منظمة NCAC: خريطة ترصد قمع الفنانين الداعمين لفلسطين

02 يونيو 2024
من تظاهرة أمام مكتبة بروكلين في نيويورك، فبراير 2024 (مايكل نيغرو/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الخريطة التفاعلية التي أطلقها التحالف الوطني ضد الرقابة توثق التضييقات والمنع الذي يواجهه الفنانون الداعمون لفلسطين في الولايات المتحدة، مع التركيز على الأسباب المختلفة مثل الانتماء العرقي والنشاط على وسائل التواصل الاجتماعي.
- تغير نمط الرقابة من التركيز على محتوى الأعمال الفنية إلى استبعادها لمجرد احتمالية تضمينها إشارات للحرب على غزة أو انتقاد إسرائيل، مع إبراز حالات مثل إلغاء معارض وتأجيلها.
- الخريطة لا تشمل الحالات التي أجرى فيها الفنانون تغييرات احتجاجية على أعمالهم أو طرد الموظفين والطلاب من الجامعات، مؤكدة أن البيانات المقدمة تعكس جزءًا صغيرًا من حوادث الرقابة، مع التأكيد على تأثير المناخ السياسي على التعبير الفني.

التحالف الوطني ضد الرقابة (NCAC)، منظمة أميركية معنية بالدفاع عن حرية التعبير، وإتاحة المجال للأصوات والآراء التي تتعرّض للقمع. ورداً على تزايد حالات الرقابة والتضييق على الفنانين الداعمين لفلسطين في الولايات المتحدة، أطلقت المنظمة قبل أيام خريطة تفاعلية على الإنترنت يمكن من خلالها تتبع الأماكن والمؤسسات التي واجه فيها الفنانون عواقب مهنية، بسبب تعبيرهم عن آرائهم حول الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة.
توثّق الخريطة التفاعلية التي تُحدّث بانتظام لحالات المنع والتضييق التي تعرض لها عدد من الفنانين الداعمين لفلسطين منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة. يُظهر الموقع الإلكتروني أنه بين الحالات الـ22 المُسجلة على الخريطة حتى الآن، كانت هناك شكوى واحدة فقط من أحد الموسيقيين قال فيها إن حفله الموسيقي أُلغي في أريزونا بسبب دعمه العلني لإسرائيل. أما الحالات الأخرى المُسجلة فتظهر نمطاً واضحاً حول الأصوات المناهضة للعدوان، أو حتى الداعية إلى وقف إطلاق النار.

التضييق على الفنانين الداعمين لفلسطين

يوضح المؤشر أن أسباب استهداف الفنانين مختلفة، غير أن جانباً كبيراً منها له علاقة بالانتماء العرقي لهؤلاء الفنانين أو لنشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو مكمن الخطورة كما تقول إليزابيث لاريسون المُشرفة على المحتوى الفني والثقافي على الموقع. من بين الأمثلة الصريحة التي سجلها الموقع ما تعرضت له الفنانة الفلسطينية سامية الحلبي، حين ألغي معرضها في جامعة إنديانا بسبب دعمها الصريح لشعبها.
ثمة حالات أخرى شهدت تضييقاً على الفنانين بسبب الأفكار التي تتضمنها أعمالهم أو التوجه الثقافي والفكري الذي يمكن استنباطه من هذه الأعمال. بين الحالات الواردة في هذا المؤشر تأجيل متحف فريك بيتسبرغ لمعرض الفن الإسلامي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وإزالة متحف ديل باريو في نيويورك أحد الأعمال الفنية من العرض المتحفي بسبب احتوائه على ألوان العلم الفلسطيني.
بين الحالات التي نرصدها كذلك ما تعرضت له الفنانة الفلسطينية جمانة مناع من قبل مركز ويكسنر للفنون في جامعة أوهايو الأميركية. وكان من المقرر أن تتحدث الفنانة الفلسطينية في إحدى حلقات النقاش حول الفن والتغيير الاجتماعي، غير أن مُشاركتها ألغيت بسبب محتوى العمل الذي كانت ستتحدث عنه. كانت مشاركة مناع ستدور حول فكرة عملها "الباحثون عن الطعام" الذي يسلط الضوء على التضييق اليومي الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين.
تقول إليزابيث لاريسون إن الرقابة تتطور مع الوقت بشكل مخيف وواضح، إذ كان التركيز في البداية على طبيعة الأعمال الفنية ومحتواها المُباشر، ثم تطور الأمر إلى البحث في ضمائر الفنانين وآرائهم الشخصية. تضيف لاريسون: "لقد وصل بنا الحال اليوم إلى استبعاد أعمال فنية لمجرد احتمالية تضمينها إشارات غير مُباشرة للحرب على غزة، أو احتمالية أن تُفسر بأنها تنتقد إسرائيل أو الأفكار الصهيونية".
عند النقر على النقاط الحمراء على الخريطة يمكن للمستخدم الاطلاع على تقرير موجز وروابط لتقارير إخبارية أو وصلات خارجية للتعرف على طبيعة الحدث والملابسات المرتبطة به وأسماء الفنانين الداعمين لفلسطين الذين قمعوا. على هذه الخريطة التفاعلية تستحوذ مدينة نيويورك وحدها على أكبر عدد من النقاط الحمراء، إذ يُظهر الموقع ست نقاط حمراء لأماكن مختلفة. بين هذه الحالات موقع مؤسسة أوربان غلاس في بروكلين، الذي أزال عملاً فنياً من النيون يحمل عبارة من النهر إلى البحر. يشير الموقع أيضاً إلى كلية هانتر التي ألغت عرضاً لفيلم وثائقي يتتبع عدداً من الأصوات اليهودية التي تنتقد إسرائيل. لا يقتصر الأمر هنا على القطاع الثقافي، بل يمتد إلى الرقابة المنهجية على محتوى الإنترنت، إذ إن هناك المئات من الحالات التي رُصدت لإزالة محتوى مناهض للسياسة الإسرائيلية حتى لو كان هذا المحتوى يشير إلى انتهاكات حقوق الإنسان.

بعض الاستثناءات

يستثني مؤشر الرقابة الحالات التي أحدث فيها الفنانون تغييرات على أعمالهم بغرض الاحتجاج بعد تنسيقها، أو الحالات التي حالت فيها الأطر التنظيمية دون اختيار العمل الفني. لا تسجل الخريطة أيضاً حالات طرد الموظفين، أو الحالات التي أنهت فيها المعارض تمثيلها للفنانين، أو طرد مجموعات الطلاب من حرم الجامعات. كما لا يرصد الموقع الأمثلة التي اختار فيها الفنانون سحب أعمالهم من العرض العام احتجاجاً، أو الحالات التي فرض فيها الفنانون رقابة ذاتية على أعمالهم أو آرائهم خوفًا من رد الفعل العنيف. يقول القائمون على الموقع إنهم مدركون تماماً أن البيانات المقدمة على الخريطة التفاعلية لا تعكس سوى جزء صغير من حوادث الرقابة على الفنون، وأن التأثيرات المخيفة للمناخ السياسي الحالي على التعبير ربما تتجاوز الحوادث المذكورة بكثير.

وكانت الأشهر الأولى التي تلت بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، قد شهدت منع عشرت الأعمال الفنية في الولايات المتحدة ومدن أوروبية عدة، خصوصاً المدن الألمانية، سواء الحفلات الفنية أو العروض السينمائية والمعارض التي تشير بشكل أو بآخر إلى رفض العدوان والتضامن مع الفلسطينيين. وغالباً ما كانت حجة المنع مرتبطة بحجج أمنية، وهي الحجج التي رفضها أغلب الفنانين الداعمين لفلسطين في قطاع غزة.
كذلك منعت حفلات لفنانين عرب، كانوا اتفقوا قبل العدوان على إقامة حفلات في مدن أوروبية وأميركية.

المساهمون