هل وصل تطوّر الذكاء الاصطناعي إلى طريق مسدود؟

19 نوفمبر 2024
أحدث "تشات جي بي تي" ثورة في عالم التكنولوجيا (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مع إطلاق "تشات جي بي تي"، ظهرت آمال في تحقيق ذكاء اصطناعي قريب من البشري، لكن هناك مخاوف من تجاوز التطور قدرة البشرية على التكيف، حيث استثمرت شركات كبرى في تطوير أدوات متقدمة.
- تشير التقارير إلى أن النماذج الحالية قد وصلت لحدودها القصوى، حيث لم تعد التحسينات تتناسب مع زيادة قوة الحوسبة، ويحتاج الذكاء الاصطناعي لفهم أعمق لتحقيق تقدم حقيقي.
- بعض المديرين يتوقعون الوصول للذكاء الاصطناعي العام بحلول 2026-2027، مع تغيير استراتيجيات مثل "أوبن إيه آي" لتعزيز التفكير بدلاً من تراكم البيانات.

مع إطلاق "تشات جي بي تي" قبل عامين، انبعثت آمال عريضة بأن يؤدي هذا التقدم التكنولوجي إلى ظهور آلات ذات ذكاء قريب من الإنسان، لكن هذه التوقعات تراجعت اليوم، فهل وصلت نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى حدودها؟

تعد الشركات الرائدة في القطاع بتحقيق مكاسب كبيرة وسريعة على صعيد الأداء، لدرجة أن "الذكاء الاصطناعي العام"، وفق تعبير رئيس "أوبن إيه آي"، سام ألتمان، يُتوقع أن يظهر قريباً. تبني الشركات هذه القناعات على مبادئ التوسع، إذ ترى أنه سيكون كافياً تغذية النماذج عبر زيادة كميات البيانات وقدرة الحوسبة الحاسوبية لكي تزداد قوتها.

نجحت هذه الاستراتيجية حتى الآن بشكل جيد لدرجة أن الكثيرين في القطاع يخشون أن يحصل الأمر بسرعة زائدة وتجد البشرية نفسها عاجزة عن مجاراة التطور.

أنفقت "مايكروسوفت" (المستثمر الرئيسي في "أوبن إيه آي")، وكذلك "غوغل" و"أمازون" و"ميتا" وغيرها من الشركات، مليارات الدولارات وأطلقت أدوات تُنتج بسهولة نصوصاً وصوراً ومقاطع فيديو عالية الجودة، وباتت هذه التكنولوجيا الشغل الشاغل للملايين.

وتعمل شركة الذكاء الاصطناعي المملوكة لإيلون ماسك، إكس إيه آي، لجمع 6 مليارات دولار، بحسب "سي إن بي سي"، لشراء مئة ألف شريحة من تصنيع "نفيديا"، المكونات الإلكترونية المتطورة المستخدمة في تشغيل النماذج الكبيرة.

وأنجزت "أوبن إيه آي" عملية جمع أموال كبيرة بقيمة 6,6 مليارات دولار في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قُدّرت قيمتها بـ157 مليار دولار.

وقال الخبير في القطاع غاري ماركوس: "تعتمد التقييمات المرتفعة إلى حد كبير على فكرة أن النماذج اللغوية ستصبح من خلال التوسع المستمر، ذكاءً اصطناعياً عاماً"،  وأضاف: "كما قلت دائماً إنه مجرد خيال".

حدود الذكاء الاصطناعي

ذكرت الصحافة الأميركية مؤخراً أن النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو وكأنها وصلت إلى حدودها القصوى، ولا سيما في "غوغل"، و"أنثروبيك" (كلود)، و"أوبن إيه آي".

وقال المؤسس المشارك لـa16z، وهي شركة رأس مال استثماري مساهمة في "أوبن إيه آي" ومستثمرة في شركات منافسة بينها "ميسترال"، بن هورويتز: "إننا نزيد (قوة الحوسبة) بالمعدل نفسه، لكننا لا نحصل على تحسينات ذكية منها".

أما "أورايون"، أحدث إضافة لـ"أوبن إيه آي" والذي لم يتم إعلانه بعد، فيتفوق على سابقاته، لكن "الزيادة في الجودة كانت أقل بكثير مقارنة بالقفزة بين جي بي تي 3 وجي بي تي 4"، آخر نموذجين رئيسيين للشركة، وفق مصادر أوردتها "ذا إنفورميشن".

وعبّر خبراء كثر، أجرت وكالة فرانس برس مقابلات معهم، عن اعتقادهم بأن قوانين الحجم وصلت إلى حدودها القصوى. إذ أكّد رئيس شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي القانوني التوليدي سبيلبوك، سكوت ستيفنسون، أن "بعض المختبرات ركزت كثيراً على إضافة المزيد من النصوص، معتقدةً أن الآلة ستصبح أكثر ذكاءً".

وبفضل التدريب القائم على كميات كبيرة من البيانات المجمعة عبر الإنترنت، باتت النماذج قادرة على التنبؤ، بطريقة مقنعة للغاية، بتسلسل الكلمات أو ترتيبات وحدات البكسل. لكن الشركات بدأت تفتقر إلى المواد الجديدة اللازمة لتشغيلها. علماً أن الأمر لا يتعلق فقط بالمعارف، فمن أجل التقدم، سيكون من الضروري قبل كل شيء أن تتمكن الآلات بطريقة أو بأخرى من فهم معنى جملها أو صورها.

"تحسينات جذرية"

من جهتهم، لا يوافق المديرون في القطاع على وجود أي تباطؤ في الذكاء الاصطناعي. قال رئيس شركة أنثروبيك، داريو أمودي، في البودكاست الخاص بعالم الكمبيوتر ليكس فريدمان: "إذا نظرنا إلى وتيرة تعاظم القدرات، يمكننا أن نعتقد أننا سنصل (إلى الذكاء الاصطناعي العام) بحلول عام 2026 أو 2027".

وكتب سام ألتمان، الخميس، على منصة إكس: "ليس هناك طريق مسدود". مع ذلك، أخّرت "أوبن إيه آي" إصدار النظام الذي سيخلف "جي بي تي-4".

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، غيّرت الشركة الناشئة الرائدة في سليكون فالي استراتيجيتها من خلال تقديم o1، وهو نموذج من المفترض أن يجيب عن أسئلة أكثر تعقيداً، خصوصاً في مسائل الرياضيات، وذلك بفضل تدريب يعتمد بشكل أقل على تراكم البيانات مرتكزاً بدرجة أكبر على تعزيز القدرة على التفكير.

وبحسب سكوت ستيفنسون، فإن o1 "يمضي وقتاً أطول في التفكير بدلاً من التفاعل"، ما يؤدي إلى "تحسينات جذرية".

شبّه ستيفنسون تطوّر التكنولوجيا باكتشاف النار، فبدلاً من إضافة الوقود في شكل بيانات وقدرة حاسوبية، حان الوقت لتطوير ما يعادل الفانوس أو المحرك البخاري. وسيتمكن البشر من تفويض المهام عبر الإنترنت لهذه الأدوات في الذكاء الاصطناعي.

(فرانس برس)

المساهمون