استعادت المغنية اللبنانية نانسي عجرم بعض أبيات قصيدة "إلى بيروت الأنثى" التي كتبها الشاعر السوري الراحل نزار قباني (ديوان "إلى بيروت الأنثى مع حبي"/1981)، وقدمتها في أغنية صدرت بداية في العاشر من الشهر الحالي، ثمّ صدر فيديو كليب خاص نهاية الأسبوع الماضي. لحّن القصيدة هشام بولس، ووزعها قائد فرقتها الموسيقية باسم رزق.
لم تضف نانسي عجرم أي جديد إلى القصائد المختزلة من قبل، في أصوات من سبقها إلى الاستعانة بأشعار نزار قباني، وإعدادها موسيقياً لتقديمها كمحاولة للتغيير.
إذ سبق أن غنّت ماجدة الرومي أواخر الثمانينيات بمباركة قباني نفسه، قصيدته "ست الدنيا يا بيروت". ثم جاء كاظم الساهر بعد سنوات لاستثمار مجموعة من أشعار قباني، في إطار لفت الجمهور الذي انحاز مباشرةً إلى الصوت العراقي المتمكن من أداء القصائد البسيطة، بموسيقى متناغمة وسلسة. واعتبر الساهر متفرداً إلى اليوم في هذا النوع، بعدما حاول كثيرون عبثاً تقليده في فترة "ثورة القصائد المغناة".
هكذا جاءت اليوم محاولة نانسي عجرم "خطف" قصيدة صعبة، بعد انفجار بيروت بشهرين، كنوع من المشاركة في "بازار" غنائي يروي قصة بيروت المدينة المدمرة. لكن هل بالإمكان أن تستوفي "إلى بيروت الأنثى" أو أبيات القصيدة، الشروط المتكاملة لإطلاقها كأغنية؟ ربما نعم، بحسب تعليقات نادي معجبي نانسي عجرم على مواقع التواصل الاجتماعي. كذلك بحسب البيان الصحافي لمكتب الفنانة اللبنانية، تصدرت الأغنية منذ اليوم الأول ترند مواقع التواصل والمتاجر الرقمية. لكن في المقابل ثمة أسئلة تطرح، أولها عن إمكانية غناء عجرم لهذا النوع من القصائد. فرغم سهولة مفرداتها تتطلب جهداً كي تصل إلى الناس بطريقة بسيطة تنقذها من التكلف. كذلك ترتسم أسئلة عن الحرفية في مخارج الحروف، وإشباع الأداء بطريقة تظهرالكلام متلبساً بالحدث. والحدث في هذه الحالة هو بيروت المدمّرة. دمارٌ جاء على وقع خفوت ثورة شعبية وترقّب المواطنين لحلّ ينقذهم بالدرجة الأولى من جحيم سلطة الفساد في لبنان. هذا تحديداً ما لم يجده الملحن هشام بولس الذي اختار النمط الموسيقي الكلاسيكي المسلوب من قصائد أو ألحان لقصائد أخرى كاستعارة غير موفقة، وكذلك التوزيع الموسيقي الذي اعتمد على آلات بسيطة جداً من دون صوتيات تفاعلية (إفيهات) تستحقها قصيدة تقع في خانة الغناء "الوطني".
في المقابل، لجأت عجرم إلى سيناريو الهجرة، في الكليب المصور الخاص بالقصيدة، كاستراتجية في الهروب إلى الأمام، أمام معضلة هجرة الشباب اللبناني إلى الخارج، وهو ما أسعفها مرة أخرى في الهروب من تبني موقف سياسي واضح في لبنان.
كان بامكان عجرم الانتظار، ولو قليلاً، كي تطلق قصيدة بصوتها تحمل ما تحملة أبيات نزار قباني من معانٍ والاستعانة بلحن يشدّ من عزيمة الكلمات، لتعويض جمهور هذا النوع من الأغاني، وتضيف إلى رصيدها مزيداً من النجاح الذي شهدته في الفترة الأخيرة، رغم قلة الحفلات والحجر الصحي المفروض، عبر حفلتين عرضتا على موقع "تيك توك" وحققتا نسبة متابعة عالية.