سحبت منظمة يونسكو الأربعاء مرفأ ليفربول من قائمة التراث العالمي، متحدثة عن مخاوف بشأن مشاريع تطوير مفرطة تفقد الموقع أصالته، في قرار وصفته لندن بأنه "رجعي"، معربة عن "خيبة أمل بالغة" تجاهه.
وخلال اجتماع لجنة التراث العالمي في المنظمة برئاسة الصين، صوّت 13 مندوباً لصالح اقتراح سحب المرفأ الواقع في شمال غربي إنكلترا من القائمة، في مقابل رفض خمسة أعضاء، ما ينوف على أكثرية الثلثين المطلوبة لسحب موقع ما من قائمة التراث العالمي.
وأصبحت ليفربول تالياً ثالث موقع ينال هذا المصير، بعد قرارين مشابهين طاولا سابقاً محمية المها العربي في سلطنة عُمان سنة 2007، ووادي إلبه في مدينة دريسدن الألمانية سنة 2009.
ويعود هذا القرار إلى المخططات الموضوعة لاستصلاح المرفأ، بما يشمل تشييد مبانٍ شاهقة ومدرج جديد لكرة القدم، ما قد "يلحق أضراراً دائمة" بالطابع التراثي للموقع، وفق لجنة يونسكو.
وكانت ليفربول قد أدرجت على قائمة يونسكو للتراث العالمي إثر عملية تجديد طموحة للواجهة البحرية وأرصفة السفن بعد عقود من التراجع.
وشكلت ليفربول نقطة انطلاق لملايين المهاجرين الأيرلنديين والبريطانيين وأيضاً للعبيد الأفارقة في القرون الماضية. كما تشكل هذه المدينة ذات التراث الموسيقي الغني مهد فرقة "بيتلز". وقد ساهم هذا التاريخ في صوغ ما اعتبرته يونسكو "الطابع المميز والروحية الفريدة" للمدينة.
غير أن المجلس الدولي للآثار والمواقع، وهو هيئة استشارية ليونسكو، كان قد "طلب مراراً" من الحكومة البريطانية تقديم ضمانات أقوى عن مستقبل المدينة المدرجة منذ سنة 2012 على قائمة التراث المهدد.
"تدبير رجعي"
إلا أن مشاريع التجديد تواصلت لدرجة باتت تفقد الموقع أصالته. ويشكل ملعب كرة القدم الجديد لنادي إيفرتون الذي وافقته عليه الحكومة من دون أي تحقيق عام "أحدث مثال عن مشروع ضخم يتعارض تماما" مع أهداف اليونسكو، بحسب المجلس.
وعلّق ناطق باسم الحكومة البريطانية الأربعاء على القرار، معرباً عن "خيبة أمل بالغة" لدى بريطانيا. وقال "نعتبر أن ليفربول لا تزال تستحق تصنيفها على قائمة التراث العالمي، نظراً إلى الدور المهم الذي أدته أرصفة السفن في التاريخ والمدينة بشكل أوسع".
وفي فيديو نشرته على "تويتر"، أعربت رئيسة بلدية ليفربول العمالية جوان أندرسون أيضاً عن "خيبة أملها"، قائلة إنها "تجد صعوبة في فهم كيف يمكن ليونسكو أن تفضّل بقاء أرصفة سفن فارغة بدل بنائنا مدرج إيفرتون". وأعلنت عزم سلطات المدينة على التقدم بطعن في هذا القرار.
كذلك ندّد رئيس منطقة ليفربول ستيف روثرام بهذا القرار "المتخذ من الطرف الآخر من العالم على يد أشخاص يبدو أنهم لا يفهمون النهضة" التي شهدتها المدينة في السنوات الأخيرة. ووصف سحب ليفربول من قائمة التراث العالمي بأنه "تدبير رجعي لا يعكس الحقيقة على الأرض".
#BreakingNews #Video | @MayorLpool Joanne Anderson responds to UNESCO's decision to delete Liverpool from its list of World Heritage sites. pic.twitter.com/PCrAsNvyu0
— Liverpool City Council (@lpoolcouncil) July 21, 2021
وأشار إلى أن "مواقع كثيرة أوردت ذكرها يونسكو موجودة في مناطق تحتاج بشدة إلى الاستثمارات"، معتبراً أن "مناطق مثل ليفربول يجب ألا تُخيّر بين الحفاظ على وضعها كموقع تراثي" أو مساعدة "مجتمعات متروكة لمصيرها".
وأبدت بلدان عدة، بينها أستراليا التي يواجه الحاجز المرجاني العظيم فيها أيضاً احتمال ملاقاة المصير عينه، معارضتها سحب ليفربول من قائمة اليونسكو، معتبرة أنه تدبير "راديكالي" في عز جائحة كوفيد-19.
كذلك طالبت البرازيل والمجر ونيجيريا بإرجاء القرار عاماً واحداً لإعطاء مزيد من الوقت للمجلس البلدي الجديد الذي انتُخب في مايو/ أيار.
ويشكل تصنيف موقع ما على قائمة التراث العالمي محركاً سياحياً أساسياً ويشجع الحكومات على حماية الكنوز الثقافية أو البيئية في بلدانها. غير أن أي إدراج على هذه القائمة ليس نهائياً، إذ يمكن سحب هذا التصنيف أو تغييره ليصبح ضمن قائمة المواقع المهددة بالخطر.
(فرانس برس)