لم ينعم الغزيون بالهدوء والأمن منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، باستثناء فترة الهدنة التي لم تدم إلا أياماً قليلة. يعيشون على أصوات قصف مستمرة، ويدركون أن الموت قد يأتيهم في أية لحظة. يومياً، يشيعون أفراداً من عائلاتهم ثم ينتظرون ما ستحمله الدقائق المقبلة.
وعلى الرغم من المأساة اليومية والمستمرة هذه، والتهجير من مكان إلى آخر بحثاً عن الأمان غير الموجود، يبقى البحر ملجأً للغزيين، ليس فقط للاغتسال الشخصي أو تنظيف الثياب والأغراض وما إلى ذلك، بل إنه المتنفس الوحيد الذي بقي لهم في ظل العدوان، وقبله الحصار الإسرائيلي المستمر على مدى 17 عاماً.
العدوان الذي خلف أكثر من 118 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، لم يفقد الغزيون الأمل، وبات البحر بمثابة صلة الوصل بينهم وبين العالم، ولا يزال قادراً على إسعادهم. تسمع ضحكات الأطفال وهم يرشقون بعضهم بعضاً بالمياه، ويقفزون حين تباغتهم الأمواج. هي لحظات قليلة من الفرح قبل العودة إلى الخيام أو المنازل المدمرة أو العراء، وقبل أن تطغى أصوات القصف على كل شيء. لحظات تشعرهم أنهم يستحقون العيش والفرح والحلم والحرية... يستحقون الحياة.
(العربي الجديد)