(العربي الجديد)