مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، في أعقاب عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، تدور معركة أخرى في مواقع التواصل الاجتماعي، يُستهدف فيها المحتوى الفلسطيني، في الوقت الذي تسمح فيه هذه المواقع ببقاء منشورات إسرائيليّة مُحرّضة على العنف.
إذ رصد مركز حملة أكثر من 19 ألف حالة خطاب كراهية على منصة إكس (تويتر سابقاً)، في تقرير أصدره الخميس.
و"حملة" مؤسسة أهلية غير ربحية "تعمل على مناصرة الحقوق الرقمية الفلسطينية، بهدف الوصول إلى فضاء رقمي آمن وعادل وحر"، وفق ما يشير إليه موقعها الإلكتروني.
وسجلت زيادة كبيرة في هذا النوع من المحتوى منذ السابع من أكتوبر، وهو اليوم الأول للتصعيد الأخير، ويستمر عدد المنشورات في الارتفاع. كما تعرّض العديد من الحسابات والصفحات الفلسطينيّة للحظر أو التقييد في "فيسبوك"، بحسب ما يشير إليه مدير مركز حملة، نديم ناشف، في حديث إلى "العربي الجديد".
وكان من أبرز عمليات التقييد حذف وسم "#طوفان_الأقصى"، الذي لم يقابله مثلًا حذف وسم "السيوف الحديديّة" باللغة العبريّة.
في هذا السياق، يقول ناشف: "هناك أمر يعيد نفسه منذ هبّة الكرامة وأحداث الشيخ جرّاح في محاربة المحتوى الفلسطيني، مع العلم أن إدارة ميتا (الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام) قالت إنها راجعت سياساتها وغيّرتها بعد تواصلنا مع دائرة السياسات العامة للشرق الأوسط. هناك مضمون فلسطيني لا يظهر للناس، والوسم مهم، وهم يخففون وصول المنشورات حتى لأشخاص يعتبرون مؤثرين".
ويضيف: "تصلنا توجهات بالمئات لتعليق عمل حسابات، في نفس الوقت نرصد خطاب الكراهية باللغة العبريّة ونبلّغ عنه ولا يُزال. يقولون إنهم أعدّوا برمجية تصنيف خاصة لذلك، لكن المحتوى ما زال موجوداً".
ووفقاً لتقرير مركز حملة، هناك خطابات عنف وكراهية ضد الفلسطينيين، وتستمر بالازدياد حتى اللحظة. تضمنت الحالات المرصودة في منصة إكس أنواعاً مختلفة من المحتوى الضار بلغت 50% منها خطابات الكراهية، و30% ادعاءات مضلّلة، إضافة إلى خطابات العنف والتحريض. حملت التغريدات طابعاً سياسياً بنسبة 48%، وطابعاً عرقياً بنسبة 32%، وتنوعت باقي الحالات بين العنصرية الجندرية والعنصرية الدينية. إضافة الى ذلك، تمت معالجة 357 توجها لانتهاكات مختلفة عبر منصة حُر- المرصد الفلسطيني لانتهاكات الحقوق الرقمية، حتى مساء 11 أكتوبر، شمل ذلك 128 حالة تقييد على حسابات ومحتوى ناشطين فلسطينيين ومناصرين للقضية الفلسطينية، و229 خطاب كراهية وتحريض استهدف بشكل كبير سكان قطاع غزة، ودعا إلى حرق وتدمير القطاع وقتل سكانه.
مركز حملة ما زال يعمل جاهداً على رفع جميع الانتهاكات لشركات التواصل الاجتماعي، وتمكن من إزالة الكثير منها حتى الآن. ويحذّر ناشف من خطورة بقاء هذه المنشورات الإسرائيليّة المُحرّضة على العنف، قائلًا: "رأينا ما حصل في حوّارة عندما بدأ المستوطنون بحملة في مواقع التواصل تدعو لحرقها ومن ثم حُرقت. رصدنا منشورات تدعو بشكل مباشر للهجوم على عامل من غزة يعمل في أريحا مع وضع صور".
ويشدد ناشف على أهمية رصد خطاب العنف والكراهية في هذه الأيام والتبليغ عنه، وهو ما يقوم به مركز حملة وناشطون آخرون مع الإشارة لضرورة توسيع عملية الرصد والتبليغ خصوصاً من "أشخاص ومؤسسات في الداخل الفلسطيني والقدس كونهم يعرفون اللغة العبريّة، وتحديداً في موقع تويتر، كونه لا يحوي على نظام رقابة باللغة العبريّة، فهم يحذفون المنشورات العربيّة وليست العبريّة. يجب التنظم والدفاع عن أنفسنا وأن لا نكون فقط متلقين".
وحصلت "العربي الجديد" على مجموعة من المنشورات باللغة العبريّة التي وثّقها "حملة"، تُظهر تناقل دعوات لـ"حرق غزة" و"الموت للعرب" إضافة لتناقل أخبار كاذبة حول الأسرى الإسرائيليين في غزّة.
ويجري عبر منصات التواصل في هذه الأيام تناقل الكثير من الأخبار الكاذبة، أبرزها كانت قبل يومين، عن أن حماس قطعت رؤوس الأطفال الإسرائيليين، بعد نشر هذه المعلومة من قناة "آي 24" الإسرائيليّة الناطقة باللغة الإنكليزيّة، حتّى تم تبنيها من العديد من وسائل الإعلام العالمية، والرئيس الأميركي جو بايدن نفسه الذي تراجع لاحقاً عن تبني هذا الموقف.
وكذلك، وثق مركز حملة انقطاع الاتصال في شبكة الإنترنت في الغالبية الساحقة لقطاع غزة منذ يوم السبت الماضي، نتيجة استهداف إسرائيل للبنية التحتية لشركات الاتصالات والكهرباء في القطاع، يأتي ذلك بعد القصف الإسرائيلي لبرج "وطن" المركز الرئيسي لمكاتب مزودي خدمات الإنترنت والمبنى الرئيسي لشركة بالتل للاتصالات، وقطع الكهرباء.
هذا الاستهداف المقصود لشركات الإنترنت والكهرباء يمثل انتهاكاً خطيراً للحقوق الرقمية للفلسطينيين، إلى جانب انتهاك حرية التعبير والحق في امتلاك المعلومة والحق في التواصل. وأشار "حملة" إلى أن الحكومة الإسرائيلية "تستغل الأجواء الدولية الحالية لاستمرار ضغطها على شركات وسائل التواصل الاجتماعي لمحاربة الرواية الفلسطينية وإسكات الاصوات النقدية لسياساتها، حيث يتعرض المحتوى الفلسطيني والمناصر للحقوق الفلسطينية للحذف والتقييد بشكل مستمر، بجانب انتشار الأخبار الكاذبة وغير الموثوقة والتي تنتشر بشكل متزايد خلال فترات الأزمات".
يذكر أن منصة إكس أعلنت أنها أزالت أو صنفت "عشرات الآلاف" من المنشورات في الأيام التي أعقبت بدء عملية طوفان الأقصى. وكتبت الرئيسة التنفيذية للشركة ليندا ياكارينو، في رسالة مؤرخة الأربعاء ونشرت الخميس على "إكس"، رداً على انتقادات الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن: "منذ الهجوم الإرهابي على إسرائيل، اتخذنا إجراءات لإزالة أو تصنيف عشرات الآلاف من المنشورات".