وعلى الرغم من أن حزب ماكرون اختار بنجامان غريفو، المقرَّب من رئيس الجمهورية، من الساعات الأولى، مرشحا رسميا على حساب مرشحين آخرين، من بينهم سيدريك فيلاني، إلا أن هذا الأخير رفض الانضمام إلى المرشح الرسمي، رغم كثير من الوعود، منها أن يكون مساعده في الحملة، مانحاً لنفسه فسحة من الزمن للتفكير، وقرر أخيراً الانتقال إلى هذه المرحلة، التي أعلن فيها عن هذا الترشح.
وقبل الإعلان، حرص فيلاني، الذي أنجز حملة انتخابية فريدة في العاصمة، حيث ارتاد مقاهيها وتحدث كثيراً إلى مُواطنيها، على التأكيد على ولائه لرئيسي الجمهورية والحكومة، شارحاً أن مساره السياسي اللانمطي يقترب كثيراً من مسار رئيس الجمهورية.
واللافت للنظر هو موقف الرئيس ماكرون من هذا الترشح، إذ إنه ترك ثلاثة من المقربين منه يتنافسون حول هذا المنصب دون أن يختار أحداً منهم، وهم منير محجوبي وبنجامان غريفو وسيدريك فيلاني، قبل أن ينسحب منير محجوبي من السباق، معلناً دعمه لسيدريك فيلاني، ثم منضمّاً في النهاية لمرشح الحزب الرئاسي.
وعبَّر كثيرون من الحزب الرئاسي والأغلبية الرئاسية عن "أسفهم" لهذا الترشح، ومن بينهم المرشح الرسمي، بنجامان غريفو، وأصيبت المتحدثة باسم الحكومة، سيبيث ندياي، بـ"الخيبة"، من هذا الترشح، كما أن الحزب الحكومي "الجمهورية إلى الأمام"، في شخص رئيسه، جيل لوجوندر، عبر عن "الأسف" من القرار، مع رفض طرده من الحزب.
ولكن فيلاني، عالِم الرياضيات، والحائز على جائزة مرموقة تعادل جائزة نوبل في الرياضيات، والذي لعب دوراً حيوياً في حملة المرشحة لبلدية باريس، آن هيدالغو، في مارس/آذار 2014، يَعتَبر نفسَه قد شبَّ عن الطوق، وأصبح قادراً على إدارة العاصمة الفرنسية.
وعلى الرغم من أنه لم يكن محاطاً بشخصيات سياسية معروفة، ربما لن تتأخر في اللحاق به مع اشتداد الحملة وشعاراتها واستطلاعات الرأي بشأنها، إلا أنه أعلن أمام مجموعة من أنصاره، من الذين جابوا معه أحياء وشوارع العاصمة، أن لديه القناعة بأنه "مع أنصاره" قادرون على أن يفعلوا شيئا مغايرا ويضعوا الباريسيين على السكة، من أجل "استعادة ديناميتنا واعتزازنا".
وفي لفتة شكر وامتنان تجاه الباريسيين اعترف أنه تعلَّم مع الزمن "استشارة الباريسيين".
وعلى الرغم من غياب برنامج المرشح سيدريك فيلاني في هذا اللقاء، إلا أنه وَعَدَ بأن يجعل باريس، وبمعية الباريسيين، في "حركة"، "حتى نجعل منها العاصمة الدولية ذات المرجعية في القرن الحادي والعشرين".
ومحاولة من الاستفادة من عثرات العمدة الحالية، وحتى من سبقها، أكد فيلاني أن باريس "مُشبَعَة بالحرمان وبالقلق اليومي".
وفي التفاتة منه إلى الشؤون البيئية، التي أصبحت حديث كل لسان سياسي، من اليمين إلى اليسار، أعلن فيلاني عن رغبته في أن يكون "أول عمدة إيكولوجي حقيقي لمدينة باريس"، أن يكون "إيكولوجي القُرب"، و"إيكولوجياً حقيقياً".
كما أنه، في التفاتة إلى رئيس الجمهورية، أعلن أنه ليس "رجل أجهزة"، وأنه لا يعتمد إلا على مواطنيه، وأنه لن ينتقد منافسيه.
ورغم أنه لا شيء محسوماً لحد الآن، ثمة توقعات بتغيير ماكرون لمرشحه الباريسي، في حال انهيار شعبية غريفو، فالعاصمة ضرورية لولاية رئاسية ثانية. وما يمنح بعض المصداقية لهذه التوقعات، سماح رئيس الحكومة، إدوار فيليب، لوزرائه بالترشح في الانتخابات البلدية، وهو ما يعني أن الرئيس ماكرون قد يزجّ برئيس حكومته في أتون معركة باريس، إذا أفل نجم غريفو.