بينما يقصف الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة ويقتل أهله بالرصاص والصواريخ والجوع والعطش، تعمل شركة Wix (ويكس) الإسرائيلية على إدارة 6102 موقع إلكتروني عربي، بحسب ما رصده موقع التحقق من صحة الأخبار "مسبار".
وبسبب سطوة الشركة وقوتها العالمية، تُطرح تساؤلات حول مدى سيطرتها على بيانات المواقع، بما في ذلك العربية منها، خصوصاً إذا ما أخدنا بعين الاعتبار أن مدير هذه الشركة طوّر قدراته التقنية داخل الجيش الإسرائيلي، وأنّ "ويكس" لا تزال تقدّم الدعم للاحتلال خلال عدوانه الحالي.
"ويكس"... شركة مقرّها تل أبيب
"ويكس" هي شركة برمجيات إسرائيلية مقرها تل أبيب، تقدم خدمات تطوير الموقع على الإنترنت، كما تسمح للمستخدمين غير المختصين بالتقنية بإنشاء مواقع إلكترونية بأدوات مبسّطة. وإلى جانب المقر الرئيسي في تل أبيب والمكاتب الأخرى في فلسطين المحتلة، تمتلك "ويكس" أيضًا مكاتب في البرازيل، وكندا، وألمانيا، والهند، وأيرلندا، واليابان، وليتوانيا، وبولندا، وهولندا، والولايات المتحدة، وأوكرانيا، وسنغافورة.
ويقوم نموذج أعمال الشركة على المجانية، فيما تكسب إيراداتها من خلال الترقيات إلى نسخة "بريميوم".
"ويكس"... علاقة تاريخية مع الاستخبارات الإسرائيلية
في 2016، تحدث أفيخاي إبراهيمي، أحد مؤسّسي "ويكس" ورئيسها التنفيذي، لمجلة فوربس الأميركية عن تجربته في الوحدة 8200، وهي وحدة استخبارات الكمبيوتر الإسرائيلية، التي تأسّست في خمسينيات القرن الماضي من دون اعتراف عام بوجودها. لكن في السنوات الأخيرة، بدأ المجنّدون السابقون في الوحدة بمشاركة بعض المعلومات حول تجربتهم، وإعطاء لمحة عن حياتهم في الخدمة العسكرية.
وكُلّف إبراهيمي داخل الوحدة بمهمة اختراق أجهزة الكمبيوتر لدولة في حالة عداء مع إسرائيل، ولم يكشف هوية تلك الدولة. خلال الاختراق، ومن أجل تأمين القدر الكبير من قوة الحوسبة اللازمة لتنفيذ مهمته، اختطف أنظمة دولتين أخريين مستخدماً قوة المعالجة الخاصة بهما لفك تشفير بيانات النظام المستهدف. وبسبب هذا النوع من العمليات تحوّلت الوحدة 8200 إلى نقطة انطلاق لأكبر الشركات التقنية الناشئة في إسرائيل، يورد "مسبار".
ويقول إبراهيمي: "من جيلي فقط، هناك أكثر من 100 شاب من الوحدة 8200 أعرفهم شخصياً ممن أسّسوا شركات ناشئة وباعوها مقابل الكثير من المال... جميعهم أنشأوا شركات يبلغ متوسط قيمتها السوقية نصف مليار دولار".
ولم يقتصر الأمر على خدمة إبراهيمي في جيش الاحتلال وتأسيسه الشركة في تل أبيب، إذ أتيحت له الفرصة لمغادرة فلسطين المحتلة لكنه رفض ذلك.
ولطالما كانت الشركات الإسرائيلية في اتساق مع سياسات الحكومة الإسرائيلية، مثل إزالتها مواقع إلكترونية بتهمة "ارتباطها بحماس"، وتوظيف مطورين ومبرمجين فلسطينيين لا يعرفون المشاريع التي يعملون عليها.
"ويكس" تستضيف آلاف المواقع العربية
وسّعت الشركة نشاطاتها في المنطقة العربية لتصبح واحدة من أكثر مواقع البرمجيات شعبية فيها، ويوجد اليوم آلاف المواقع الإلكترونية العربية المُستضافة على خوادمها.
نقل موقع مسبار عن إحصائيات W3Techs، أن "ويكس" تحتل المرتبة الثانية عالمياً من ناحية الاستضافة وتقديم نظام إدارة المحتوى، مباشرة بعد الخدمة الأشهر "ووردبريس".
وتستضيف منصة الشركة الإسرائيلية 6102 موقع عربي، موزّعة على عشر دول عربية مختلفة، بالإضافة لآلاف المواقع التركية، بحسب أداة BuiltWith لتحليل استخدام الإنترنت وبيانات التجارة الإلكترونية.
ومن أبرز المواقع العربية المُستضافة على خوادم "ويكس"، موقع جامعة بيرزيت الفلسطينية، وموقع شركة نيوتن للتأمين الأردنية، وموقع أرقام السعودي للإحصائيات، وموقع ملتقى المعرفة المصري، ومواقع حيوية أخرى.
شركة "ويكس" تحث على دعم إسرائيل
كشفت صحيفة ذا آيريش تايمز الأيرلندية، نهاية الشهر الماضي، عن سلسلة من الرسائل الداخلية التي شاركتها إدارة "ويكس" في دبلن مع فريقها الداخلي، تحثّهم على إظهار "الروح الغربية" لديهم في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تدعم إسرائيل.
وجاء في الرسائل "على عكس سكان غزة، فإننا نبدو ونعيش مثل الأوروبيين أو الأميركيين".
ونُشرت الرسائل في قناة داخلية على تطبيق التواصل المهني "سلاك" تسمى "دعم السردية الإسرائيلية"، التي أنُشئت ردًّا على عملية طوفان الأقصى.
القناة دعت الموظفين إلى "الانضمام إلى مبادرة الشركة لإنشاء مقاطع فيديو وحملات إبداعية"، من أجل "دعم الرواية الإسرائيلية". ونصح أحد المنشورات الموظفين بتجنب التركيز على الأرقام عند النشر عن الهجمات التي تعرّض لها الإسرائيليون، لأن "عدد القتلى والتفجيرات في غزة سيكون أعلى بكثير".
وتسبّبت الرسائل الداخلية في قلق كبير بين عدد من الموظفين البالغ عددهم 500 موظف الذين يعملون في مكتب الشركة في دبلن.
كما وصل الأمر لاتخاذ إجراءات إدارية بحق المخالفين منهم، إذ طردت الشركة إحدى موظفاتها، كورتني كاري (26 عاماً)، بعدما انتقدت إسرائيل علناً عبر حسابها في "لينكد إن".
وبحسب حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات BDS، فإن "ويكس" قدمت تبرعات عينية سخية للجيش الإسرائيلي خلال عدوانه على غزة.