وفاة مصمم الأزياء الياباني إيسي مياكي عن 84 عاماً

09 اغسطس 2022
حقّق المصمم شهرةً عالميةً منذ ثمانينيات القرن الماضي (تورو ياماناكا/ Getty)
+ الخط -

توفي مصمّم الأزياء الياباني إيسي مياكي عن 84 عاماً، بحسب ما أفادت موظفة في مكتبه في طوكيو لوكالة فرانس برس، اليوم الثلاثاء، بعد مسيرة امتدت طوال أكثر من نصف قرن في عالم الموضة.

وقالت الموظفة التي طلبت عدم ذكر اسمها في اتصال هاتفي إنّ المصمم الياباني "توفيّ مساء الخامس من أغسطس/ آب"، من دون أن تعطي تفاصيل إضافية عن وفاته. كذلك أعلنت القناة التلفزيونية اليابانية العامة وفاته.

وكان إيسي مياكي الذي ولد في 22 إبريل/ نيسان 1938 في هيروشيما (غرب اليابان) في سن السابعة عندما ألقت الولايات المتحدة في 6 أغسطس 1945 أوّل قنبلة ذرية في التاريخ على مسقط رأسه، ممّا أسفر عن مقتل 140 ألف شخص وتَسبّب بصدمة نفسية عميقة للناجين تركت أثرها على حياتهم.

وتوفيت والدة إيسي بعد ثلاث سنوات من إلقاء القنبلة بسبب مضاعفات تعرّضها للإشعاعات.

وما إن تخرّج مياكي من جامعة تاما للفنون الجميلة في طوكيو، حتّى انتقل إلى باريس في العام 1965، حيث درس في معهد الغرفة النقابية الباريسية لتصميم الأزياء.

هناك تحوّل مياكي إلى واحدٍ من المصممين اليابانيين الشباب الذين تركوا بصماتهم في العاصمة الفرنسية منذ منتصف السبعينيات، إذ هزّت تصاميمه الحديثة الموضة الباريسية.

وبحسب "فرانس برس"، انتشرت تصاميمه اعتباراً من ثمانينيات القرن الماضي في كلّ أنحاء العالم، واشتهر باستخدامه مواد لم تكن معهودة حتّى ذلك الحين في عالم الأزياء.

طوال حياته المهنية التي امتدت لأكثر من نصف قرن، ابتكر مياكي ملابس مريحة ذات جودة عالية، إذ اختار تجاهل تصميم الأزياء الراقية المعقّدة أو غير المريحة لصالح ما سماه ببساطة "صنع الأشياء".

النجاة من هيروشيما

كان مياكي يبلغ من العمر 7 سنوات فقط حين ضربت الولايات المتّحدة مدينة هيروشيما بالقنبلة الذريّة. 

قتل في الانفجار قرابة 140 ألف شخص، وأدّى مع الانفجار الذي خلّفه قصف مدينة ناغازاكي بالقنبلة النووية بعدها بثلاثة أيام، إلى استسلام اليابان وانتهاء الحرب العالمية الثانية.

وعلى الرغم من أنّ القصف يتّمه في سنٍ مبكرة وتسبّب له بالعرج طوال حياته، إلّا أنه نادراً ما تحدث عن صدمته، كما حدث في العام 2009، حين نشر مقالاً في صحيفة نيويورك تايمز يدعو إلى نزع السلاح النووي.

كتب: "عندما أغمض عيني، ما زلت أرى أشياء لا ينبغي لأحدٍ أن يختبرها: ضوء أحمر ساطع، يليه سحابة سوداء، والناس يركضون بيأس في كلّ اتجاه محاولين الهروب".

وأضاف: "أتذكّر كلّ شيء. في غضون ثلاث سنوات، ماتت والدتي بسبب تعرّضها للإشعاع".

كما حثّ في المقال نفسه، الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما على زيارة مدينة هيروشيما، وهو الأمر الذي تحقّق في العام 2016.

وقال مياكي في مقاله: "لم أختر أبداً مشاركة ذكرياتي أو أفكاري حول ذلك اليوم. لقد حاولت، من دون نجاح، أن أخلّفها ورائي، وفضلت التفكير في الأشياء التي يمكن إنشاؤها بدل تدميرها، الأشياء التي تجلب الجمال والفرح".

منفتحٌ على كلّ شيء

بعد تخرّجه من جامعة تاما للفنون في طوكيو، انتقل مياكي إلى باريس في العام 1965، حيث درس في مدرسة النخبة.

كمصمم مبتدئ، عمل تحت قيادة جاي لاروش وجيفنشي، لكنّ أفكاره تأثّرت أيضاً بانتفاضة مايو/ أيّار الضخمة التي قادها الطلاب في العام 1968.

قال مياكي لشبكة سي أن أن في العام 2016، إنّ رؤية الاحتجاجات تجتاح العاصمة الفرنسية جعلته يدرك أنّ "العالم كان يتجاوز احتياجات قلّةٍ لأزياء راقية، ويتّجه نحو عناصر أكثر عالمية مثل الجينز والقمصان".

في العام 1970، أسّس استوديو مياكي ديزاين في طوكيو، وبعد ذلك بوقت قصير افتتح أوّل بوتيك له في باريس.

بحلول الثمانينيات، كانت حياته المهنية في أوّجها حيث جرب في أزيائه مواد من البلاستيك والأسلاك المعدنية وحتّى الورق الحرفي الياباني.

كان العمل الجماعي ضرورياً لمياكي، ولذا كان يفضّل عدم الكشف عن هويته في معمل البحث والتطوير الخاص به، والمليء بالعلماء ومهندسي النسيج.

وقال في تصريحٍ سابق لصحيفة نيويورك تايمز: "دائماً ترى الأشياء بطريقة مختلفة عندما تسمح للآخرين بأن يصبحوا جزءاً من العملية الإبداعية".

وفي مطلع القرن الحالي، قرّر مياكي التوقف عن إنجاز تصميمات مجموعاته الباريسية، مفسحاً المجال، منذ ذلك الحين، لمجموعة من المصممين الشباب الموهوبين العاملين في شركته.

مع ذلك استمرّ في الإشراف على العلامة التجارية، واستمر هوسه بالتكنولوجيا، مع إصراره على شرح كلّ شيء بالتفصيل حول التصميمات الجديدة من الأقمشة إلى الخياطة.

ربّما يحظى مياكي بالاحترام بشكل خاص في فرنسا، حيث جاء وزير الثقافة السابق جاك لانغ إلى طوكيو في العام 2016 لمنحه وسام جوقة الشرف في معرض استعادي كبير.

وكان لانغ، الذي ما زال يرتدي ملابس مياكي التي اشتراها منذ سنوات عديدة، وصف المصمّم في أكتوبر/ تشرين الأوّل من العام 2021 بأنّه "رجل ذو إنسانية عميقة، منفتح على كلّ شيء". وأضاف: "إيسي مياكي باحث ومكتشف ومخترع حقيقي ابتكر واستخدم مواد جديدة لم يرها العالم من قبل".

المساهمون