أعلن "يوتيوب"، مؤخراً، عن إغلاق قناة صانع المحتوى الفرنسي الأصل أوغو جيل جيمنيز المعروف باسم "باباسيتو"، وذلك بعد عدّة تحذيرات وُجّهت إليه في الفترة الماضية.
وجاء القرار، بعد نشر باباسيتو لفيديو يُحرّض فيه على رئيس بلدية إحدى القرى الفرنسية التي لا يتجاوز عدد سكانها الـ 200 فرد.
ومرّ الخلاف، الذي بدأ بين أحد الرعاة في القرية وجاره الإنكليزي الأصل على أحقيّة استعمال طريق، بمراحل كثيرة قبل أن يصل إلى الإنترنت من خلال باباسيتو، الذي ينشط في صفوف اليمين المتطرّف.
وكان الفيديو، الذي أدّى إلى إغلاق القناة، قد حصد قرابة 478 ألف مشاهدة وخلق سلسلة من ردود الأفعال خارج عالم الإنترنت.
اتّهم باباسيتو رئيس البلدية بالانحياز ووصفه بـ "ابن عرس" في إشارة إلى مراوغته، كمّا اتهمه بالوقوف طرفاً في النزاع، الأمر الذي أدى إلى تلقي الأخير الكثير من التهديدات، ممّا اضطرّ إلى وضعه تحت حماية الشرطة لتأمين سلامته.
واعتاد باباسيتو استعمال هذا الأسلوب سواء على "يوتيوب" أو غيرها من المنصات، وقد سبق وتمّ حظر حسابه في "تويتر" في عام 2021.
وعلّقت منصة الفيديو، التابعة لـ"غوغل"، على القرار بالقول: "من غير المسموح اللجوء إلى المضايقات والتهديد الرقمي عبر يوتيوب، قواعدنا واضحة في ما يخصّ حظر المحتوى الذي يتمّ من خلاله توجيه الإهانات والتهديدات بشكل متكرّر أو مسيء ضدّ أفراد". كذلك، أشارت إلى أنّها سبق لها حذف عدّة فيديوهات من القناة بسبب مخالفتها للقواعد.
وعادةً ما تتخّذ الشركة قرار إقفال القناة بعد توجيه ثلاثة إنذارات متتالية. ولكن ما الذي حصل في حالة باباسيتو تحديداً؟
وصل عدد متابعي باباسيتو عبر "يوتيوب" و"إنستغرام" إلى قرابة 260 ألف متابعٍ، يشارك معهم الشاب أفكاره المستنسخة من أفكار اليمين المتطرّف، والقائمة على منطق الدفاع عن "قيم الجمهورية الفرنسية الآيلة إلى الاختفاء بشكل تدريجي"، ومحاربة "ما تصير عليه فرنسا من يساريّة وتأنيث". أمّا آليّات الدفاع عن مبادئ الجمهورية فتقوم على إغراق الانترنت بجرعات زائدة من الذكوريّة أو "الرجولة" المُبالغ بها والكثير من التهديد والتشجيع على العنف.
ولم يكن الفيديو الأخير أوّل مشاركة من باباسيتو في النزاع المحلي في قرية مونجوا الفرنسية، إذ سبق أن نشر فيديو قبل أشهر حول الموضوع، متّهماً فيه رئيس البلدية، كريستيان أوغال (75 عاماً) بالانحياز لصالح المواطن البريطاني الأصل على حساب الراعي الفرنسي، الذي لجأ إلى الناشط اليميني مع استمرار تعذّر الوصول إلى حل.
لكن، وبعد نشر الفيديو الأخير، والذي صبّ فيه باباسيتو غضبه على رئيس البلدية، بدأ أوغال بتلقي رسائل تهديد بالقتل إلى بيته، وعبر هاتف البلدية، وحتّى عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وذكر الادّعاء الفرنسي أن شخصين في العشرينيات من العُمر حُكم عليهما بالسجن لمدة ثلاثة أشهر، قبل حوالي الأسبوع، وذلك بسبب نزعهما للعلم الفرنسي من أمام مبنى البلدية في القرية. وحسب المعلومات، شاهد الشابان فيديوهات باباسيتو عبر "يوتيوب"، وهو على الأرجح ما حرَضهما على القيام بفعلتهما.
يحمل باباسيتو أفكار اليمين المتطرّف، وهو جزء من حلقة أكبر من المؤثرين السياسيين الذين يروّجون لأفكار اليمين المتطرف الفرنسي. كانت هذه المجموعة في أكثر من مرّة موضوعاً للصحافة الفرنسية، نظراً إلى عمل أفرادها الجماعي وتشكيلهم لحلقات دعم في ما بينهم بشكل يساهم في توسيع انتشارهم، كما أنّهم يلجؤون إلى أفكار وأساليب معالجة متشابهة للقضايا التي يُمكنها تحريك الرأي العام الفرنسي.
ونشر باباسيتو، في يونيو/ حزيران من عام 2021، فيديو عبر قناته على "يوتيوب"، وهو يرتدي ملابس عسكرية ويطلق النار على لعبة تمثل ناخبي حزب فرنسا الأبية، الذي يترّأسه المرشح اليساري السابق إلى رئاسة الجمهورية جان لوك ميلانشون. ومن ثم يستكمل المشهد بتوجيه طعنات بالسكين إلى اللعبة.
وأثار هذا الفيديو آنذاك ردود فعل واسعة، أدّت إلى تطرّق ميلانشون إلى الموضوع علناً قبل أن يتقدّم بشكوى ضدّ باباسيتو بتهمة "التحريض على القتل".