تحمل مهرجانات بيت الدين في دورتها الأربعين، خلال يوليو/ تموز الحالي، "رسالة أمل"، وفقاً لما قالته رئيستها نورا جنبلاط، وسط الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها لبنان، وتحافظ على الرغم من ذلك "على المستوى الرفيع" للأعمال التي يتضمنها برنامجها.
وقالت نورا جنبلاط، في حديث لوكالة فرانس برس، إن هذه الدورة تؤكد "دور لبنان الثقافي والفنّي، ورسالته الحضاريّة"، مشددةً على ضرورة استمرار المهرجان الذي "يحمل اليوم رسالة أمل كما في بدايته".
وألمحت جنبلاط إلى أن "البرنامج يتميّز بتنوّعه، والأعمال التي تدمج الموسيقى الشرقية والغربية، من أعمال كلاسيكية، إلى جانب الفلامنكو والجاز والبوب، ومسرحية موسيقية مرخَّصة من برودواي تُقدَّم باللغة العربيّة من تأليف وتصميم وإخراج وتمثيل شباب لبناني مبدع".
وأشارت إلى أن المهرجان يطلق هذا الموسم "المواهبَ اللبنانية والعربية الشابة التي تستحق أن تطلّ من على خشبة مسرح بيتِ الدين، مع كل ما يُمثله من رمزية تاريخية ومعنوية كبيرة".
ويفتَتح المهرجان في 20 يوليو، بحفلة للمغنية المصرية الفرنسية فرح الديباني ترافقها أوركسترا بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي.
ويدخل الجمهور أجواء الفلامنكو مع فرقة تشيكويلو الإسبانية، في حين خُصص موعدان للموسيقي اللبناني غي مانوكيان مع فرقته الموسيقية.
وللجاز حيّز مع موسيقيين لبنانيين معروفين في هذا المجال، حيث تحيي المغنية وكاتبة الأغاني ميسا قرعة حفلة تمزج فيها البوب والروك بالموسيقى العربية.
وتقام لثلاث ليالٍ عروض لمسرحية شيكاغو الغنائية باللغة العربية، يُختتم بها المهرجان.
وإذ أقرّت نورا جنبلاط، وهي زوجة وليد جنبلاط أحد أبرز القادة السياسيين اللبنانيين، بأنه "من الصعب الإجابة في الوضع الراهن" عن سؤال حول قدرة المهرجان على الاستمرار في ظل "الأوضاع الصعبة" على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، إلا أنه يتكيّف معها من خلال "تقليص عدد الحفلات" و"نقلها من الميدان الذي يستوعب خمسة آلاف شخص" حيث تُجرى عادة في الهواء الطلق، "إلى الباحة الداخلية التي تتسع لـ1200 شخص"، توخياً لـ"حصر النفقات اللوجستية والتقنية".
وعلّلت هذه الإجراءات بوجود "صعوبات اقتصادية لدى جميع اللبنانيين، مما قد يؤثر على الحضور"، مؤكدة أن أسعار البطاقات مدروسة "بشكل يسمح لعدد كبير من الجمهور بحضور الحفلات، مع المحافظة على المستوى الرفيع للأعمال المقدّمة".
ودرجت خشبة مسرح بيت الدين، منذ انطلاق المهرجان عام 1985، على استضافة "كبار الفنانين حول العالم"، على غرار مغنّي الأوبرا الشهيرين: الإسباني بلاثيدو دومينغو، والروسية النمساوية آنّا نتريبكو، والأميركية الراحلة جيسي نورمان، إضافة إلى النجم البريطاني إلتون جون، والمغني الفرنسي الراحل شارل أزنافور، والفنان العراقي كاظم الساهر وغيرهم.
واستذكرت جنبلاط في مقدّمة هذه "المحطات الفنية" المهمة في تاريخ المهرجان "السيدة فيروز وحفلاتها المتتالية لأربع سنوات، والتي كانت تمتد من باحة القصر إلى جميع الأسطح والساحات" في بلدة بيت الدين الأثرية الواقعة إلى الجنوب من العاصمة بيروت، في قضاء الشوف، والتي كانت تاريخياً عاصمة إمارة جبل لبنان.
كذلك كان مهرجان بيت الدين السبّاق إلى تقديم عروض "الموسيقى من العالم، والموسيقى الصوفية"، بحسب ما شرحت جنبلاط التي أبرزت أن إقامة المسرحيات الغنائية في الهواء الطّلق، ومنها "نوتردام دو باري" و"وسِت سايد ستوري" و"كاتس"، شكّلت "تحدياً كبيراً، لأنها تتطلّب تجهيزات وتقنيات عالية".
وحقق المهرجان الذي أقيمت دوراته الأولى في خضمّ الحرب اللبنانية (1975-1990) "الكثير من النجاحات وأرقاماً قياسية عبر السنوات"، بحسب جنبلاط، إذ تجاوز عدد الحفلات التي نظّمها الخمسمائة، "استضافَ فيها أكثر من 6600 فنانٍ وموسيقي ومُبدع، مفسحاً المجال أمام ما يزيد عن 700 ألف مشاهدٍ في باحاتِ القصرِ التاريخي العريقِ" الذي بناه الأمير بشير الشهابي في القرن التاسع عشر.
ولا تقتصر أهمية المهرجان، بحسب مؤسسته، على كونه يساهم "بشكل كبير في إظهار وجه لبنان الثقافي والحضاري"، بل تكمن أيضاً في أنه يؤدي إلى "ديناميكية اجتماعية واقتصادية وسياحية، ويدعم التلاقي والانفتاح"، وينشّط "الحركة السياحية والاقتصادية في الشوف ولبنان ككل، وخصوصاً في موسم الصيف".
ويظهر ذلك، وفق جنبلاط، "من خلال انتشار الفنادق وبيوت الضيافة والمطاعم في كل المنطقة". كذلك يستقطب المهرجان "عدداً كبيراً من الزوار وخصوصاً للمواقع الأثرية والطبيعية الخلّابة".
(فرانس برس)