كيف صعّبت مواقع التواصل كشف جرائم الاحتلال؟

07 أكتوبر 2024
فلسطينيون وسط الأنقاض في خانيونس، 29 سبتمبر 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعرضت مواقع التواصل الاجتماعي لانتقادات بسبب تواطؤها مع الاحتلال الإسرائيلي في قمع الصوت الفلسطيني، خاصة خلال العدوان على غزة، حيث أثرت سياسات "ميتا" سلباً على حقوق الإنسان للفلسطينيين.
- قامت "ميتا" بحجب المحتوى المتضامن مع الفلسطينيين، مثل وسم #عملية_طوفان_الأقصى، بينما وصفت "إكس" محتوى المقاومة بأنه "إرهابي". في الوقت نفسه، وقع الرئيس الأمريكي قانوناً لحظر "تيك توك" بدعم صهيوني.
- استخدمت مواقع التواصل أساليب مثل "حظر الظل" لقمع المحتوى الفلسطيني، واستغلت مجموعة إسرائيلية نفوذها لحذف منشورات بدعوى أنها "كاذبة".

تعرّضت مواقع التواصل الاجتماعي لانتقادات واسعة بسبب اتهامها بالتواطؤ مع الاحتلال طيلة عام من العدوان على غزة، من خلال كبت الصوت الفلسطيني وقمعه. وعندما يتعلّق الأمر بـ"ميتا" مثلاً، وهي مالكة "فيسبوك" و"إنستغرام" و"واتساب"، فقد كلّفت الباحثين عام 2021 بإجراء دراسة وجدت أن نهجها كان له "تأثير سلبي على حقوق الإنسان" بالنسبة للفلسطينيين وغيرهم من مستخدمي خدماتها الناطقين بالعربية. هذه الانتقادات تصاعدت منذ بدء الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

حرب على المحتوى الفلسطيني

مباشرة مع بدء العدوان لاحظ رواد مواقع التواصل فوراً حجب "ميتا" جزءاً كبيراً من المحتوى المتضامن مع الفلسطينيين عبر "فيسبوك" و"إنستغرام". إذ ظهرت رسائل من المنصتين عن حجب وسم #عملية_طوفان_الأقصى "لمخالفة بعض المنشورات التي تحمل هذا الوسم قواعد المنصة". كذلك لاحظ مركز صدى سوشال لرصد وتوثيق الانتهاكات الرقمية، وكذلك عامة المستخدمين، حجب صفحات إعلامية وحسابات شخصية عند التغطية الصحافية الفلسطينية.

وأعلنت "إكس"، بعد أيام من بدء العدوان، الحربَ على المحتوى المؤيد للمقاومة الفلسطينية. وأفاد حساب قسم السلامة حينها بأن الشركة عملت على إزالة الحسابات المنشأة حديثاً التابعة لحركة حماس، وبأنها تتعاون مع شركات التكنولوجيا الأخرى لمحاولة منع توزيع محتوى المقاومة، الذي وصفته بأنه "محتوى إرهابي" و"خطاب معادٍ للسامية".

بعض الحظر بلغ أعلى السلطات. في 24 إبريل/نيسان، وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن مشروع قانون يحظر "تيك توك" إذا لم تبع الشركة الصينية الأم (بايتدانس) المنصة في غضون عام إلى شركة أميركية. وهو مشروع قانون دفعت به أكثر من جهة صهيونية، بينها مايك غالاغر، الذي يمثّل "أيباك"، أبرز جماعة ضغط صهيونية في أميركا، وعضو الكونغرس رجا كريشنامورثي، الذي ذكر العدوان كسبب لدعم فرض حظر "تيك توك" في أميركا.

وبينما كان الاحتلال يقتل الصحافيين والعاملين في قطاع الإعلام، مخلّفاً 175 شهيداً منهم خلال عام واحد، كانت خوارزميات مواقع التواصل تنظّف نفسها من الدلائل على جرائم الاحتلال. مثلاً في يناير/كانون الثاني الماضي، نشر المصور الصحافي محمد الريفي عبر حسابه على "إنستغرام" مقاطع فيديو توثّق معاناة سكان غزة، لكن بعد استشهاده بات أرشيفه الشخصي يواجه خطر الاندثار، إذ أوضح الباحث في الأنثروبولوجيا، فيليب براودفوت، لمجلة "كولومبيا جورناليزم ريفيو"، أن حسابات مثل حساب الريفي قد تُصنَّف على أنها غير نشطة، وتتعرّض للإزالة.

حظر المحتوى بسريّة

بعض أساليب مواقع التواصل في التضييق على المحتوى الذي يفضح الاحتلال كان سرياً. منها استخدام ممارسة تدعى Shadowbanning (حظر الظل)، وهو عبارة عن إجراءات خفية تمارسها منصات التواصل للحد من ظهور منشور معيّن، غالباً ما يكون في هذه الحالة، متضامناً مع غزة، أو يكشف مجازر الاحتلال. وتتلخص فكرته في السماح للمستخدم بنشر ما يريده، مع تلاعب بالخوارزمية، بحيث لا يظهر ذلك المنشور أمام المتابعين. 

ونفّذت "ميتا" ممارسات سرية عدة أخرى، من آخرها قمع استخدام رمز المثلث الأحمر المقلوب على منصات واتساب وفيسبوك وإنستغرام التي تملكها، بعدما أصبح مرتبطاً بالعمليات التي تنفذها المقاومة الفلسطينية. وذكرت وثائق لموقع ذي إنترسبت أن الشركة صارت تعتبر المثلث الأحمر المقلوب مرادفاً لحركة حماس. 

مواقع التواصل تخالف قوانينها

بعض أشكال المحتوى تخطى كل مبرّرات الشرعية، حتى غير المقنعة منها، واستخدم أدوات غير قانونية. تستغل مجموعة إسرائيلية نفوذها داخل شركات الإنترنت لتنفيذ مشروع "الحقيقة الحديدية" الذي حذف آلاف المنشورات من "إكس" و"يوتيوب" و"تيك توك" خلال عام من العدوان، وذلك بادعاء أنها "كاذبة" أو "معادية للسامية" أو "مؤيدة للإرهاب". قال مؤسّس المشروع، داني كاغانوفيتش، وهو مهندس برمجيات في "غوغل" مقيم في تل أبيب، في رسالة عبر "تليغرام": "لدينا قنوات مباشرة مع الإسرائيليين الذين يعملون في الشركات الكبرى. هناك أشخاص متعاطفون يهتمون بالإزالة السريعة". 

وإزالة المحتوى الفلسطيني وخنقه ليسا سوى واحدة فقط من أدوات الاحتلال الإسرائيلي لقمع الصوت الفلسطيني، إذ استخدم الاحتلال والدعاية الصهيونية مجموعات الضغط والإعلام ومواقع التواصل والمال من أجل فرض السردية الإسرائيلية وإخفاء وجه الاحتلال البشع وجرائمه عن بقية العالم. 

المساهمون