موندياليات: حارس الهمبرغر

26 يونيو 2014
(روبير وارن / Getty)
+ الخط -


ارتدى رامي قفازيّ حارس المرمى ودخل أرض الملعب. أُصيب الحارس الأساسي في فريق الثانوية الرسمية. سقط الأخير بقوّة على الارض صارخاً من شدّة الألم الذي ضرب حوضه. فأسعفه طبيب المدرسة واتّجه به إلى المشفى قبل 10 دقائق من نهاية المباراة.

إذاً رامي الآن في الملعب. الصبي البدين، الذي يحبّ الهمبرغر والذي يتصبّب عرقاً خارج الملعب وهو يرمي لزملائه قناني المياه. الصوت الجهوري الذي يصرخ لرفاقه: "يلا شباب بدنا غول"، صار خلفهم يحمي الشباك. لاعبو المدرسة يعرفون أنّ قدرات رامي البدنية لا تسمح له بالارتقاء إلى الكرة في حال تلقّي تسديدات عالية. ويشكّون بقدراته على صدّ الانفراديات الخطرة. لا شعورياً تكتّل الأصدقاء دفاعاً يحاولون منع الكرات من الوصول إلى رامي، ليحافظوا على تقدّمهم في المباراة قبل المباراة النهائية، ضمن بطولة المدارس الرسمية هذه السنة.

مهارة اللاعبين الصغار مكّنتهم من المحافظة على النتيجة، فانتهت المهمة بنجاح ولم يتلقَّ رامي كرات صعبة. نجح زملاؤه في إبقاء صديقهم، ذي الكرش البارز، بعيداً عن موقف صعب. واتفقوا على الحديث مع رامي قبيل المباراة النهائية، فتوجّهوا إلى المطعم الواقع في شارع الحمرا. هم يعرفون أنّ رامي في وقت الظهيرة يكون غالباً هناك. يجلس خلف طاولة خشبية كبيرة، يراقب شرائح اللحم على المقلاة الكهربائية، ويصرخ: يا معلّم ما تنسى البيض؟ بدّي ايّاها مع بيض. ويتابع: وين السلطة؟ كتّرها.

يبدأ بالتهام صحن "الدوبل برغر" والعرق يتصبّب من جبهته... ولم يكن سهلا إقناع رامي بالتوقّف عن أكل الهمبرغر طوال أسبوعين قبل المباراة النهائية. أخذ بالصراخ: كيف هيك؟ خلص. بجرّب إلعب منيح. إلّا الهمبرغر... فنهروه وهدّدوا بمقاطعته. وهكذا ترك الصحن الساخن وعاد إلى المنزل.

مجدّداً ساعدت المهارات الفنية فتية المدرسة الصغار على التقدّم سريعاً بأربعة أهداف في المباراة النهائية. لكنّ الخصوم وصلوا إلى رامي، استفردوا به كليّاً، مستفيدين من اندفاعة طلاب الثانوية في الهجوم. فعجز رامي، ببنيته الثقيلة، عن القفز لصدّ الكرات العالية. ودكّ فريق الخصم شباكه بأربعة أهداف، ليعادل النتيجة. ورفاق رامي يصرخون له بالتعليمات: ارجع إلى المرمى يا غبي. يمينك يا همبرغر النحس. انتبه إلى الركنية يا طبّوش!

الضربات الترجيحية حسمت المباراة، سدّد رفاق رامي ضرباتهم بنجاح، فيما عجز رامي عن صدّ الكرات أيضاً. كرة وحيدة متبقية للخصوم. تقدّم لاعبهم الأفضل مبتسماً لرامي. قال له قبيل التسديد: رح خلّيك متل البالون، بالرّيح.

استفزاز اللاعب وضع رامي في حالة عصبية، فأجابه: هاي الطابة همبرغر، هاي الطابة همبرغر. لم يفهم الجميع لماذا كان رامي يردّد ذلك. وحين سدّد اللاعب المميّز كرته، طار رامي ككبار حرّاس المرمى إليها، وصدّ الحارس البدين الكرة التي جلبت بطولة المدارس إلى فريقه.

ركضوا يقفزون فوقه بجنون. فيما لاذ بالصمت بطريقة غريبة. دفع رفاقه فجأة عنه... والدمع يترقرق في عينيه، وقال: أنا حارس الهمبرغر... أنا حارس الهمبرغر...

هرول إلى خارج الملعب ورفاقه يسألون بأصوات مرتفعة: "لوين يا رامي؟ رامي".

فأجاب: أنا رايح على المطعم، رايح على الهمبرغر... خدوا الكأس وأنا رايح آكل همبرغر. فيفا همبرغر.

المساهمون