هل وصلت العلاقة بين "الهايكا" والحكومة التونسية إلى حد القطيعة؟ 

02 فبراير 2021
الهايكا: حكومة المشيشي تصرّ على تطويع المشهد السمعي البصري (وسيم جديدي/Getty)
+ الخط -

ليست العلاقة بين حكومة هشام المشيشي والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) في أحسن أحوالها، وتكاد تصل إلى القطيعة التامة. فهي علاقة متوترة أو سيئة، حسب ما عبّر عنه البيان شديد اللهجة الذي أصدرته "الهايكا" مساء أمس الاثنين، إذ قالت إن هناك مؤشرات موجودة  تعكس استمرار الحكومة في إعاقة أي مبادرة لإصلاح الإعلام وإصرارها على تطويع المشهد السمعي البصري.

ودانت "الهايكا" الاعتداءات المتكررة على الصحافيين والصحافيات، معتبرةً أنها حلقة من سلسلة المحاولات المكشوفة لتكميم الأفواه والاستحواذ على الفضاءات الإعلامية السمعية البصرية وتوظيفها في الدعاية والتضليل. وشددت على أن استقلالية المؤسسات الإعلامية وحرية الصحافيين والصحافيات وسلامتهم خط أحمر. وأضافت "لن تقبل الهيئة أي شكل من أشكال التوظيف التي من شأنها المس بمبادئ التعدد والتنوع باعتبارها حجر الزاوية في عمل جميع المؤسسات الإعلامية". 

وحمّلت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري الحكومة التونسية مسؤولية عرقلة مسار إصلاح الإعلام العمومي (الرسمي) وتعطيل معالجة ملفاته، ودعتها إلى التعجيل في إجراءات تسمية رئيس مدير عام لمؤسسة الإذاعة التونسية (مؤسسة رسمية تضم 11 محطة إذاعية)، في إطار الرأي المطابق للهيئة ووفق عقد أهداف ووسائل محدد المدة. ونبهت الهيئة إلى خطورة تداعيات هذا الفراغ في التأثير على نجاعة الإعلام العمومي، ومدى قدرته على أداء وظائفه والاضطلاع بدوره، واعتبرت نهج الحكومة في التعامل مع ملف المؤسسات المصادرة (إذاعة شمس أف أم وإذاعة الزيتونة للقرآن الكريم) يشكّل أحد المؤشرات الواضحة على تغليب المصالح الحزبية الضيّقة ومصالح لوبيات المال ومراكز الضغط على حساب الصالح العام، وذكرت في هذا المجال بقرار إلحاق إذاعة "الزيتونة للقرآن الكريم" بمؤسسة الإذاعة التونسية العمومية، الذي تم اتخاذه منذ سنة 2017، إلا أن أحزابا متنفذة ضغطت في سبيل عدم تنفيذه. وفي هذا الصدد، دعت الهيئة الحكومة مجددا إلى تحمل مسؤوليتها في تفعيل هذا القرار والحيلولة دون تمكين هذه الأحزاب من وسائل إعلامية تموّل من المال العام.

ونبهت الهايكا الرأي العام إلى التوجهات الخطيرة المتعلقة بمشروع قانون الإعلام السمعي البصري، وعلى رأسها إفساح المجال للتمويل الأجنبي تحت غطاء "الاستثمار" في المؤسسات الإعلامية الوطنية الموجهة للجمهور التونسي، وهو ما رأت فيه نسخة جديدة من سيناريوهات التمكين في مجال الإعلام تبلغ، هذه المرة، حد الاستقواء بجهات أجنبية لإحداث تغييرات جذرية على مستوى المشهد السمعي البصري، من دون اعتبار لما يمكن أن يتضمنه ذلك من تهديد للسيادة الوطنية. 

وحمّلت القضاء الإداري والعدلي المسؤولية في إحداث التوازن بين الهيئة والسلطة التنفيذية عبر فرض سلطة القانون، ودعت جميع المحاكم بمختلف اختصاصاتها للقيام بدورها واستعجال البت في القضايا المتعلقة بقطاع الإعلام. ونبهت في هذا السياق إلى أن خضوع الحكومة واصطفافها لصالح أصحاب المؤسسات الإعلامية المتحزبة المارقة عن القانون يشكلان خطرا على مؤسسات الدولة ومستقبل الانتقال الديمقراطي، وهي تعني بذلك قناة نسمة تي في المملوكة لنبيل القروي، رئيس حزب قلب تونس وواحد من الحزام الداعم لحكومة المشيشي. 

هذا البيان اعتبره بعض المتابعين بمثابة إعلان القطيعة بين الهايكا والحكومة، وهو ما نفاه لـ"العربي الجديد" رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري النوري اللجمي، الذي قال "أنا أرفض استعمال كلمة قطيعة، بل الأصح هو تنبيه إلى الوضع الخطير الذي يعيشه القطاع الإعلامي في تونس في ظل صمت حكومي غير مقبول وغير مفهوم". 

وأضاف "الحكومة تعاملت معنا بتجاهل مراسلاتنا ومطالبنا من أجل إصلاح الإعلام، ونحن أردنا من خلال هذا البيان التوجه إلى الرأي العام التونسي الذى يحمّل الهيئة المسؤولية عن الوضعية السيئة للإعلام التونسي، في حين تتحمل الحكومة هذه المسؤولية من خلال عدم جديتها في التعاطي مع الملفات والمراسلات التي وجهناها لها، وتبقى الهيئة منفتحة على كل آراء، وكل الخطوات التي من شأنها الدفع بالإعلام التونسي في الاتجاه الصحيح باعتباره واحداً من أعمدة البناء الديمقراطي في تونس". 

المساهمون