على الرغم من انشغاله في عالم الطب في "الجامعة الأميركية في بيروت"، ينمي الطبيب اللبناني، وائل كرامة، عالمه في الشعر والكتابة والموسيقى. إذ في رصيده ثلاثة دواوين شعرية هي "بخار المرايا" (2001)، و"ثقافة الحب" (2009)، و"نساء من ماس" (2011).
لا ينفصل الطب عما يحيط بالإنسان، بحسب ما يقول كرامة لـ"العربي الجديد". ويؤكِّد أنَّ ثقة المريض بالطبيب تمنح الأطباء مزيداً من المسؤولية في تأمين راحة المرضى وتعزيز هذه الثقة من خلال تعافيهم. ويشير إلى أن هذه الممارسة الإنسانيّة ربّما تنمي شعوراً في مواجهة العنف والتطرف ضد الآخر، لأنّ من يعالج آلام الآخرين يدرك الأبعاد النفسية والمعاناة لأي فرد.
"وكوني متخصصا في علم النفس العيادي لدى المسنين، أجد نفسي أمام مسؤوليات كثيرة لا تقف عند حدود العيادة أو الزيارة الضرورية للعيادة النفسية ولا حتى الكشف الطبي، بل تتضمَّن معرفة وخبرة بالمجتمع والناس"، يقول كرامة مضيفاً "لست مستجدَّاً على الشعر، ولا على الكتابة، لكنني أحيط نفسي بالأحداث التي أجد نفسي فجأة ضمنها، خصوصاً أننا نشاهد عينة صغيرة من الأحداث والحروب، وما يجري يومياً في العالم. اختزل ما أراه وأسمعه بالكلمات التي أعيد هيكلتها، فتتحول مع الوقت إلى أناشيد غنائية".
التعبير الشعري، برأي كرامة، هو "الدواء" بالنسبة للطبيب الذي يحاصر نفسه في العمل مع المرضى، وتأمين الراحة لهم. بل لعلّ هذه الأمر، كما يقول، هو هروبٌ من يوميات الحزن إلى "الشعر" والقراءة والموسيقى، وهي عوامل مساعدة جداً لمواجهة المرض والتغلب على التعب النفسي والهموم والعصبية.
ويضيف: "عام 2017، غنت لي غادة شبير أغنية (لقدسك فلسطين). إذْ كتبت القصيدة بعد 35 يوماً من حصار مخيم جنين في فلسطين المحتلة، ثم اقتحامه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. وسُجلت ضمن سهرة خاصة بعيد الميلاد لصالح (تلفزيون لبنان)".
هذه الرسائل أو الكتابة المصاحبة للأحداث والهزات العربية، لم تبعد وائل كرامة عن مدينته بيروت. إذْ يؤكّد أن الانتفاضة الشعبية في أكتوبر/ تشرين الأوّل عام 2019 هي ولادة جديدة لهذا البلد الذي أنهكته الحروب والمحاصصة. "ومهما تأخر الوقت، ستنتصر إرادة الشعب ورياح التغيير، لبنان اليوم يرسم صورة مستقبله المشرق"، يقول كرامة.
في يناير/ كانون الثاني الماضي، أعاد كرامة الموسيقار اللبناني، إحسان المنذر، المقل في أعماله وإصداراته، إلى الساحة الموسيقية من خلال نشيد "يا لبناني ثور". "كتبتُ النشيد بشكل ارتجالي، وهو الثالث الذي يجمعني مع الملحن إحسان المنذر. تعاونّا سابقاً في قصيدتين بالفصحى، هما (موطني حُلمي) و(ثورة شعب)"، وفق ما يوضح.
وحول تعاونه مع المنذر، يضيف: "خلال مكالمة هاتفية واحدة أقنعته بضرورة أن نستعيد أو نطلق نشيداً بالعامية، تزامناً مع الحراك الشعبي في لبنان. فوافق خصوصاً وأن اللهجة اللبنانية أقرب إلى آذان المستمع. أعدنا ترتيب الكلمات وطلبت منه أن ينجز اللحن، وبالفعل لم يتأخر في تلحينها الذي استغرق ثلاثة أيام، حتى صدرت قبل أسبوعين بصوت (كورال الفيحاء) الذي أعطى لها نكهة من الحماس المطلوب في مثل هذه الأغاني أو الأناشيد".
وأمام وائل كرامة مجموعة من الأفكار تحاكي الواقع، ربما تتحول مع الوقت إلى قصائد ضمن كتاب أو أنشودة تُعبر عن الواقع.