حسن سامي يوسف... الموتى لن يعودوا هذا المساء

03 اغسطس 2024
الكاتب الفلسطيني ــ السوري حسن سامي يوسف (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- رحل الكاتب الفلسطيني ــ السوري حسن سامي يوسف في أغسطس 2024، تاركاً إرثاً درامياً تلفزيونياً بارزاً بالتعاون مع نجيب نصير، مما أفرز مسلسلات ناجحة مثل "نساء صغيرات" و"الانتظار".

- تميزت أعمال يوسف بانحيازه لقضايا المرأة والحب والظلم المجتمعي، مع بقاء فلسطين حاضرة في أعماله مثل "الغفران" و"زمن العار". كان يحلم بكتابة عمل عن القيادي الفلسطيني علي حسن سلامة.

- تناول يوسف قصص السوريين من قاع المدينة، مسلطاً الضوء على معاناة الفقراء والبسطاء، وعالج قضايا التمرد على العادات والتقاليد، وكتب روايات متنوعة بين الرومانسية والوطنية.

"لا تنتظروهم، فالموتى لا يرجعون إلى بيوتهم في المساء". نشر الكاتب الفلسطيني ــ السوري حسن سامي يوسف هذه الجملة مرات عدة على صفحته في "فيسبوك"، وكأنه يقول لنا ألا ننتظره من جديد حين يودع هذه الحياة. وبالفعل رحل يوسف صبيحة الثاني من أغسطس/ آب 2024، تاركاً أعمالاً درامية تلفزيونية بارزة شكّلت بتراكمها جزءاً أساسياً من ذاكرة السوريين.

ترافق اسم الكاتب حسن سامي يوسف في أغلب أعماله مع الكاتب السوري نجيب نصير. علاقة وطيدة جمعت الكاتبين في أعمال نجت عنها مسلسلات عديدة. كان يوسف يكتب النص قصة متكاملة مع شخوصها ويصوغ نصير السيناريو، ولم تفلت هذه الثنائية ولو مرة، بل كانت "تجوهر" كلما تقدمت بهما السن، وتنضج في آلية التقديم والطرح والشخوص.

جمعت بين يوسف ونصير وحدة الفكر والقلم والتفكير في صناعة محتوى درامي سوري يترك أثراً لدى المتلقي، فقدما "نساء صغيرات"، و"حكاية خريف"، و"رجال ونساء"، و"أيامنا الحلوة"، و"الانتظار"، و"السراب"، و"زمن العار"، و"فوضى"، وكانت كلها أعمالاً نابعة من صميم المجتمع السوري، وتقدم حكايات عنه برؤية مختلفة محورها موضوع واحد تتشعب منه قصص أخرى.

في لحظة رحيله، وعند مراجعة مجمل إنتاجه الدرامي، يبدو انحياز يوسف للمرأة واضحاً. يظهر ذلك من القضايا التي ناقشها، بتفاصيلها العامة والصغيرة: من الحب، إلى العار، إلى الظلم المجتمعي الذي قد تتعرض له، فقدّمها شريكة مساوية للرجل لا خاضعة، على اختلاف وتنوع البيئات التي طرحها. ولعل أكبر مثال على ذلك مسلسل "رجال ونساء" الذي تحدث عن هواجس الجنسين كلٌّ بأسلوبه وأفكاره من خلال علاقات اجتماعية متشعبة أبطالها من الحياة اليومية البسيطة.

كذلك بقيت فلسطين حاضرة في أعمال يوسف، فهو لم ينسَ يوماً تلك البلاد التي جاء منها بعد النكبة، فظل يذكّر بها في كل عمل مثل "الغفران" "وزمن العار" حتى لو بمشاهد معدودة. لكنه حين قرر كتابة عمل بعنوان "الأمير الأحمر" ليلعب بطولته تيم حسن عن قصة القيادي في منظمة التحرير الفلسطينية، الشهيد علي حسن سلامة، أُخفِيَ المشروع وتأجل لأجل غير مسمى لأسباب قيل إنها سياسية، فتوفي الكاتب وفي قلبه حسرة بأنه لم يقدم مسلسلاً كاملاً عن بلاده.

من قاع المدينة، إذاً كان الكاتب الراحل يروي قصص السوريين التي يمكن إسقاطها على كل واقع عربي، فما كان مسلسل "الانتظار" سوى حكاية درامية قادمة من عشوائيات دمشق وما يجري فيها لترصد معاناة الفقراء البسطاء وكيفية تفكيرهم. وكانت المعالجة أقسى ربما في مسلسل "أيامنا الحلوة" الذي طرح بفكر روائي متميز شخوصاً من عشوائيات دمشق تعيش الفقر وتسعى للخلاص منه بأي طريقة لكن الحلم حين يتجاوز الأعراف والتقاليد والعادات سيخضع للوأد حتماً في بيئة كهذه. لذا كان التمرد في أوجه على العادات تلك، من خلال مسلسل "زمن العار" الذي طرح العار برؤية مختلفة بعيدة عن مفهوم شرف المرأة.

من القاع والتمرد وصولاً إلى الحرب السورية التي عاصرها الكاتب الراحل، طرح قصة الشام الحزينة بعلاقة حب عظيمة جمعت عروة وهناء بطلي القصة المؤلمة التي شهدت دمشق على جمالها، حتى ماتت هناء بين ذراعي عروة بعدما خانها. كذلك جاء النزوح مادة دسمة كاملة لعمله الأخير "فوضى"، الذي رصد سورية تحت وطأة الحرب مشبهاً ما حصل فيها بما حصل في فلسطين، من نكبة ووجع ودمار وهجرة ورحيل وألم، من دون أي حلول منطقية لهذه الجحيم، لكن رغم ذلك بقي للحب مكان وللحياة مكان في ظل كل هذه الفوضى.

سينما ودراما
التحديثات الحية

في رصيد الكاتب الراحل روايات عدة تتنوع بين الرومانسية والوطنية، ولأنه كان يحب أن يقرأ الناس حروفه على الورق كما يرونها على الشاشات، كان يسوّق لرواياته قبل إصدارها، فصاغ مسلسل "الغفران" بناءً على روايته "رسالة إلى فاطمة"، وكذلك صاغ مسلسل "الندم" بناءً على روايته "عتبة الألم".

المساهمون