هل انتحر رأفت الميهي؟

02 أكتوبر 2021
حاصرته الديون في سبيل تحقيق حلمه السينمائي (تويتر)
+ الخط -

سؤال ظل يلح علي عند رحيل المبدع المصري رأفت الميهي. لقد غامر الرجل بصحته، بأعصابه بكل ما يملك من مال. استدان من البنوك من أجل عيون السينما معشوقته الأولى والأخيرة، من أجل أن يمتلك حريته في طرح ذائقته الفنية، دونما تدخل من الآخر في عمله ورؤيته وإبداعه.

دخل غمار الإخراج. وكان الميهي كاتب سيناريو محترفاً لا يشق له غبار. من أعماله على سبيل المثال لا الحصر: "الحب الذي كان" للمخرج علي بدرخان، و"على من نُطلق الرصاص" لكمال الشيخ، و"الصعود إلى الهاوية" لكمال الشيخ، و"شروق وغروب" لكمال الشيخ.

تلك الأعمال كانت متنوعة بين النقد السياسي لمرحلة السبعينيات، كما في فيلم "على من نطلق الرصاص"، وبعضها عن الجاسوسية، وتشريح نفسية دوافع الجاسوس لخيانة وطنه. بعض الأفلام عن النقد الاجتماعي المغلف بشاعرية مثل فيلم "في الحب الذي كان".

نجح الميهي بشكل منقطع النظير كسيناريست في تلك الأفلام، بل إن نجاح هذه الأفلام جميعها يعود لجودة السيناريوهات التي قدمها بلا جدال.

رغم هذا ترك كل ذلك وراءه، لأنه أدرك أن في جعبته الكثير. أحس أنه برغم نجاحه لم يرض غروره وطموحه الإبداعي، ولهذا تحول إلى مخرج ليحقق كامل رؤيته.

بالفعل، قدم أفلام "للحب قصة أخيرة" و  "سيداتي سادتي" و"الأفوكاتو"، و"سمك لبن تمر هندي".

 بدأ بعد كل ذلك، أخطر مرحلة في حياته الفنية، وهي الاستدانة من البنوك ليحقق ما يصبو إليه من طموحات وأحلام فنية. لكن المؤلم في ذلك أن أصحاب حركة التوزيع والإنتاج لم يباركوا، أو يوافقوا على تلك الأفلام.

في تلك المرحلة، كان فيلم "قليل من الحب كثير من العنف" والذي شُرفت ببطولته. تبعه فيلم "ميت فل"، ثم فيلم "تفاحة".

توسع الميهي أكثر في الإنتاج، ولكن مع شديد الأسف كان توسع الفنان بجموحه وجنونه، وليس بفكر وقدرة رجل الاقتصاد، الذي يحسب بدقة أين تطأ قدمه بمنطق المكسب والخسارة.

كان طموحه بمثابة كعب أخيل، غير المحسوب ما أودى به. كانت أرباح هذه الأفلام أقل مما صرف عليها، ما أدى إلى اختلال اقتصادي أدى بدوره إلى تكالب الدائنين عليه.

بالطبع، توقفت أعماله، وانحسرت عنه الأضواء، وانفض من حوله المعجبون، والأصدقاء، وأصحاب المصالح في عالم السينما المصرية وقتها.

فجأة، أصبح الميهي وحيداً يعاني مادياً وصحياً. وزاد الطين بلة، أن ابن أخته تقدم للنيابة العامة، شاكياً خاله بأنه قُدّم له شيكات من دون رصيد. وبالمناسبة كان ابن الأخت مستفيداً منه، ويعمل معه.

تلك الطعنة المريرة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير. تدهورت صحته أكثر وأكثر، واشتدت عليه مطالبات البنك.

وأمام كل هذا مع انفضاض الجميع من حوله وغدر البعض وجحودهم تجاهه، رحل عن حياتنا المنتحر الأكبر رأفت الميهي.

المساهمون