هل تغزو صناعة الأزياء عالم الرياضة أم العكس؟

هل تغزو صناعة الأزياء عالم الرياضة أم العكس؟

04 يناير 2023
نيمار وسيرينا ويليامز (فيكتور بويكو / Getty)
+ الخط -

يمكن القول إنّ علامة "نايكي" هي السباقة في إطلاق اسم اللاعب مايكل جوردان على المنتجات الرياضية الخاصة بها. هناك الأحذية، والقمصان، والسراويل القصيرة، التي بسببها تحول اللاعب نفسه وحركته في الهواء إلى علامة لا يمكن تجاهلها. ذات الأمر مع دور الأزياء الكبرى التي استفادت من الرياضيين، كعارضي أزياء غير رسميين. ولا يمكن، مثلاً، تجاهل أن حقيبة كأس العالم، مصنوعة من قبل "لوي فيتون". كذلك، تتنافس دور الأزياء دوماً على تصميم بذلات اللاعبين الذين يرسمون معالم الذوق الرجولي في كل مناسبة.
هذه الانتقالة الخجولة من الصالة الرياضيّة إلى عالم الأزياء، لا تشمل كلّ اللاعبين، ولا تشابه ما يحصل في عالم الفنانين والممثلين والمغنين، سواء كنا نتحدث عن تصميمات الأحذية الغريبة، التي تحمل اسم "ييزي"، نسبة إلى كانييه ويست، أو خط الأزياء الخاص بكيم كارداشيان، أو خط الأزياء الخاص بليدي غاغا وإلتون جون .
لكن ما شهدناه في 2022 يختلف عن كل ما سبق، إذ بدأت المؤسسات الرياضية المختلفة تستعين بالمصممين المشاهير ليكونوا جزءاً من "ثقافة" الفريق و"هويته البصريّة"، إذ استعان فريق نيويورك نيكس لكرة السلة بروني فيغ Ronnie Fieg، صاحب العلامة التجارية Kith، وأعلن فريق الهوكي أريزونا كايوتيس، تعيين رويغي فيلاسينور Rhuigi Villaseñor، مؤسس خط الأزياء Rhude مديراً للاستراتيجيات الإبداعيّة.
هذه الخيارات تعني أن المؤسسات الرياضية الكبرى لم تعد ترى في "الأزياء" مجرد وسيلة للإعلان، تستفيد منها لكسب الصفقات، بل هي جزء عضوي من تكوين الفريق الرياضي، ليتحول هو نفسه ولاعبوه إلى "عارضي أزياء"، وليسوا فقط أجساداً تحمل العلامات التجارية وعلامات المعلنين، كما نرى عادةً. ولا نعلم إن كان الأمر سيقتصر على المنتجات الرياضية، كما حصل حين انتقلت ثياب كرة السلة والبيسبول إلى الشارع، وأصبحت جزءاً من "اللوك" العصري.
لا يقتصر الأمر على المؤسسات الرياضيّة، إذ قررت لاعبة التنس الأميركيّة، سيرينا ويليامز، اعتزال اللعب والانتقال إلى عرض الأزياء، إذ افتتحت عرض "فوغ" العالميّ. ذات الأمر مع لاعب البايسبول توم برايدي، الذي أطلق خط الأزياء الخاص به.
ما يلفت الانتباه حالياً، طبيعة القيم التي تحملها الأزياء وعارضوها، إذ نعرف مثلاً كما نشاهد في مقدمة فيلم "مثلث الحزن" (2022)، كيف أن ملامح وجه عارض الأزياء توحي بثمن ما يرتديه، فمن يبتسم في الصورة يعني أنه يرتدي أزياءً رخيصة مباحة للجميع، كـ"زارا"، ومن يكن عابساً متعالياً، فهو يرتدي "بالنسياغا" تلك التي لا يمكن لأي أحد شراؤها. وهنا المفارقة، فعادة ما يكون الرياضي نفسه وسيلة للترويج للمنتجات، سواء كانت الفاخرة (الساعات) أو الشعبية (علب الشامبو). لكن تحول اللاعب والفريق نفسه إلى علامة أزياء فاخرة، قد يهدد مصداقية اللاعب نفسه، ويدعم النكات الشعبية التي تقول واحدة منها: "هل كريستيانو رونالدو لاعب كرة قدم أم عارض أزياء؟".
لا نعلم بعد ما هي القيم التي ستعكسها التصميمات التي يتبناها أو يرتديها الرياضيون، خصوصاً أن صورتهم تتحرك بين الطهرانية والالتزام والتمرين واللياقة، أو الغش وتعاطي المنشطات، بالتالي، ارتداء زي من تصميم رياضي أو نادٍ رياضي يعكس نمط حياة وقيماً قد لا يمثلها عارضو الأزياء التقليديون.

تجدر الإشارة إلى إشاعات عن محاولة شراء مجموعة LVMH للأزياء الفاخرة فريق AC Milan، ما قد يؤثر بالجمهور نفسه وتلقيه لثقافة الفريق؛ فهل سيتمكن مثلاً المعجبون من شراء الثياب والبضائع الفاخرة التي سيمثلها الفريق، أو حتى التشبه بلاعبيهم الذين سيقيمون في فنادق المجموعة الفارهة؟

الأسئلة السابقة عن انتقال ثقافة الرياضة إلى الأزياء، ما زالت بلا أجوبة واضحة، خصوصاً لما يحويه العالمان من تناقضات قد تهدد شعبية الرياضة ونخبوية بعض دور الأزياء.

المساهمون