- قبل فض الاعتصام بجامعة كولومبيا، تحول المكان لمهرجان موسيقي وتعاون طلابي، واجه خلاله الصحافيون الطلاب تحديات مثل التهديد بالاعتقال والطرد، مما يعكس المخاطر التي يواجهونها.
- الاحتجاجات قدمت فرصة تعليمية للطلاب الصحافيين، مكنتهم من اختبار مهاراتهم في ظروف صعبة، وأكدت على أهمية الصحافة الطلابية في تقديم منظورات فريدة وتسليط الضوء على قضايا حرجة.
في غمرة انتفاضة طلاب الجامعات الأميركية، تحديداً في جامعتَي كولومبيا وكاليفورنيا، للمطالبة بإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، لعب الطلاب الصحافيون دوراً رئيسياً في تغطية الأحداث، وانغمسوا في متابعة ما يجري بشكل غير ممكن للصحافيين العاملين في المؤسسات التقليدية، بحسب وكالة أسوشييتد برس.
كان الخوف والغضب واضحين في أصوات الطلاب الذين يغطون لحظةً بلحظة فض الشرطة لاعتصام المتظاهرين في مبنى هاميلتون هول في جامعة كولومبيا الثلاثاء الماضي، عبر إذاعة دبليو كاي سي آر التابعة للجامعة. تعطل موقع المحطة على الإنترنت لفترة وجيزة لأن الكثير من الأشخاص كانوا يستمعون إلى البث، ممّا دفع مذيعيها للطلب من الأشخاص الاستماع إليها عبر أثير الراديو.
شهود على فض اعتصام كولومبيا
في الأيام الأخيرة قبل فض الاعتصام في جامعة كولومبيا الأميركية، تحوّل المكان إلى مهرجان، كانت هناك عروض موسيقية، وطلاب يساعد بعضهم بعضاً في القراءة وكتابة أوراقهم البحثية. مع حلول يوم الاثنين الماضي، ذهبت طالبة الصحافة في جامعة كولومبيا، شيماء بيرم لتوثيق الأحداث.
كان الطلاب يواجهون خطر تعليق دراستهم في حال لم يغادروا، لكنّهم فضلوا البقاء في معسكرهم الاحتجاجي، ومزقوا الإنذارات الإدارية المكتوبة التي تحذّرهم من الاستمرار في اعتصامهم. في تلك الليلة، لم ترغب بيرم في العودة إلى المنزل، بل فضلت النوم على أرضية مكتبها. تساءلت: "كيف سيقومون بإبعاد الطلاب؟ إنهم لا يغادرون".
مع حلول الثلاثاء، صارت بيرم منهكة، لكنها قامت، مثل زملائها الطلاب الصحافيين، بشحن كاميرتها وفضلت انتظار ما سيحدث. قالت طالبة الدراسات العليا في قسم الصحافة، سيسيليا بلوتو، إنّها رأت حافلات الشرطة تتوقف أمام الجامعة، وضباط الشرطة يخرجون بالدروع، ثم شغلوا تسجيلاً يبلغ المتظاهرين بضرورة إنهاء الاحتجاج تحت طائلة الاعتقال.
لم يمرّ سوى وقت قصير قبل أن تقتحم الشرطة حرم الجامعة. كانت بيرم وغيرها من الصحافيين يصوّرون كل ما يجري، قبل أن يتم طردهم من الحرم الجامعي. قالت بيرم: "أولئك الذين طردوا، مثل المراسلين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، شعروا جميعاً بالرعب من عدم وجود وسائل الإعلام خارج مبنى هاميلتون هول". بدورها، قالت بلوتو: "كان رجال الشرطة يجرّون الناس خارج الكلية. أربعة رجال شرطة لكل متظاهر. رأيت بعض الصور المذهلة لأشخاص يوبخون رجال الشرطة، وهم يسحبون الطلاب خارج الحرم الجامعي".
أما كريس ماندل، الذي يعمل في صحيفة جامعة كولومبيا ديلي سبكتاتور، فقد أمرته الشرطة مع زملاء آخرين بالدخول إلى مساكن الطلاب، وعندما حاول فتح الباب، هدّده عناصرها بالقبض عليه. كان ماندل يغطي المظاهرات منذ أشهر، وقال إن دخول الشرطة إلى الحرم الجامعي وكيفية تغطية الإعلام التقليدي للأحداث "حطما قلبه".
تابعت صحيفة ديلي سبكتاتور الطلابية الحركة الاحتجاجية خطوة تلو الأخرى، ولم تتردد في مواجهة إدارة جامعة كولومبيا في تقاريرها. ففي افتتاحية للصحيفة أواخر إبريل/ نيسان الماضي، أدان الطلاب بشدة رئيسة الجامعة مينوش شفيق، وكتبوا: "هذا هو إرثك، رئيسة تركز على العلامة التجارية لجامعتك أكثر من سلامة طلابك ومطالبهم بالعدالة".
وأرسل عميد كلية الصحافة في جامعة كولومبيا، جيلاني كوب، مذكرة، الأربعاء، إلى عدد من طلابه الصحافيين، قال فيها: "أنتم جزء من التاريخ الآن. لا يمكن التقليل من مثابرتكم في لحظة مليئة بالإرباك والتحديات. لقد نقلتم القصص التي من حق الجمهور في العالم سماعها، كما ساهمتم بأن تحقق الجامعة رسالتها".
عواقب العمل الصحافي
كان الطلاب الصحافيون في جامعات أخرى مثل "يال" و"تكساس أوستن"، يرسلون التقارير على مدار الساعة حول الاحتجاجات والجلسات التأديبية لزملائهم، على الرغم من زحمة الصفوف الدراسية ومواعيد تسليم الأوراق البحثية والفروض الجامعية.
في جامعة جنوب كاليفورنيا، توقفت الإصدارات المطبوعة لصحيفة ديلي تروغان خلال الفصل الدراسي، لكن رئيس التحرير أنجالي باتيل يحاول أن يظل مراسل ومصور متاحين هناك دائماً لمتابعة التغطية وتغذية الموقع الإلكتروني وحسابات الصحيفة على منصات التواصل الاجتماعي بآخر التطورات، حتى خلال موسم الامتحانات النهائية.
أما الصحافية كاثرين هاميلتون التي كانت تغطي الاحتجاجات في حرم جامعة كاليفورنيا، لمصلحة صحيفة ديلي بروين الطلابية، فقد تعرضت برفقة ثلاثة من زملائها، للضرب من قبل متظاهرين مؤيدين لإسرائيل. ارتدى مهاجموها أقنعة، لكنها تعرفت على صوت أحدهم بدا أنه أحد مؤيدي إسرائيل الذين قاموا سابقاً بتصويرها خلال عملها وحاولوا تعطيلها عن التغطية.
قالت هاميلتون البالغة 21 عاماً: "على الرغم من أن الأمر كان مرعباً، إلّا أن التجربة أكدت بالنسبة لي أهمية الصحافيين الطلاب، لأننا نعرف حرمنا الجامعي أفضل من أي مراسل خارجي"، مضيفةً: "لم يفقدني تعرضي للاعتداء الرغبة في مواصلة هذه التغطية".
اختبارٌ أوّل للطلاب الصحافيين
بحسب "أسوشييتد برس"، تحولت الحركة الاحتجاجية فرصةً لتدريب الطلاب الذين يتصارعون مع قرارات تحريرية معقدة لأول مرة في حياتهم المهنية، إذ إنّهم يواجهون تحدياً كبيراً بإعداد تقارير حول زملائهم، مع وجوب عدم الانجراف مع عواطفهم.
قالت رئيس مجلة ذا لانترن في ولاية أوهايو، أريانا سميث: "إنها لحظة فارقة في تاريخ جامعتنا، ونأخذ مساهمتنا في تغطيتها بكثير من الجد"، مضيفةً: "نحن نتعرض لضغوط كبيرة لنغطي بشكل صحيح ولنكون دقيقين، وهذا ما نسعى جاهدين للقيام به".
أشارت سميث إلى أن موظفي المجلة "يعقدون اجتماعات للموازنة بين تجارب المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين ومعارضيهم"، مضيفةً: "إنهم يناقشون ما إذا كان سيتم نشر أسماء الطلاب الذين يواجهون إجراءات تأديبية، ومقارنة اختيار المصطلحات مع المؤسسات الإخبارية الأخرى، والتفكير في وجهات النظر المفقودة من القصص. كما يطلب المحررون من المراسلين الاحتفاظ بموقفهم من الأحداث لأنفسهم.
كذلك الحال في صحيفة ذا ديلي تار هيل، التي تصدرها جامعة نورث كارولينا، إذ يتخذ الطلاب الصحافيون قرارات صعبة بشأن المعلومات التي تردهم من مصادر مجهولة، كما أنّ مصوريها يحرصون على عدم إظهار وجوه الأشخاص الذي يخشون الاعتقال، بحسب مديرة التحرير ليف رايلي.
بدورها، قالت أنيكا سنكارا، محررة وسائل التواصل الاجتماعي في صحيفة هنتنغتون نيوز في جامعة نورث إيسترن، إنها تأثرت عندما تحدثت إلى زملائها الطلاب حول تجاربهم مع فض الشرطة للاعتصام المؤيد للفلسطينيين في حرم الجامعة، السبت الماضي، وقبضها على قرابة 100 طالب.
وعلى الرغم من كثرة الأسئلة والتحديات، قال معظم الصحافيين الطلاب إن الأحداث عزّزت ارتباطهم بجامعتهم، وسمحت لهم ببناء علاقات مع المجموعات الطلابية وأعضاء هيئة التدريس والإداريين. قالت ستيوارت: "نحن الذين على الأرض نرى ما يحدث بأعيننا، ولدينا درجة مختلفة من الثقة في الحرم الجامعي والتفاهم وإمكانية الوصول إلى مسرح الأحداث".