بينما تغرق مواقع التواصل بالفبركة، يرى الباحثون أملاً في بروتوكولات وتقنيات ناشئة، مثل التحالف من أجل مصدر المحتوى والأصالة، C2PA.
C2PA تحالف، انطلق قبل عامين، بين شركات التكنولوجيا الكبرى لتطوير معايير فنية للمصادقة على مصدر المحتوى باستخدام التشفير. ومع تزايد الاهتمام باكتشاف الذكاء الاصطناعي وتنظيمه، اكتسب المشروع زخماً. تنقل مجلة إم آي تي تكنولوجي ريفيو العلمية عن رئيس C2PA، أندرو جينكس، أن العضوية زادت بنسبة 56 في المائة في النصف الأول من هذا العام.
وانضمت منصة الصور والفيديو الكبرى، شاترستوك، كعضو، وأعلنت عن نيتها استخدام البروتوكول لوصف جميع محتوياتها التي أنشأها الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك مولّد الصور الذي يعمل بنظام الذكاء الاصطناعي التوليدي DALL-E. ودمجت "أدوبي" بروتوكول C2PA في منتجات عدة لها، بما في ذلك "فوتوشوب" و"أدوبي فايرفلاي"، وسمّته بيانات اعتماد المحتوى.
كيف يُستخدم C2PA؟
صُمّم البروتوكول بحيث تحتوي الصورة، على سبيل المثال، على معلومات مصدر مشفرة من وقت التقاطها بالكاميرا إلى وقت ظهورها على وسائل التواصل الاجتماعي. مثلاً، إذا صوّر أحدٌ قصف مستشفى في غزة، فيمكن للآخرين التحقق من وقت التقاط الصورة، ومن صوّرها، وأين التُقطت.
كذلك، يعمل البروتوكول عندما يمرر المشاهد المؤشر فوق أيقونة صغيرة في الزاوية اليمنى العليا من الشاشة، فيظهر مربع معلومات حول الفيديو يتضمن الإفصاح عن أنه "يحتوي على محتوى أنشأه الذكاء الاصطناعي". وبدأ هذا المشروع بواسطة شركات "أدوبي" و"آرم" و"إنتل" و"مايكروسوفت" و"تروبيك"، التي شكّلت التحالف، وتشارك الآن أكثر من 1500 شركة في المشروع.
أهمية C2PA وقوته
بدأت "مايكروسوفت" و"إنتل" و"أدوبي" وشركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى العمل على C2PA في فبراير/شباط 2021، على أمل إنشاء بروتوكول إنترنت عالمي يسمح لصُنّاع المحتوى بالاشتراك في تصنيف المحتوى المرئي والصوتي الخاص بهم بإضافة معلومات حول مصدره. والأهم من ذلك، أن المشروع مصمم ليكون قابلاً للتكيف وعملياً عبر الإنترنت، كما أن كود الكمبيوتر الأساسي متاح ومجاني لأي شخص. ويؤمّن C2PA من خلال التشفير، الذي يعتمد على سلسلة من الرموز والمفاتيح لحماية المعلومات من العبث بها وتسجيل مصدر المعلومات.
ويقدم C2PA بعض الفوائد المهمة مقارنة بأنظمة اكتشاف الذكاء الاصطناعي، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لاكتشاف المحتوى الذي ينشئه الذكاء الاصطناعي، الذي يمكنه أن يتعلم كيف يتحسّن لتجنب الاكتشاف.
وهذا البروتوكول هو أيضاً نظام أكثر توحيداً، وفي بعض الحالات، أكثر سهولة في العرض من العلامات المائية، واستخدام رمز شفاف على المحتوى للتأكيد على أنه ولّده الذكاء الاصطناعي. ويقول جينكس إن البروتوكول يمكن أن يعمل جنباً إلى جنب مع أدوات الكشف مثل العلامات المائية والذكاء الاصطناعي.
وإضافة معلومات المصدر إلى محتوى وسائل الإعلام لمكافحة المعلومات المضللة ليست فكرة جديدة، ويبدو أن الأبحاث المبكرة تظهر أنها يمكن أن تكون واعدة. ووجد أحد مشاريع جامعة أكسفورد دليلاً على أن المستخدمين كانوا أقل عرضة للتضليل عندما تمكّنوا من الوصول إلى معلومات المصدر حول المحتوى.
نقاط الضعف
يقول مدير مركز سلامة المعلومات والأستاذ بجامعة بوفالو في نيويورك، سيوي ليو، إن C2PA ليس ملزِماً قانوناً، و"الافتقار إلى قوة ملزمة شاملة يخلق ثغرات جوهرية في هذا الجهد"، على الرغم من تأكيده على أهمية المشروع.
علاوة على ذلك، نظراً لأن C2PA يعتمد على مشاركة صنّاع المحتوى، فإن البروتوكول لا يعالج حقاً مشكلة الجهات الفاعلة السيئة التي تستخدم المحتوى الذي أنشأه الذكاء الاصطناعي.
وليس من الواضح حتى الآن مدى فائدة توفير البيانات الوصفية عندما يتعلق الأمر بالجمهور، إذ لا تشير تسميات المصدر بالضرورة إلى ما إذا كان المحتوى صحيحاً ودقيقاً.
وفي نهاية المطاف، قد يكون التحدي الأكثر أهمية الذي يواجهه التحالف، هو تشجيع تبنيه على نطاق واسع عبر بيئة الإنترنت، وخاصة من خلال منصات التواصل الاجتماعي. وإذا لم تستخدم منصة التواصل الاجتماعي البروتوكول، فلن تعرض بيانات مصدر الصورة، وهي لم تعتمد بعد C2PA. وكانت "تويتر" كانت قد وقّعت على المشروع، لكنها انسحبت بعد تولي إيلون موسك المسؤولية.
ويقول بارسونز إن "C2PA ليس حلاً سحرياً، فهو لا يحل جميع مشكلات المعلومات الخاطئة لدينا، ولكنه يضع أساساً لواقع موضوعي مشترك. تماماً مثل الملصق الغذائي".