هل يحدد الآخرون ذائقتك في اختيار الطعام؟

12 ديسمبر 2021
وسائل التواصل الاجتماعي هي مكان تلتقي فيه الإشارات المرئية والاجتماعية (Getty)
+ الخط -

لا يبدو أن الجوع والرغبة الشخصية هما من يحدد خيارات الطعام. تناول المواد الغذائية سلوك اجتماعي يظهر من خلاله تبادل تأثير الناس بعضهم على بعض.

من ذلك امتلاء مواقع التواصل بمنشورات وصور وفيديوهات تسيل اللعاب للأطعمة التي يفاخر الأصدقاء والأقارب بتحضيرها وتزيينها، إضافة إلى الضخ الإعلاني لأشكال الطعام، بما يوقعك تحت ضغط ذائقة الآخرين.

ووفقاً لشبكة "بي بي سي" فإنه يبدو أننا نتأثر بشكل كبير بالآخرين، خاصة أولئك الأقرب إلينا، عندما يتعلق الأمر بما نأكله. توصلت الأبحاث إلى أنه كلما كانت العلاقة بين شخصين أوثق وأقوى، زاد تأثيرهما على خيارات طعام كل منهما.

وتنقل الشبكة عن سولفيغ أرغيسانو، الأستاذة المشاركة للصحة العالمية وعلم الأوبئة بجامعة إيموري في أتلانتا، جورجيا، الولايات المتحدة: "يرتبط الكثير من إشاراتنا من التفاعلات وجهاً لوجه مع من نحن معه. إذا كنت أعتقد أن الشخص الذي أتعامل معه أكثر جاذبية أو شعبية، فسأميل إلى تقليده أكثر".

تضيف أرغيسانو: "هذا يمكن أن يعني أن الإشارات الاجتماعية تشجعنا عموماً على تناول المزيد من الطعام. على الرغم من أن وجودك أمام أكلة صحية قد يشجعك على تناول طعام صحي أيضاً".

بدورها تقول سوزان هيغز، أستاذة علم النفس البيولوجي في جامعة برمنغهام بالمملكة المتحدة: "هناك بعض الأدلة على أنه إذا رأيت صوراً للطعام، فإن التحفيز البصري قد يدفعك للشعور بالرغبة في تناول الطعام".

لكن وسائل التواصل هي مكان تلتقي فيه الإشارات المرئية والاجتماعية. هناك بالتأكيد دليل على أنه إذا كان الأصدقاء في شبكتك الاجتماعية ينشرون بانتظام حول أنواع معينة من الطعام، فقد يقودك ذلك إلى تقليدهم. وتشير الأبحاث إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تغير علاقتنا بالطعام، مما يجعلنا نفكر بشكل مختلف حول ما نأكله.

تقول هيغز: "إذا كان جميع أصدقائك على وسائل التواصل ينشرون صوراً لأنفسهم وهم يستهلكون وجبات سريعة، فسيكون ذلك بمثابة قاعدة مفادها أن تناول الوجبات السريعة هو ما يفعله الناس".

ويقول إيثان بانسر أستاذ التسويق في جامعة سانت ماري في هاليفاكس، نوفا سكوشا، كندا: "وجد علم النفس التطوري أن الناس يشعرون بالسعادة عندما يرون هذه الأطعمة ببساطة، وبالتالي يتفاعلون معها أكثر".

دوبامين

هذا ينطبق بشكل خاص على الدهون المشبعة، لأنها تجعلنا نشعر بالرضا عن طريق إفراز الدوبامين وتحفيز مراكز المتعة في الدماغ، مشيراً إلى أن البشر مهيؤون بيولوجياً للبحث عن طعام كثيف السعرات الحرارية، وهي القدرة التي ساعدت أسلافنا على البقاء على قيد الحياة عندما بحثوا عن الطعام.

تقول تينا تسيتور، أستاذة التسويق المشاركة في معهد العلوم التطبيقية وكلية الإدارة (IESEG) في كلية الإدارة في ليل، فرنسا: "في الإعلانات، ترى طعاماً غير صحي في الأوساط الاجتماعية. الأشخاص الذين يقيمون حفلة شواء مع الأصدقاء، على سبيل المثال، بينما يركز الطعام الصحي غالباً على القيمة الغذائية. إذا رأيت أصدقاء يأكلون السلطة معاً، فلن يبدو ذلك ذا مصداقية".

أصبح العلماء قلقين بشكل متزايد من أن المحتوى المرتبط بالطعام على وسائل التواصل الاجتماعي يجعلنا نفكر بشكل مختلف في الطعام.

التحفيز البصري قد يدفعك للشعور بالرغبة في تناول الطعام (Getty)

وتروج خوارزميات الوسائط الاجتماعية للمحتوى الذي يتفاعل معه المستخدمون بشكل أكبر، لذا فإن مشاهدة المزيد من الأطعمة غير الصحية يعني رؤية المزيد منها على خلاصاتنا على وسائل التواصل الاجتماعي، كما يقول بانسر.

وقدرت إحدى الدراسات أن الأطفال والمراهقين يرون التسويق للطعام ما بين 30 و 189 مرة في الأسبوع على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، مع الوجبات السريعة والمشروبات السكرية الأكثر شيوعاً. ولكن ليس فقط المواضع الإعلانية من صناعة المواد الغذائية هي المسؤولة، فنحن جميعاً قادرون على التأثير على الأشخاص عبر الإنترنت.

ووفقاً لباتريشيا كافازوس، أستاذة الطب النفسي في كلية الطب بجامعة واشنطن، في سانت لويس، ميسوري، الولايات المتحدة فإنه "عندما نفكر في الإعلان، نفكر في الصناعة التي تحاول دفع منتج ما، لكن المؤثرين يمكنهم العمل بنفس الطريقة".

وتواصل: "المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي من الأقران له تأثير كبير، تجاه ما نشعر بأنه ملائم وجذاب، والمعايير الاجتماعية لكيفية التصرف".

ولكن بينما وجدت الدراسات أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تجعلنا نفكر بشكل مختلف حول الطعام، وأننا نتعامل بشكل أكبر مع المحتوى الذي يعرض طعاماً غير صحي، فمن غير المؤكد حتى الآن ما إذا كان هذا يترجم بالفعل إلى تغييرات في سلوكنا في الحياة اليومية.

المساهمون