لم تحظَ الذكرى الثالثة عشرة لانتصار الثورة التونسية بحضور بارز في الإعلام التونسي هذا العام، على عكس السنوات الماضية.
غابت البرامج التلفزيونية والإذاعية والملفات الصحافية الموسعة حول الذكرى، فيما استحضر البعض بمرارة خسارة أحد أهم منجزات الثورة التونسية عام 2011، وهو حرية الصحافة، التي تشهد تراجعاً واضحاً في السنتين الماضيتين.
وقال نقيب الصحافيين التونسيين زياد دبّار، في حديث مع "العربي الجديد": "إنه وضع استثنائي لم تعشه تونس منذ 65 سنة".
وأضاف: "اليوم يُرفع سيف الملاحقة القانونية على الصحافيين التونسيين بنصوص قانونية زجرية سالبة للحرية، تُعرّض الصحافيين لعقوبات بدنية باعتماد المرسوم 54 سيئ الذكر ومجلة الاتصالات وغيرها من النصوص القانونية من خارج المدونة القانونية التي تنظم العمل الإعلامي".
وفي مايو/ أيّار الماضي، حكمت السلطات على مراسل إذاعة موزاييك أف أم بالقيروان خليفة القاسمي بالسجن خمس سنوات بسبب نشره خبرا حول تفكيك خلية إرهابية ورفضه الإدلاء بمصادر خبره، فيما يتواصل حبس الصحافية شذى الحاج مبارك منذ أشهر بسبب اتهامها بالقضية المعروفة إعلاميا فى تونس بقضية "إنستاليغو".
وكانت نقابة الصحافيين قد طالبت بالإفراج عن القاسمي والحاج مبارك، داعية السلطات القضائية إلى تسريع النظر بالدعاوى الموجهة ضدهما، حتى لا يبقيا رهن السجن.
وشهدت تونس في العامين الأخيرين استدعاءات شبه يومية للصحافيين إلى التحقيق، آخرها مثول المدون والمذيع هيثم المكي، الاثنين، أمام التحقيق في محافظة صفاقس.
واستدعي المكي في أكثر من مناسبة من قبل السلطات الأمنية، بسبب نقده الساخر للأوضاع التونسية عبر برنامجه "ميدي شو"، الذي يبث عبر إذاعة موزاييك أف أم الخاصة.
كما أوقف الصحافي زياد الهاني مرتين بسبب انتقاداته لوزيرة التجارة عبر إذاعة إي أف أم، وحكم عليه بالسجن لمدة 6 أشهر مع وقف التنفيذ.
فيما خضع الصحافيان منية العرفاوي العاملة في صحيفة الصباح اليومية ومحمد بوغلاب العامل في موقع 17/14، للتحقيق بسبب نشرهما تدوينات حول شبهات فساد تتعلق بوزير الشؤون الدينية بالحكومة التونسية.
ورأت عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين جيهان اللواتي في هذه الممارسات "تضييقاً غير مقبول على حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير تستدعي وقفة من كل المدافعين عن حرية الرأي للدفاع عن أبرز مكاسب الثورة التونسية وهو حرية التعبير".
لم يقتصر التضييق على الصحافيين، بل شمل مؤسسات، مثل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، التي تعاني، وفقاً لما أكده عضو مجلسها التنفيذي هشام السنوسي، "شللاً تاماً في أعمالها بسبب التضييق الذي تمارسه السلطات التونسية، وآخرها قرارها بوقف رواتب أعضاء المجلس التنفيذي للهيئة، وهو ما يعني عملياً الرغبة بالتخلص منها"، إضافةً إلى "استبعادها من القيام بدورها بتغطية الانتخابات التي شهدتها تونس في الفترة الماضية".
بعد مرور 13 سنة على نجاح الثورة التونسية، يرى قسم كبير من الصحافيين والناشطين أنّ حرية الصحافة شهدت فى السنتين الأخيرتين انتكاسة غير مسبوقة، وذلك على الرغم من تأكيد الرئيس التونسي قيس سعيد في كل ظهور إعلامي أنه يحترم حرية الصحافة والتعبير.