ما إن استقرّ صحافيون سوريون أربعة، هُجّروا من درعا (جنوبي البلاد)، في العاصمة الإسبانية مدريد، حتى أطلقوا مجلة ناطقة باللغتين العربية والإسبانية تحت اسم "بيننا"، لتغطية ما يهم العرب عن إسبانيا، وما يهم الإسبان عن العرب، وتقديم المعلومات التي يحتاجها اللاجئون، والجمهور الناطق بالعربية الذي يقدّر عدده بنحو مليون.
موسى المصري وأيهم الغريب وعقبة محمد ومحمد شباط شبّان تتراوح أعمارهم ما بين الـ20 والـ40، تركوا منازلهم في درعا إبان حملة التهجير التي شنّتها قوات النظام السوري ورعتها الدولة الروسية عام 2018، ووصلوا إلى الشمال السوري في العام نفسه، ثم غادروا إلى تركيا، وبعدها انتقلوا إلى إسبانيا عام 2019، بمساعدة من "لجنة حماية الصحافيين" غير الحكومية التي تتخذ من نيويورك مقراً لها.
يقول الكاتب الصحافي وأحد مؤسسي المجلة الإلكترونية، موسى المصري، لـ"العربي الجديد" إن فكرة المجلة انطلقت من واقع حاجة اللاجئين العرب في إسبانيا لجهة تقدّم لهم المعلومات الصحيحة، وفي رغبة منا لإيصال الصورة المشرقة للاجئين إلى الجمهور الإسباني. ويشير إلى أنها جاءت أيضاً استمراراً للعمل الصحافي الذي بدأه الشبان الأربعة في محافظة درعا بعد الثورة عام 2011 والشمال السوري وتركيا.
ويضيف المصري أن التأسيس في السابع من إبريل/ نيسان الحالي جاء بجهود فردية، ما عدا المكتب الذي قدّمته جمعية "بور كاوسا" الإسبانية التي تروج للصحافة الاستقصائية والعمل حول الهجرة في العاصمة مدريد. والصحافية الإسبانية أندريا أوليا تعمل منسقة للمجلة، وتطوّعت لترجمة المواد الصحافية من اللغة العربية إلى الإسبانية وبالعكس.
تغطّي المجلة الجديدة، بحسب المصري، أخبار إسبانيا والعالم العربي إن كانت سياسية أم اجتماعية أم رياضية، إضافةً إلى مواضيع ثقافية وقصص نجاح ومشاكل اللاجئين، وتحاول في الوقت نفسه إظهار الوجه المشرق للاجئين، كما تسعى لأن تكون جسراً بين الثقافتين العربية والإسبانية، على حد قوله. ويشير إلى أن المجلة تحارب الصورة النمطية المترسّخة لدى الجمهور الإسباني عن العرب وبالعكس، وتلتزم بالمعايير الصحافية. أما عن اختيار اسم "بيننا"، فهو للدلالة على الـ"نحن" ككل، أي الجميع من دون استثناء لأي أحد.
تعتبر المجلة الأولى في إسبانيا التي يديرها لاجئون، وحصلت مبادرة مماثلة في ألمانيا مع مجلة "أمل برلين" الرقمية. وغطّت العديد من قصص النجاح للاجئين عرب في إسبانيا، كما نشرت دراسة قارنت بين الربيعين العربي والإسباني، وتدخل الشارع في السياسة سواء في العالم العربي أم في إسبانيا على اختلاف التجربتين، وإذا ما كان يمكن اعتماد هذا التدخّل في صناعة أي تغيير مستقبلي.
وتعتبر إسبانيا وجهةً ومحطة لكثير من اللاجئين السوريين الذين يقصدون دول الاتحاد الأوروبي عبر دول المغرب العربي، وتقدم أكثر من 20 ألف منهم بطلبات لجوء هناك، منذ 2011، وفق اللجنة الإسبانية لمساعدة اللاجئين.