انتقدت اللجنة التنسيقية للمواقع الإلكترونية في الأردن "إصرار الحكومة على عدم سحب تعديلات أنظمة الإعلام والتمسك بصيغة الوقف"، بمعنى عدم إقرار هذه الأنظمة من قبل مجلس الوزراء لحين التوافق مع الأسرة الصحافية على النقاط الخلافية، متجاهلةً مطالب الأسرة الصحافية بسحب الأنظمة في اللقاء التشاوري الذي عُقد الأربعاء الماضي في مبنى نقابة الصحافيين.
وهددت اللجنة التنسيقة التي تشكلت من المواقع الإلكترونية، عقب اللقاء التشاوري، في بيان، أمس الثلاثاء، بإجراءات تصعيدية، منها الدعوة إلى وقفة احتجاجية أمام نقابة الصحافيين الأحد المقبل، و"عاصفة إلكترونية" في اليوم ذاته، وتليها وقفة احتجاجية أخرى الأربعاء المقبل الموافق 8 سبتمبر/أيلول، في ميدان محمود الكايد بشارع الصحافة، وإجراءات أخرى وفق تطوّر الأوضاع.
وشددت اللجنة على أنّ التعديلات التي أدخلت على أنظمة الإعلام "غير دستورية وتزهق الحق في النص القانوني، سواء فيما يتعلق بفرض رسوم تجديد الرخصة سنوياً وفرض المزيد من الرسوم على التجديد أو فرض رسوم على البثّ عبر الإنترنت"، مضيفةً أنه "لا يجوز أن يُعدل النظام على نصّ القانون أو أن يزيد عليه، كما لا يجوز فرض ضريبة أو رسم إلا بقانون ومن خلال مجلس الأمة كما نصّ عليه الدستور".
ورأت أنّ "ممارسات الحكومة غير مبررة، ما يستلزم اتخاذ موقف واضح وحاسم"، معتبرة أنّ رئيس الوزراء بشر الخصاونة، ووزير الإعلام صخر دودين ومدير هيئة الإعلام "شركاء في تحمل الوزر القانوني والأخلاقي لمعاداتهم للإعلام والحريات العامة".
وفي ذات الإطار، أكد مشاركون في جلسة حوارية عقدها "منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي"، بعنوان "التعديلات المقترحة على أنظمة عمل الإعلام.. تنظيم أم تقييد؟"، مساء الاثنين الماضي، أهمية إجراء إصلاحات شاملة على قطاع الإعلام لتنظيم المهنة.
وشددوا في الحوار الذي تحدث فيها المحامي خالد خليفات، والإعلامي خالد القضاة، وأدارته الإعلامية جمانة مصطفى، على ضرورة أن تراعي الإصلاحات والتعديلات على الأنظمة مصالح المؤسسات الإعلامية والإعلاميين لرفع مستوى المهنة، رافضين في الوقت نفسه فرض المزيد من القيود التي تعمل على الحد من حرية الإعلام.
وأشار القضاة إلى أنّ "نقابة الصحافيين تفاجأت كباقي الجهات المعنية بقيام هيئة الإعلام بإرسال التعديلات على نظام الإعلام إلى رئاسة الوزراء بالرغم من وعود المدير العام للهيئة طارق أبو الراغب في اجتماع سابق بعدم القيام بأي تعديل أو إصدار تعليمات جديدة تمس حرية التعبير إلا من خلال التشاور والتنسيق التام مع النقابة"، لافتين إلى أنّ "هذه التعديلات تم وضعها بغفلة عن كل القطاعات الإعلامية".
وقال بيان صادر عن الحوار إنه لم يتم التشاور بشأن تلك التعديلات، ولم يتم طلبها أو الإشارة إليها على الإطلاق من قبل النقابة، مؤكداً أنها جاءت بعكس التوقعات ولفرض المزيد من القيود وزيادة الصعوبات على الجسم الصحافي.
وأضاف أنه "لا يمكن عزل ما يجري من تعديلات على نظام الإعلام عن الأحداث خلال الفترة الماضية، والتي عملت على الحد من حرية التعبير ووضع التحديات والعراقيل أمام عمل الإعلاميين"، واصفاً هذه الأحداث بـ"العمل الممنهج لفرض قيود أكثر تظهر في كل مرة بشكل مختلف من خلال تعليمات جديدة وفرض قوانين والتخلي عن المسؤوليات باتجاه المؤسسات الإعلامية".
من جهته، أكد المحامي خالد الخليفات أنّ التعديلات الأخيرة ليست بقانون حتى تقوم الحكومة بإرسالها إلى بيت التشريع الأردني المتمثل في البرلمان ليصار إلى إقرارها. وأكد أنّ التشريعات الإعلامية بمجموعها بحاجة إلى إعادة صياغة وإعادة ضبط وتنظيم، مشدداً على أهمية توحيد الصفوف للوصول إلى قوانين تحمي الصحافيين قبل أن تحمي النقابة، والخروج بصحافيين مميزين أكفاء قادرين على الدفاع عن مصالح المجتمع، قبل الدفاع عن مصالحهم كجسم صحافي.
وأوضح أنّ التعديلات الأخيرة ارتكزت على أمرين؛ الأول له علاقة بالرسوم، فيما الأمر الآخر له علاقة بالبث بهدف تنظيم عملية البث من خلال المواقع الالكترونية، مشيراً إلى أنّ الدستور والمعاهدات الدولية التي صادق عليها الأردن، كذلك التشريعات المحلية، ضمنت لجميع الأردنيين ممارسة حقهم في التعبير بكل حرية، وأن الدولة كفلت ذلك وفقاً للقانون.
وكانت هيئة الإعلام الحكومية قد أرسلت إلى رئاسة الوزراء نظام تعديلات على "رسوم ترخيص المطابع ودور النشر والتوزيع ومكاتب الدراسات والبحوث، ومكاتب الدعاية والإعلان والمطبوعات الدورية، بالإضافة إلى نظام إجازة المصنفات المرئية والمسموعة ومراقبتها، ونظام معدل لرخص البث وإعادة البث الإذاعي والتلفزيوني"، تمهيداً لإقراره.
ومن أبرز التعديلات المقترحة: زيادة رسوم ترخيص المواقع الإلكترونية من 50 إلى 500 دينار (70 ـ 700 دولار)، وفرض 2500 دينار (3500 دولار) على منح رخص بث البرامج الإذاعية والتلفزيونية عبر الإنترنت، بالإضافة إلى تعديل ثالث يفرض رسوماً على دور النشر.
كذلك تتضمّن التعديلات المقترحة اعتبار البث المباشر الشخصي على شبكات التواصل الاجتماعي، مثل "فيسبوك"، على أنه "بث مرئي ومسموع" وهو ما يعني أنه يحتاج إلى الحصول على ترخيص مسبق على أن أي بث غير حاصل على الموافقات الحكومية المسبقة يُعرض صاحبه لعقوبة السجن مدة تتراوح بين عام وخمسة أعوام، أو غرامة مالية تتراوح بين 25 ألف دينار (35 ألف دولار) و100 ألف (140 ألف دولار أميركي).